طريقة سانت ليغو المُحرفة وصنع الأغلبية الباغية !

إحسان جواد كاظم
André Sainte-Laguë لعل الرياضي الفرنسي (1882 – 1950) يتقلب في قبره بعد اقرار مجلس النواب العراقي لطريقته في توزيع الاصوات الانتخابية بعد تحريف.
فقد كانت فلسفته من ابتكار هذه الطريقة هو احقاق الحق, قدر الامكان, وتوسيع المشاركة الديمقراطية بينما يريد اسلامچـية السلطة وحلفائهم في المحاصصة بعد تحريفها, تسخيرها لضمان استمرار وجودهم على قمة السلطة رغم انف الناخب العراقي, بسرقة صوته الانتخابي واحتسابه لمن لم ينتخبه ولصالح من لايستحقه ولجهات لم تهتم يوماً بآلامه وآماله, بل تناصبه العداء فكراً وسلوكاً. وفرضهم من ثمة, ذات قياداتهم الفاسدة الفاشلة واقصاء الوطنيين الرافضين لسياساتهم التدميرية.
وبين الحل والحيلة يتراوح اجتهاده. بعد ان حوّلوا طريقته في احتساب الاصوات من حل لضمان حقوق المصوتين الى حيلة لسلبها لصالحهم.
وبعد ان استفادوا من نهج المحاصصة الطائفية – العرقية, النهبوي المُدان والغير شرعي دستورياً, في ترتيب اوضاعهم من خلال سرقة المال العام والتغلغل في مؤسسات الدولة والمجتمع وشراء الأتباع وترهيب المواطنين, يسعون اليوم الى تأبيد وجودهم في السلطة بأرساءه على اساس قانوني من جانب, ولأبعاد شبح المسائلة القانونية عما جلبوه من مآسٍ بحق العراقيين خلال سنوات حكمهم الماضية العجاف, من جانب آخر.
وفي محاولتهم للخروج من هذا المأزق الذي وضعوا انفسهم فيه, لجأوا الى خيار التشبث بالسلطة بأية طريقة, كحل أنجع وأسلم, حتى ولو بلوي عنق القوانين وهضم الحقوق, كما حدث بالألتفاف على تشكيل مفوضية مستقلة حقاً للانتخابات اوعلى سن قانون احزاب ديمقراطي اوقانون انتخابي منصف… ألحقوها بقيامهم, هذه الايام, بمناورة لم تنطل على المواطن العراقي الواعي, بطرح سقف عالٍ لطريقة احتساب الاصوات الانتخابية متمثلاً بسانت ليغو 1,9 لجس نبضه, ليجري التساوم عليها لاحقاً بعد الرفض الشعبي الواسع لتوجه الهيمنة الجائرة ثم القبول بقاسم 1,7 والظهور بمظهر المتنازل والمستجيب للضغط الشعبي في اختبار فاشل لنباهة وانتباهة هذا المواطن, لأن هذا القاسم الجديد ايضاً لايطمّن مطالب القوى الشعبية في احتساب الاصوات الانتخابية على اساس مبدأ تكافؤ الفرص وعدم التمييز بين المواطنين المعتمد في الدستور.
ولم تعد مبرراتهم, بأن اعتماد قاسم 1,9 في توزيع الاصوات او غيره من قواسم التي تضمن هيمنة الكتل الكبيرة على الساحة السياسية والحكم, وتقوض وجود الكتل والاحزاب الصغيرة في مجالس المحافظات, سيدفع خططها في البناء نحو التحقيق, تقنع أحداً. بل انها مجرد هراء!
فلن نقتنع ابداً بأن سرقتهم للمال العام ومصادرة حقوق المواطنين وحرياتهم وفشلهم في تقديم الخدمات طوال سني حكمهم كانت بسبب مماحكات هذه الكتل الصغيرة ومضايقاتها لهم.
ثم انحدروا, بسبب تداعي موقفهم الاخلاقي, لترقيع سمعتهم السيئة, نحو كيل الاتهامات لمعارضيهم من ديمقراطيين مدنيين, برميهم بالالحاد او بالخيانة الفكرية, لتشويه صورتهم شعبياً. لكنهم لن يستطيعوا رميهم بتهم الفساد وسرقة قوت الفقراء والتبعية لقوى اجنبية على حساب مصالح الوطن العراقي. كما لا يمكن اتهامهم بأعتناق فكر طائفي, هو اشد فتكاً من الالحاد, أشعل نار فتنة طائفية دموية مدمرة, وهيأ البيئة الملائمة لنمو قوى الارهاب مثل القاعدة وداعش وغذى الفكر الظلامي الرجعي في المجتمع.
ان تشكيل دكتاتورية الاغلبية الباغية من احزاب ثيوقراطية وقومية عصبوية حاكمة, بأستغلال آليات الديمقراطية لسد الطريق امام عملية التغيير والاصلاح الحقيقي, اصبحت دون أفق, بعد استفحال الأزمة وتنامي الوعي الشعبي, رغم الامكانيات السلطوية التي بحوزتها من ميليشيات مسلحة وامبراطوريات مالية واعلامية وعصابات مافيا فساد تابعة مستحكمة في اجهزة الدولة, لأن حساب هذه الاحزاب التي فقدت الثقة الشعبية بها, سيكون عسيراً, فالشعب يُمهل ولن يُهمل.