معرض بغداد للكتاب والامل

رافد جبوري
الاخبار‭ ‬التي‭ ‬وصلتني‭ ‬عن‭ ‬معرض‭ ‬بغداد‭ ‬للكتاب‭ ‬مليئة‭ ‬بالامل‭. ‬عندما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬السلبيات‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬نعيش‭ ‬فيه‭, ‬نسمع‭ ‬احيانا‭ ‬كلاما‭ ‬من‭ ‬اشخاص‭ ‬وجهات‭ ‬مأزومة‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬اي‭ ‬نقد‭ ‬تهديدا‭ ‬لها‭ ‬ولوضعها‭. ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬مهما‭ ‬بل‭ ‬المهم‭ ‬هي‭ ‬الحقيقة‭ ‬وهي‭ ‬غايتي‭ ‬التي‭ ‬ابحث‭ ‬عنها‭ ‬واكتب‭ ‬عنها‭ ‬ومن‭ ‬اجلها‭. ‬ومن‭ ‬افضل‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬والقراءة‭ ‬سبيلا‭ ‬الى‭ ‬الحق‭ ‬والحقيقة‭. ‬لهذا‭ ‬اكتب‭ ‬هنا‭ ‬عن‭ ‬الايجابيات‭ ‬وعن‭ ‬الجانب‭ ‬المشرق‭, ‬عن‭ ‬معرض‭ ‬بغداد‭ ‬للكتاب‭. ‬

اكثر‭ ‬من‭ ‬صديق‭ ‬اتصل‭ ‬بي‭ ‬او‭ ‬راسلني‭ ‬من‭ ‬بغداد‭ ‬ليصف‭ ‬لي‭ ‬حجم‭ ‬الاقبال‭ ‬والاجواء‭ ‬الايجابية‭ ‬في‭ ‬المعرض‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬المعرض‭ ‬مناسبة‭ ‬استعراضية‭ ‬بل‭ ‬موشرا‭ ‬حقيقيا‭ ‬على‭ ‬حجم‭ ‬اقبال‭ ‬العراقيين‭ ‬على‭ ‬القراءة‭ ‬بدليل‭ ‬ان‭ ‬معظم‭ ‬الزائرين‭ ‬يغادرون‭ ‬باكياس‭ ‬مليئة‭ ‬بالكتب‭ ‬التي‭ ‬يشترونها‭. ‬وحجم‭ ‬المبيعات‭ ‬سواء‭ ‬شئنا‭ ‬ام‭ ‬ابينا‭ ‬يمثل‭ ‬موشرا‭ ‬هاما‭ ‬على‭ ‬حجم‭ ‬الاقبال‭ ‬على‭ ‬القراءة‭ ‬والمعرفة‭. ‬موشر‭ ‬المبيعات‭ ‬اهم‭ ‬من‭ ‬البعد‭ ‬الرومانسي‭ ‬التقليدي‭ ‬الذي‭ ‬يربط‭ ‬النجاح‭ ‬التجاري‭ ‬بمجاراة‭ ‬الجمهور‭ ‬بما‭ ‬يضعف‭ ‬نوعية‭ ‬الكتاب‭, ‬مسوولية‭ ‬الكاتب‭ ‬هي‭ ‬ان‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬النوعية‭ ‬وعلى‭ ‬عناصر‭ ‬الجذب‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬وعلى‭ ‬هذه‭ ‬المعادلة‭ ‬الصعبة‭ ‬يتحدد‭ ‬النجاح‭. ‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬اي‭ ‬كتاب‭ ‬ممنوع‭, ‬تباهى‭ ‬احد‭ ‬اصدقائي‭ ‬موشرا‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬اي‭ ‬معرض‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬لابد‭ ‬ان‭ ‬تغلق‭ ‬ابوابه‭ ‬بوجه‭ ‬كتب‭ ‬معينة‭. ‬معرض‭ ‬بغداد‭ ‬ضم‭ ‬كتبا‭ ‬لرجال‭ ‬دين‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الطوائف‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬وضم‭ ‬ايضا‭ ‬كتبا‭ ‬ناقدة‭ ‬للدين‭ ‬بصورة‭ ‬عامة‭. ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬نقطة‭ ‬ضوء‭ ‬جميلة‭ ‬رغم‭ ‬ان‭ ‬الفضاء‭ ‬خارج‭ ‬المعرض‭ ‬تسيطر‭ ‬عليه‭ ‬جماعات‭ ‬لا‭ ‬تتردد‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬احكامها‭ ‬بالقوة‭ ‬اذا‭ ‬تقاطعت‭ ‬ارادة‭ ‬الافراد‭ ‬او‭ ‬المجتمع‭ ‬مع‭ ‬مصالحها‭. ‬ولعلي‭ ‬اسمح‭ ‬لنفسي‭ ‬بالقول‭ ‬ان‭ ‬ازدياد‭ ‬الوعي‭ ‬قد‭ ‬يشكل‭ ‬سلاحا‭ ‬مهما‭ ‬يقوي‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬ضعيفا‭ ‬جدا‭. ‬اتكلم‭ ‬عن‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬الحقيقي‭ ‬لا‭ ‬ذلك‭ ‬المزيف‭ ‬الذي‭ ‬نمت‭ ‬له‭ ‬منظمات‭ ‬كاذبة‭ ‬بعد‭ ‬2003‭ ‬كانت‭ ‬فقط‭ ‬واجهة‭ ‬للكسب‭ ‬المادي‭. ‬

