خطاب انتخابي مشوه!
د. علي شمخي
تراجعت الى حد كبير عناوين البرامج الانتخابية للمرشحين في العراق اتساقا مع الفشل الذريع في تحقيق التطلعات والامال التي كان يعقدها الناخبون على النخب السياسية التي توالت على اشغال المناصب التشريعية والتنفيذية وباتت فرص التاثير في الراي العام ضئيلة مع انعدام اية مكتسبات حقيقية يمكن للاحزاب والكيانات تحقيقها او وعد جمهورهم بها واذا كان الارهاب وتهديداته الداخلية والخارجية والانقسام الطائفي والخشية من عودة حزب البعث الى السلطة مجددا هي عناوين بارزة في الدورات الانتخابية السابقة فان استهلاك هذه العناوين وادراك الشعب العراقي لنوايا الكثير من الجهات باعادة توظيفها في البرامج الانتخابية بشكل مزيف سيساهم كثيرا في افشال اعادة ترويجها او تسويقها في الانتخابات الحالية وللاسف الشديد فان ثمة توظيف لعناوين اخرى يحمل في طياته انتهازية واضحة واستغلال بشع لمعاناة قطاعات واسعة من ابناء المحافظات العراقية جرى ويجري توظيفها خلال الايام الماضية ويستمر هذا التوظيف مع اقتراب موعد الانتخابات من خلال وسائل اعلام ممولة حزبيا يتمثل بالزيارات المتكررة لمرشحي كيانات واحزاب الى مناطق (العشوائيات) في المحافظات العراقية ومحاولة استمالتهم عاطفيا واغداق الوعود لهم بتوفير الخدمات وتمليك الاراضي التي يشغلونها خلافا للقوانين والالتزامات المرعية من الدولة فيما يقدم مرشحون اخرون لتوظيف معاناة النازحين والمشاكل التي يتعرضون اليها في المناطق المحررة ويعمد اخرون الى اجترار مسلسل الوعود بتوفير وظائف حكومية للعاطلين عن العمل وفي كل الاحوال فان جل هذه العناوين تمثل برامج انتخابية مشوهة عفا عليها الزمن في العراق ويعي جيدا الناخب العراقي زيفها وكذبها وكان بامكان هؤلاء المرشحين الابتعاد عن هذا الخطاب المشوه والتوجه بخطاب انتخابي صادق يعترف بفشل الاخرين في الوصول الى مراتب النجاح في ادارة الدولة ويتحدث بواقعية عن التحديات التي يواجهها العراق على الصعد الامنية والاقتصادية والاجتماعية ويعرض امام الشعب امكانياته ورؤيته لاعادة ترميم ماتم تخريبه او يتحدث عن تجارب ناجحة اخرى ممثالة لتجربة العراق استطاعت فيها الدول الخروج من ميادين الصراع والانقسام والفشل الى ميادين الوحدة والتلاحم ومن المحزن اننا نفتقد كثيرا لمثل هؤلاء المرشحين ولمثل هذا الخطاب الذي يبعث الامل بالمعافاة ويمنح الجمهور الفرصة مجددا لايلاء الثقة بشعارات وبرامج المرشحين في الانتخابات المقبلة .