نيويورك تايمز: “اوامر ترامب” وراء قتل الاعداد الهائلة من المدنيين في العراق

بغداد – الاعمار
قبل أسبوعين، اعترف الجيش الامريكي أخيراً بما قام به منذ اشهر من جرائم بحق المدنيين العراقيين. ولاسيما دور التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن منذ شهر آب من العام 2014، حيث قتل التحالف المدنيين العراقيين والسوريين بمعدلات مذهلة في الأشهر الاربعة منذ تولي الرئيس ترمب منصبه.
وقال رئيس لجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة إن “خسارة المدنيين المذهلة في مناطق الصراع باتت لا تُصدق”. فيما قالت القيادة المركزية للولايات المتحدة المسؤولة عن الشرق الأوسط في بيان اصدرته يوم 2 حزيران إن “ما لا يقل عن 484 مدنياً قتلوا بسبب ضربات التحالف الدولي”.
وقبل أربعة أشهر، ذكرت القيادة المركزية إن ما لا يقل عن 199 مدنياً قتلوا في الغارة الجوية. تقديرات المراقبين المستقلين تبدو أدق بكثير من البيانات الرسمية المضللة. فقد قالت ايروارز، وهي مجموعة معنية بمراقبة الغارات الجوية التي يشنها التحالف الدولي إن “ما يقرب من 4000 مدني قتل خلال حملات التحالف الدولي”.
وقد ارتفع عدد المدنيين القتلى بشكل رئيسي خلال انتقال المعارك داخل المدن الكبرى، في ظل تخفيض الجيش الامريكي من بياناته بشأن اعداد القتلى ناهيك عن تخفيفه الرقابة والتحقيق والمساءلة عن الخسائر الواقعة بين المدنيين.
ولا أحد يعرف اسباب هذه الاخطاء المأساوية، او لماذا لم يطبق الجيش الامريكي معايير تجنب ارواح المدنيين الى الخطر.
ترمب حين وصل الى السلطة اعطى “الاذن الكامل” لاتخاذ قرار بشأن كيفية استخدام القوة المفرطة. فيما قال وزير الدفاع جيمس ماتيس في 28 آيار الماضي إن قواعد الاشتباك لن تتغير. أي بمنى انه لا توجد هناك نوايا لحماية الابرياء.
وأحد الأسباب الهائلة في ارتفاع اعداد الوفيات، هو أن الولايات المتحدة اسقطت المزيد من القنابل بنسبة 20 في المائة عن الأشهر الأربعة الاخيرة من رئاسة اوباما قياساً بالاشهر الأربعة الأولى من تولي ترامب السلطة.
كما وقعت المزيد من الاضطرابات في المناطق المأهولة بالسكان، مثل الموصل آخر معاقل داعش في العراق. وبررت القيادة الامريكية، ان القنابل الساقطة، كان هدفها ضرب القناصين الذين فجروا عبوة ناسفة دمرت المبنى الذي كان فيه مدنيون في 17 آذار من الشهر الماضي. وبما أن مسلحي داعش يستخدمون المباني السكنية كمراكز للقيادة والمواقع القتالية، فإنه من غير الممكن مقتل هذا الكم من المدنيين، إلا بعوامل أخرى مثل الغارات الجوية.
ومع ذلك ظهرت عوامل أكثر اثارة بشأن مقتل المدنيين الابرياء، حتى مع سرعة الجيش الامريكي في قصفه الأهداف.
حتى يوم 13 آذار من الشهر الماضي، لم يكن للجيش الامريكي سوى شخصين يبحثان عن إصابات بين المدنيين العراقيين. إذ يوجد حالياً سبعة محققين متفرغين لمراقبة الغارات، لكن التزامهم ضئيل بالنظر الى 10 آلاف جندي امريكي متمركز في قطر بمقر القيادة الجوية الامريكية.
في امريكا لم تعد هناك مساءلة على هذه الخروقات. ففي 26 آيار الماضي، أكد ضابط لصحفي عسكري أن البنتاغون لن يعترف بالغارات المسؤولة عن حوادث الاصابات بين المدنيين. وبدلاً من ذلك ستكون مخفية وتحت مظلة “التحالف الدولي”. وكان الجيش الامريكي مسؤولاً عن 95 في المائة من الغارات الجوية في سوريا، و68 في المائة بالعراق.
ولم يبد الكونغرس اهتماماً كبيراً في تحديد الأسباب الجذرية وراء هذا الكم من الوفيات الآخذ بالتصاعد، ولم يحمّل القادة مسؤولية الخروقات ولم يهددهم بتعريضهم للمساءلة. بينما يمكن للكونغرس أن يمارس دوره الرقابي في تكليف البنتاغون بالابلاغ عن الخطوات التي يتخذها الاخير للتخفيف عن أضرار المدنيين وزيادة التدريب لتوعية ضباط التحالف الدولي وعقد جلسات استماع مع كبار المسؤولين العسكريين لتجنب هذه الاصابات.
ومنذ بدء الحرب الجوية، اطلق التحالف الدولي 22 الف غارة، ادعى المسؤولون العسكريون مراراً انهم “يفعلون ما هو ممكن” لحماية المدنيين!.