هل البصرة مستعدة لتكون عاصمة الثقافة العربية؟

محمد السيد محسن*
بمشاركة عربية واسعة رسمية ومنظمات ومؤسسات تعنى بالثقافة عقدت في العاصمة السعودية الرياض اعمال الدورة التاسعة عشرة لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي
الندوة عقدت تحت عنوان “اللغة العربية منطلقاً للتكامل الثقافي والانساني”
وفِي هذه الدورة التي تقترن البصرة بعنوانها الرئيس على اعتبار أن اول مدرسة لغوية في العالم العربي والإسلامي تأسست فيها، في هذه الدورة اقرت البصرة عاصمة للثقافة العربية لعام 2018 ، الامر الذي علق عليه الكثير من المثقفين البصريين بشكل مثير لان مدينة البصرة ليست عاجزة تاريخياً كي تكون قلباً للثقافة العربية ، بل ان واقعها الصعب هو الذي يصنع الاشكالية في استعدادها كي تنبري لهذا الدور
مدينة البصرة التي زارها قبل أسبوعين فقط رئيس التحالف الوطني السيد عمار الحكيم وخرج منها مستنكراً ومحذراً من كثرة الرايات الاسلاموية غير الرسمية التي ترفع في المدينة منها ما ينتمي “ادٍعاءاً” للحشد الشعبي
مدينة البصرة التي تشهد اعتداءات بشكل يومي على محلات الموسيقى ومحلات بيع اشرطة الأغاني والافلام
مدينة البصرة التي تشتهر الان بالمخدرات وأنواع الكريستال .. لا اقصد مادة الكريستال المتعارف عليها ، وإنما هو نوع بدأ يشتهر من المخدرات
مدينة تحولت من بيئةٍ ناقلة للمخدرات الى واحدة من اهم المدن المستهلكة للمخدرات
مدينة يفوق الفساد فيها دولاً كبيرة وبميزانيات عالية جداً ، الامر باعتراف رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي الذي قال في مؤتمر صحفي ان حظ البصرة العاثر هو الذي يجعلها مكاناً لتنافس غير نزيه ، العبادي أضاف ان مدينة البصرة استحوذت على أموال كبيرة من ميزانية الدولة الاتحادية ولكن الفساد هو الذي ينخر مؤسساتها
مدينة لم تستطع حكومتها المحلية ان توفر الماء الصالح للشرب
وقد بثّ ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي قبل ايام مقاطع لأنابيب المياه الناقلة وقد عجّت بالعقارب الصغيرة ، الامر الذي برره بعض اصحاب القرار في البصرة بان مشكلة البصرة هي اندماج شبكة الصرف الصحي مع شبكة المياه الناقلة
مدينة يتم اغتيال المطرب بها اذا جاهر بغنائه
مدينة يقتل فيها من يعثر في صندوق سيارته على قنينة كحول ، على الرغم ان العراق كدولة مدنية لم يقر لحد الان قانوناً يمنع اقتناء او احتساء او المتاجرة بالكحول
مدينة لا يستطيع الناشط المدني فيها ان يرفع قامته الا ويعبر عن خشيته من ان يستهدف من بعض الإسلاميين المتشددين الذين يحاولون مراراً إرسال رسائل سلبية لكل المواطنين بأنهم هم اصحاب القرار
مدينة عادت تحتكم لنظم القبيلة وتنحني قامات مثقفيها خوفاً وذعراً مع كل معركة تنشب بين عشائر تسكنها
مدينة الزمخشري والجاحظ وابي حسن البصري والسياب وفؤاد سالم ومحمود البريكان
ماذا بقي من إرثها الثقافي كي تتصدى لمشهد الثقافة العربية ؟
وأود ان أشير الى احدى مهرجانات المربد الشعري التي جرت قبل أعوام قليلة وحين كانت الفرقة البصرية للفنون الشعبية تستعد لتقديم لوحة راقصة من تراث البصرة ، فما كان من احد الشيوخ “من اصحاب القرار النافد في المدينة” الا ان اصدر قراره بمنع الفنانات البصريات من تقديم اللوحة الراقصة الا بعد ارتداء الحجاب،، اجل صدقوني .. وتأخر العرض لمدة نصف ساعة الى ان جيء بحجاب لكل واحدة وقدمن العرض الراقص وهنّ يرتدين الحجاب .. من جانبه ترك الشيخ شعر الراقصات المغري لانه غُلٍّفَ بالحجاب واستمتع بمفاتنهنَّ الاخرى ليعلن انتصار القيم الجديدة على الحرية
بعد كل هذا نتساءل: هل البصرة فعلاً مستعدة لتكون عاصمةً للثقافة العبية؟

*رئيس التحرير