الاندبندنت: أطفال الموصل ينتقمون من داعش بعودتهم إلى المدارس
بغداد – الاعمار
“تركت المدرسة، وشعرت انه آخر يوم في حياتي”، هكذا تصف عائشة 12 عاماً حالها بعدما تركت مقعد دراستها لحظة ظهور داعش في الموصل بعام 2014، وهي تجلس على كرسي كبير لم تطأ قدميتها الى الارض لقصرها.
تقول عائشة “لا أتذكر حين جاء مسلحو داعش، لكني اعرف ان لحظة مجيئهم قُتل والدي وكانت هذه آخر مرة اذهب فيها الى المدرسة”.
تعيش عائشة اليوم في مخيمٍ للنازحين خارج الموصل، وهي صريحة في الحديث عن أهلها وعائلتها من خلال معاناتها تحت قسوة داعش لاكثر من عامين، لكنها ايضاً واضحة بشأن رسم مستقبلها رغم كل ما حلّ بها.
وتضيف عائشة بالقول إن “مدرستي تساعدني بأن اكون قوية جداً، وسوف تساعد جيلي الذي يمكنه تغيير المستقبل اذا كان هناك نظاماً تعليمياً جيداً”. وبعد تسعة أشهر تقريباً من عملية إستعادة الموصل التي اطلقتها القوات العراقية لتحرير ثاني اكبر محافظة في البلاد، ما يزال القتال لم ينته بعد، رغم اقتراب الجيش وقوات مكافحة الارهاب من استعادة الاحياء وتضييق الخناق على داعش.
وحتى يعلن تحرير الموصل بالكامل من سيطرة داعش، فإن الحياة الطبيعية مازالت معلقة بالنسبة لاولئك الذين تركوا منازلهم هرباً من القتال.
الوافدون الجدد والفارون من القتال في غرب الموصل يصلون الى مخيمات الأمم المتحدة واقليم كردستان كل يوم بعد المشي لساعات او ينقلهم الجيش بعرباته. ومنذ بدء المعركة في تشرين الثاني من العام 2016، كانت اكثر من 620 الف عائلة محاصرة على يد قناصة داعش والاجهزة المتفجرة والعبوات الناسفة.
العودة الى المدارس واحدة من أهم الانجازات المتحققة في أيسر الموصل، فبدأ الاطفال بالتدفق لمدارسهم وهم فرحون بلعبهم في الساحات، فهذا المكان الوحيد الذي يكسر سواد داعش ويزيل عنهم ذكريات الخيام والارض الاتربة التي عاشوا فيها.
العديد من الاطفال والشباب الذين التقتهم صحيفة الاندبندنت، كانوا مصدومين من أن أحياءهم تحررت الآن، وصار بإمكانهم سماع الموسيقى بحرية التي كانت محظورة على يد داعش.
ويجري اليوم توجيه في الموصل لزيارة الاطباء النفسيين لازالة الصدمات والآثار الجانبية النفسية على الاطفال والنساء والرجال، والتركيز بشكل خاص على الاطفال المعوقين الذين يجدون صعوبة في الوصول الى مدارسهم.
وحين سأل صحفيو جريدة الاندبندنت البريطانية الاطفال بشأن ما اذا كانوا فرحين بعدم ذهابهم الى المدراس او لا، أجابوا بحرقة ومن ضمنهم زهراء البالغة من العمر 13 عاماً “داعش هي سبب تركنا المدارس، والعودة لها انتقام ضدهم، لانها الطريق الوحيد لأصبح طبيبة”.
وحين استولى مسلحو داعش على المدن في الموصل، اجهز المسلحون على غلق المدارس، وبدأوا بفتح مدارس خاصة بهم، واضعين مناهج دراسية تدعو الى بث التشدد والارهاب.
ووصف احد المدرسين الذي يقيم في احدى المخيمات، أن مسلحي داعش اقتحموا قريته قبل عامين، واطلقوا النار على المعلمين والمعلمات واغلقوا المدارس، مما دفع الموظفين الى عدم ارسال اطفالهم الى المدارس.
وبعد بضعة ايام من استيلاء داعش على المدارس، تمكن مدرسون ومدرسات من جمع اوراق وملفات الطلبة وكتبهم الدراسية، ليواصلوا التدريس في مخيمات النازحين.
وليد ورفا، رئيس بعثة اليونسيف في اربيل قال “التعليم سيكون خطة الجبهة المقبلة ضد داعش، لذلك يجب علينا اعادة بناء المدارس والعودة الى ديارنا”.
وأضاف “هناك الكثير من الاراضي لتغطية احتياجات الاطفال المشردين، فالدراسة والتعليم عاملان مهمان في المخيمات وهذا ما يقوم به المعلمون هناك، شعوراً منهم لعدم ذهاب جيل كامل الى المجهول”.
وقال معلمون “نحن بحاجة الى اعادة صياغة المستقبل من اجل محاربة التطرف، وإن شباب العراق قادرين على الصمود والاستعداد لاعادة بناء بلدهم”.