المحفظة الاستثمارية في العراق
د. مصطفى كامل رشيد
تعرف المحفظة الاستثمارية بانها مجموعة الاصول المالية والحقيقية التي تمتلكها الوحدة الاقتصادية بوصفها افراداً او مؤسسات ذات ملكية عامة او خاصة. وبطبيعة الحال فان الهدف من هذه المحفظة هو تقليل مستوى الخسائر وتحقيق زيادة نسبية في معدلات الارباح. اذ يجري تنويع استثمارات الوحدات الاقتصادية على نحو جيد ما بين اصول مالية (اسهم وسندات) وحقيقية (اراض واستثمارات في المباني والمؤسسات والمراكز التسويقية).
ان الافراد والمؤسسات على حد سواء يسعون الى تحقيق اكبر قد ممكن من الارباح في ظل الخيارات التي يجدون من الممكن الافادة منها، اية خيارات متاحة ضمن حدود امكانياتهم المادية، وهنا لابد من تحقق شرطين احدهما وفرة الخيارات النابعة من بيئة مصرفية ومالية وحقيقية جيدة ، والشرط الثاني يتمثل بوجود رغبة لدى الافراد والمؤسسات من اجل ولوج تجربة تنويع محفظة الاستثمار ، مايتطلب وجود وعي والمام واهتمام من قبل هؤلاء من اجل تحقق عملية الاستخدام للمحفظة الاستثمارية.
ان تنويع الاصول الاستثمارية يحقق العديد من المزايا اهمها تقليل الخسائر التي قد يتعرض لها حائز المحفظة فضلا عن تراكم معدلات الارباح في الاستثمارات الامنة والجيدة.
ان رغبة الافراد والمؤسسات في استثمار المحفظة الاستثمارية يعد تقليداً شائعاً في الاقتصادات المتقدمة، التي تمثل انسجاماً بين الافراد والمؤسسات الاستثمارية من اجل تحقيق مصالح من شأنها ان تعود بالنفع لكليهما. لكن هل الامر كذلك في العراق؟ .
تتصف بنية النظام الاقتصادي في العراق بضعف استخدام الافراد والمؤسسات للمحفظة الاستثمارية، بسبب محدودية الخيارات المتاحة لهم من بيئة استثمارية مستقرة واسواق مالية ومصرفية فاعلة، فضلا عن عدم رغبة الافراد في استخدام المحفظة الاستثمارية لعدم فهمهم واستيعابهم لها، ومن ثم يصبح استخدام المحفظة الاستثمارية في العراق أمراً نادراً ما يؤدي الى تشويه بيئة الاعمال والنشاط المالي والمصرفي بالاقتران مع محدودية اشكال الثروة التي بحوزة الافراد.
قد يتراجع التنويع في استخدام المحفظة الاستثمارية في بعض البلدان النامية مابين مصدرين او ثلاثة او اربعة في احسن الاحوال في الاصول المالية والمصرفية والحقيقية، لكن ان يمتنع الغالبية العظمى من افراد ومؤسسات عن استخدامها فهذه الحالة نجدها حصراً في بلدنا.
ان هذا التراجع الكبير في استخدام المحفظة الاستثمارية في العراق يعود الى اسباب مؤسسية يرتبط بضعف كفاءة المؤسسات التي تولد مجموعة الخيارات للباحثين عن الاستثمار، واسباب تتعلق بظروف البلد غير المستقرة التي انعكست سلباً في رغبة المؤسسات المولدة لفرص الاستثمار والافراد المستخدمين لمحافظ الاستثمار، فضلا عن عدم رغبة الفرد من مواكبة صيغ التطور في مجال محافظ الاستثمار واعطائها اهمية في مجال صناعة قرار الاستثمار.
هذا الامر أدى بالمحصلة النهائية الى تراجع واضح وكبير في صيغ الاستثمار وتنويع المحافظ الاستثمارية من اجل تقليل المخاطر وزيادة العوائد، فالسندات باتت تجارة غير معرفة لدى غالبية السكان، والاسهم اصبحت عرفاً غير مندرج في الاهتمامات المالية للافراد ، اما الودائع فانها تشكل نسبة ضئيلة من استثمارات الافراد نظراً لما يقتضيه الروتين الاداري في اتمام الصفقات التجارية، والذهب بات بديل مشكوك في أمر عائديته بسبب عدم التزام سوقه بالتعليمات والضوابط التي تنظمه.
وعليه تصبح العملة الشكل الوحيد للثروة التي يثق فيها سكان العراق ويتفقون عليها بشكل تام بوصفها المحفظة الاستثمارية في الوقت ذاته، وتمثل جميع فرص النجاة والامان المتاحة امامهم سواء أكانت تلك العملة محلية و/أو أجنبية.