تمويل الإرهاب
حسين علي الحمداني
الكثير من التقارير التي تنشر تشير إلى إن العملية الإرهابية التي تنفذ في العراق تحتاج إلى مبلغ لا يقل عن خمسين ألف دولار وربما أكثر والسبب يكمن بأن أغلب العمليات الإرهابية التي نفذت في بغداد بالذات كانت تعتمد على السيارات المفخخة الحديثة التي لا تثير الشبهات والمحشوة بمئات الكيلوغرامات من المتفجرات التي هي الأخرى غالية الثمن وتتطلب تمويلا من نوع خاص يكون – في احيان كثيرة – خارج نطاق الإرهابي كفرد والتنظيم الذي يعمل معه، أي ان هنالك دعم دولة ما مستفيدة مما يحصل أو مجموعة دول تسعى لعدم استقرار العراق واستمرار الإرهاب في مدنه.
الإرهاب يحتاج إلى تمويل مادي لكي ينفذ عملياته، هذه بديهية يعرفها الجميع، ونعرف أيضا أن مصادر تمويل الإرهاب في العراق متعددة وأغلبها خارجي بعد أن فقد تنظيم “داعش” الإرهابي مصادر تمويله الداخلية عبر فقدانه للمناطق التي كان يسيطر عليها والتي تحررت بفعل ضربات قواتنا المسلحة مما يعني تضييق الخناق العسكري والمادي على هذا التنظيم وما تبقى له من دعم هو دعم خارجي سواء من أفراد يحملون الفكر المتطرف ولديهم واجهات عبر مؤسسات بمسميات مختلفة تجمع التبرعات وترسلها بعدة طرق ووسائل للتنظيم الإرهابي، أو عبر مخابرات دول إقليمية لا تزال تدعم هذه المجاميع.
وقبل أيام أعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق في بيان له بأن “داعش” يعتمد عدة طرق للحصول على الأموال، بعضها مباشر عبر حوالات خارجية تصل بشكل رسمي وبعضها الآخر قد يكون على شكل بضائع تدخل إلى البلاد وتسلم لوكلاء يعملون لصالح التنظيم.
وهذا جاء وفق اعترافات أدلى بها متهمون تم القاء القبض عليهم، وهذا يعني أن التنظيم الإرهابي يستخدم طرقا جديدة وأحيانا كثيرة تكون بعيدة عن الشبهات في تمويل خلاياه الإرهابية العاملة في العراق خاصة في بغداد والمحافظات.
إن الوصول لهذه النتائج المهمة في التحقيق مع الإرهابيين يجعلنا نبحث عن الطرق المهمة في تجفيف موارد الإرهاب المالية خاصة وأننا ندرك جيدا أن هنالك تمويلا خارجيا، خاصة وان الركيزة المهمة التي تستند إليها العمليات الإرهابية هي توفير المال اللازم للتنفيذ سواء عبر شراء الأسلحة والمتفجرات أو عبر تجنيد من يقوم بالعملية الإرهابية وان وجود فكر ودوافع إرهابية بحد ذاتها ليست كافية ما لم يتوفر المال سواء من داخل البلد أو خارجه.
لهذا على الجهات الأمنية ولجان التحقيق مع الإرهابيين أن تركز في تحقيقاتها عن كشف الممول المادي للإرهاب في العراق وطرق إيصال المال لهؤلاء، خاصة ان القانون العراقي يعاقب الممول بعقوبات شديدة تصل للإعدام وإن الطرق المتبعة في تمويل الإرهاب الآن تعني وجود شركاء غير معروفين يمولون الإرهاب كما أشارت إفادات المتهمين الذين تم القاء القبض عليهم، وهذا ما يجعلنا نفكر في كيفية الحد من هذه الظاهرة أولا، وضبط حركة التجارة الخارجية ومعرفة مصادرها ومتابعتها ثانيا.