رغم‭ ‬ان‭ ‬بعض‭ ‬الاصوات‭ ‬اشتكت‭ ‬من‭ ‬غياب‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬عن‭ ‬المعرض‭ ‬الا‭ ‬انني‭ ‬ارى‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مؤشرا‭ ‬ايجابيا‭. ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬اظن‭ ‬الحضور‭ ‬الحكومي‭, ‬لو‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬حصل‭, ‬ليتجاوز‭ ‬الجانب‭ ‬الاستعراضي‭ ‬الذي‭ ‬يجير‭ ‬الحدث‭ ‬لمصلحة‭ ‬اطراف‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬الانتخابات‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬مبادرات‭ ‬حقيقية‭ ‬تشجع‭ ‬الثقافة‭ ‬والفكر‭. ‬لكن‭ ‬المعرض‭ ‬كان‭ ‬نشاطا‭ ‬يستند‭ ‬الى‭ ‬اساس‭ ‬تجاري‭ ‬اقتصادي‭ ‬يعكس‭ ‬اهتمام‭ ‬الجمهور‭ ‬ويمثل‭ ‬جذبا‭ ‬لشرائح‭ ‬اخرى‭ ‬كانت‭ ‬تنتظر‭ ‬تظاهرات‭ ‬ثقافية‭ ‬بهذا‭ ‬الحجم‭ ‬والنوع‭. ‬

غابت‭ ‬ايضا‭ ‬عن‭ ‬المعرض‭ ‬المظاهر‭ ‬الاستعراضية‭ ‬التي‭ ‬يشتكي‭ ‬المثقفون‭ ‬الحقيقيون‭ ‬من‭ ‬انها‭ ‬باتت‭ ‬تاخذ‭ ‬حيزا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬المتنبي‭, ‬الذي‭ ‬يبقى‭ ‬السوق‭ ‬الاسبوعي‭ ‬للكتب‭ ‬والثقافة‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬لكن‭ ‬اضافة‭ ‬نقطة‭ ‬توزيع‭ ‬اخرى‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬الكتاب‭ ‬السنوي‭ ‬تمثل‭ ‬اضافة‭ ‬وتعزيزا‭ ‬للنشاط‭ ‬الثقافي‭.‬

ما‭ ‬حضر‭ ‬كان‭ ‬جلسات‭ ‬نقاشية‭ ‬حقيقية‭ ‬مع‭ ‬كتاب‭ ‬عراقيين‭ ‬وعرب‭ ‬تحدثوا‭ ‬مع‭ ‬القراء‭ ‬العراقيين‭ ‬في‭ ‬حوارات‭ ‬جادة‭ ‬اشرت‭ ‬متابعة‭ ‬الجمهور‭ ‬العراقي‭ ‬للانتاج‭ ‬الثقافي‭ ‬العراقي‭ ‬والعربي‭. ‬تحدى‭ ‬القراء‭ ‬العراقيون‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يقال‭ ‬عن‭ ‬صعوبة‭ ‬نجاح‭ ‬الكتاب‭ ‬وقراءته‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ . ‬ورغم‭ ‬ان‭ ‬الشباب‭ ‬متهم‭ ‬بالادمان‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الوسائل‭ ‬الا‭ ‬ان‭ ‬جزءا‭ ‬مهما‭ ‬من‭ ‬جمهور‭ ‬المعرض‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الشباب‭. ‬ونقل‭ ‬لي‭ ‬ان‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬الكتب‭ ‬كانوا‭ ‬يحملون‭ ‬هواتفهم‭ ‬الذكية‭ ‬بايديهم‭ ‬ويسالون‭ ‬عن‭ ‬عناوين‭ ‬معينة‭, ‬مما‭ ‬يشي‭ ‬بالتداخل‭ ‬بين‭ ‬شرائح‭ ‬المتلقين‭. ‬فمن‭ ‬يستخدم‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬يقرأ‭ ‬الكتب‭ ‬ايضا‭. ‬

تحية‭ ‬للكتب‭ ‬وعشاقها‭ ‬العراقيين‭, ‬وشكرا‭ ‬لبادرة‭ ‬الامل‭ ‬التي‭ ‬صنعوها‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬صعبا‭ ‬ومليئا‭ ‬بالالام‭. ‬