حمزة بن لادن.. سلاح فعّال بين القاعدة وداعش

جايسون بورك – الغارديان
دعا نجل أسامة بن لادن إلى استهداف “اليهود والصليبيين” قبل عشرة أيام من تفجير مانشستر الانتحاري. الاسم وحده كان كافياً ليتصدر العناوين ويلفت انتباه أجهزة الاستخبارات في العالم. بالرغم من أن عمره لم يتجاوز 25 عاماً إلا أن كلماته سرعان ما تلقفها المحللون والمسؤولون الذين يحاولون فهم التهديد الجديد الذي يشكله الإسلاميون على الغرب. إنه حمزة بن لادن، ابن وولي عهد أسامة بن لادن مؤسس وزعيم القاعدة السابق.
قبل عشرة أيام من تفجير مانشستر الأسبوع الماضي سمع صوت حمزة من خلال تسجيل صوتي بثته القاعدة تدعو فيه أتباعها إلى استهداف “اليهود” و”الصليبيين”. في التسجيل الذي لا يتعدى 10 دقائق قال بن لادن باللغتين الإنكليزية والعربية “قوموا باختيار أهدافكم بعناية بحيث تلحقون أكبر ضرر في صفوف أعدائكم”. لم يتوصل المحققون إلى أي صلة بين الهجوم الإرهابي الأسوأ في المملكة المتحدة منذ 12 عاماً والقاعدة. التفجير الذي نفذه شاب لأبوين ليبيين في الثالثة والعشرين من العمر في المملكة المتحدة تبناه تنظيم داعش في العراق وسوريا.
خلال الأعوام السابقة طغى داعش على القاعدة بحيث تسري مخاوف من استخدام حمزة بن لادن رأس حربة في عودتها من جديد. يقول بروس هوفمان الخبير الأميركي في شؤون الإرهاب ومدير مركز الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون لصحيفة “واشنطن بوست” “من منظور القاعدة الآن هو الوقت المثالي له لجهة عمره من أجل تسلم مقاليد السلطة”.
لكن آخرين يشككون في خبرة نجل بن لادن أو قدرته على أداء مثل هذا الدور. أدريان ليفي، مؤلف كتاب عن سيرة عائلة بن لادن والقاعدة، قال “إن حمزة يحمل إسم العائلة لكن هذا كل شيء. هو لا يمكن أن يكون الشخصية القيادية التي تواجه القوات العسكرية والاستراتيجية التي يقودها أشخاص أكثر ارتباطاً وخبرة وقدرة”.
بدلاً من ذلك يبدو أن القوة في القاعدة تحوّلت لتنحصر بين شخصيتين رئيسيتين: أبو محمد الجولاني الذي يقود فرع التنظيم في سوريا، وسيف العدل البالغ من العمر 55 عاماً وهو أحد الناجين من الجيل الأول من الاسلاميين وقد اتهم بدوره بتفجير السفارات الأميركية في شرق أفريقيا في 1998.
العدل الذي كان محتجزاً في إيران منذ 2002 حتى العام الماضي حيث أطلق سراحه وتوجه إلى سوريا، يصفه مسؤول غربي تحدث شرط عدم الكشف عن اسمه بأنه “أحد أكثر المتطرفين خطورة وقدرة ونشاطاً اليوم”.
الشخصية الاعلامية لحمزة بن لادن الذي وصفته الولايات المتحدة الأميركية في وقت سابق من هذا العام بـ”الإرهابي العالمي” تناسب كلا الرجلين (الجولاني والعدل).
بحسب ليفي فإن “العدل التزم الصمت على نحو تام. تاريخه وخبرته غير عاديين. هو مفكر استراتيجي لكنه لا يحب الإطلالات العلنية”. أما الجولاني الذي بات أبرز اللاعبين في الحرب الأهلية السورية فقد ظهر في مقابلات أحياناً لكنه باستثناء ذلك يتجنب وسائل الإعلام. الرجل البالغ من العمر 43 عاماً بذل جهوداً مضنية لحشد الدعم الشعبي لتنظيمه التي اعيدت تسميتها مؤخراً الى هيئة تحرير الشام بعد قطعها الروابط ظاهراً مع القاعدة.
يعمل كلّ من العدل والجولاني معاً من أجل تكريس حضور دائم للقاعدة في سوريا. المشروع ملحّ في خضم محاولة الجماعة العودة إلى واجهة التيار الجهادي العالمي بعد سنوات من طغيان داعش عليه حيث انفصل الاخير عن القاعدة قبيل إطلاق حملته للسيطرة على العراق وسوريا وإعلان الخلافة في بلاد الشام في 2014.
إن قدرة داعش على تجنيد عشرات الآلاف فضلاً عن تنظيم وإلهام موجة من الهجمات الدموية في الغرب عزز موقعها البارز. مع ذلك شقت القاعدة طريقها في أفريقيا واليمن وأظهرت ثباتاً هناك.
كلّ من التنظيمين يدعي أنه وريث تفكير بن لادن الاستراتيجي وصاحب إرثه. ما يجعل من حمزة الابن الخامس عشر لبن لادن سلاحاً فعالاً في الصراع الحاد بينهما.
كبر حمزة في السودان وأفغانستان حيث استقر والده بين عامي 1991 و2002. في عمر الطفولة والمراهقة ظهر مراراً في فيديوهات ترويجية للقاعدة. تكشف المراسلات عن علاقة قوية كانت تربطه بوالده لكن لا أدلة كثيرة على أنه جرى تحضيره لتولي دور قيادي.
لا قرار رسمياً اتخذ بشأن خليفة بن لادن قبل مقتل الأخير على يد قوات أميركية خاصة في أبوت آباد في باكستان حيث عاش لعقد من الزمن. أحد أبناء زعيم القاعدة ويدعى خالد قتل في الغارة فيما توفي ابنه الآخر سعد في غارة لطائرة من دون طيار في 2009.
الزعيم الرسمي للتنظيم منذ مقتل أسامة بن لادن في 2011 هو أيمن الظواهري طبيب الأطفال البالغ من العمر 65 عاماً الذي يفتقر للكاريزما. حمزة الذي يعتقد أنه موجود حالياً عند الحدود باكستان الغربية متزوج وله ثلاثة أطفال: صبي يدعى أسامة وخيرية وطفل ولد حديثاً. ويعتقد أنهم جميعاً في إيران. أول ظهور علني لحمزة بن لادن منذ عامين حيث دعا في تسجيل صوتي إلى شن هجمات، لكن رسائله اللاحقة جاءت في أعقاب تطوير فكرة أوسع في أوساط قياديي القاعدة تقوم على توحيد المجموعات المتطرفة مع زيادة التركيز على العمليات الفردية.