فرص نجاح الاتفاق الروسي الإيراني التركي حول سوريا

عبد الباري عطوان
الاتفاق الذي وقعه ممثلو روسيا وايران وتركيا في مدينة آستانة اليوم، ونص على إقامة مناطق “تخفيف التصعيد” في سورية تنفيذا لخطة قدمها الرئيس فلاديمير بوتين بعد لقائه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، وتلقيه مكالمة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يمكن ان يشكل “خريطة طريق” حقيقية، وفاعلة، للقضاء على تنظيمي “الدولة الإسلامية” و”هيئة تحرير الشام” او النصرة، وتثبيت وقف اطلاق النار، وإعادة الحياة الى منظومة جنيف للتوصل الى حل سياسي، اذا جرى الالتزام به وتطبيقه حرفيا، ولكن هناك شكوك تحول دون اغراقنا في التفاؤل، بالنظر الى ما حدث لاتفاقات مماثلة.
الدول الثلاث الضامنة للاتفاق وهي روسيا وايران وتركيا، وهي صاحبة القرار على الأرض السورية، لانها تخوض حربا بالنيابة فيما بينها، فروسيا وايران تدعمان الحكومة السورية، وتركيا تدعم الفصائل المسلحة المصنفة معتدلة.
هذا الاتفاق هو تطبيق عملي لاقامة “مناطق آمنة” في اربع مناطق سورية، هي ادلب وريف دمشق ودرعا ومنطقة الرستن في حمص، ولكن لان تعبير “المناطق الآمنة” يثير حساسيات لبعض الأطراف السورية، وخاصة الحكومة في دمشق، وحلفائها الإيرانيين، جرت عملية التفاف لغوي على هذا التعبير، واستبداله بصيغة “مناطق تخفيف التصعيد”، ولكن المعنى واحد، والخلافات طفيفة، في نظر الكثيرين.
اهم نقطة في هذه “الوثيقة” في رأينا، النص حرفيا “على الدول الثلاث الضامنة لهذا الاتفاق، مساعدة القوات الحكومية السورية، والمعارضة المسلحة، على قتال تنظيمي داعش والنصرة ومن يتبعهما، وكذلك تشكيل فريق عمل لانشاء المناطق الآمنة في غضون خمسة أيام”.
الاتفاق ليس مثاليا، ونتفق مع الرئيس رجب طيب اردوغان الذي وضع تفاصيله اثناء لقائه مع الرئيس بوتين في سوتشي في روسيا، في انه ربما يحقق اكثر من 50 بالمئة من حل الازمة السورية اذا قدر له التطبيق بنجاح والتزام جميع الأطراف ببنوده، لانه سيوفر العودة الآمنة والطوعية لعشرات، وربما مئات الآلاف، من اللاجئين السوريين، والايصال الفوري لمواد الإغاثة والمساعدات الطبية، والاهم من كل ذلك، الوقف الفوري لاطلاق النار وحقن الدماء، وتحسين الظروف الانسانية لملايين السوريين في المناطق الأربع.
فرص نجاح الاتفاق معقولة، لان الخيارات البديلة كارثية، والشعب السوري بات يتطلع الى حقن الدماء والتقاط الانفاس بعد ست سنوات من القتل والتدمير، ولكن يمكن القول في الوقت نفسه، ان احتمالات “التخريب” واردة، فهناك قوى عديدة جرى تهميشها، وعدم إعطاء أي دور لها في هذا الاتفاق، ربما تحاول، ومن خلال رجالها، واموالها، خرق قاع السفينة، ومارست الدور نفسه في اتفاقات سابقة.. والله اعلم.