المياه.. كمياتها تتراجع، والخطر المباشر شحة الصالحة

عادل عبد المهدي
الصراخ لن ينفع، كذلك القاء اللوم على الاخرين.. فقط التفكير، الهادىء العلمي والعملي، الصحيح هو طريق الخلاص. فـ”الفزعة” الاخيرة امر مفرح ومحزن.. مفرح لاننا بحاجة الى تعبئة الراي العام لاجراءات جادة.. ومحزن لانه يبدو وكأننا ادركنا الان خطورة المسألة. سنحتاج يقيناً لخطط استراتيجية وطويلة لحماية كميات المياه سواء مع دول الجوار، او عبر القناة البحرية او اصطياد المياه، الخ.. لكن معالجات سريعة يمكن ان تتحقق فيما يخص المياه الصالحة للشرب والزراعة والاستخدامات الاساسية. فنحن نخسر مرتين.. الاولى بتراجع الكميات، والثانية بتدمير ما متوفر منها، والذي يمكنه سد الكثير من الحاجيات، لو احسن استخدامه.
1- ان قتل المياه هو كقتل الانسان والحياة.. انها جريمة بشعة تتطلب الردع الشديد.. فان لم توفر الدولة المتطلبات تشريعياً وعملياً لايقاف هذه الجريمة، فيجب معاقبتها.. وإن وفرت الدولة واعتدى اي مواطن او جهة على المياه وقام بهدرها زراعياً او صناعياً او منزلياً، الخ، فيجب ان يعاقب كأي جريمة.
2- أهم واول اجراء يمكن المباشرة به هو ايقاف التلوث والهدر ودرجات الملوحة العالية.. فالامطار ومياه الانهار تصلنا صالحة عموماً بشكل عام.. لكننا نحن من يلوثها.. أ) فنحن لا نتعامل مع النفايات بشكل جيد.. وفي 2016، تقدر النفايات (حسب البلديات، والواقع يقيناً اسوء) بـ31000 طن يومياً على مستوى العراق، وفي 2009 قدر ما تنتجه بغداد بمفردها 3.620،831 كغم/يوم، و1.5 مليون طن سنوياً، وهذه كلها تواجه مشاكل جمع، وتدوير او استخدامها كمواد اولية.. وتزداد المشكلة خطورة بما نرميه في القنوات والانهار من المواد الكيميائية والعضوية وما نبثه في الاجواء من مصافينا وحرق غازنا وسياراتنا ومعامل طابوقنا، الخ.. ففي شبابنا، خصوصاً حيث لا تتوفر “الاسالة”، وعندما كانت مياه الانهار صالحة، كنا نشرب منها مباشرة من “الحب والناقوط”، او من الابار المحفورة قرب الانهار بعد اضافة القليل من الكلور والشب.. ب) وعدم استكمال كري انهارنا، وهو سبب رئيسي للتلوث وازدياد الملوحة، ولدينا اليوم مئات الكراءات لكن عدد كبير منها متوقف، لعدم توفر الوقود او الرواتب او لعطلات فنية.. ج) وبطرق الري البالية التي تزيد من ملوحة الارض وبالتالي المياه، اضافة للهدر الكبير لكميات المياه، فنحن نستخدم 75% من مياهنا لزراعة تتراجع في كل عام وتزداد الملوحة بسبب تباطوء اعمال البزل، وتتصحر سنوياً المزيد من الاراضي الصالحة، حسب تقارير الوزارات، علماً ان ما يصل للنبتة لا يتعدى 1% من كمية المياه المخصصة للسقي.. د) وباهمال اعمال الصيانة لشبكات المياه والمجاري، التي تعقدها التجاوزات، وما تقود اليه من هدر واختلاط المياه النظيفة بالثقيلة.
3- تشجيع تدوير مياه الاستخدامات المنزلية والصناعية لاغراض الزراعة والاستخدامات الاخرى، وهو ما تقوم به دول اقل قدرة منا.. وتشجيع معامل تصفية المياه، وتشجيع النوعيات الجيدة ذات المواصفات الاصولية، وايقاف الكاذبة.
4- موضوع لا نطرحه كثيراً، وهو المواد البلاستيكية كالقناني والاكياس التي رغم فوائدها لكن كثرة استخدامها ونوعيتها غير المسيطر عليها بات يشكل خطراً كبيراً على البيئة والمياه والصحة العامة للانسان والحيوان.. فالمواد البلاستيكية تأخذ من 50 الى 600 سنة واكثر لتتحلل في الطبيعة لوجود مادة “الديوكسين” والتي تسبب الكثير من الامراض. وحسب الدراسات سيكون في المحيطات في 2050 عدداً من المواد البلاستيكية اكثر من الاسماك. وكشفت دراسة عام 2017 ان 83% من مياه الحنفيات الصالحة للشرب عالمياً ملوثة بمواد بلاستيكية.. ونعتقد ان العراق ليس استثناءاً بل على العكس.. فلدينا قلة وعي ومراقبة ومبالغة في استخدام المواد البلاستيكية خصوصاً النوعيات الرديئة.. وهذا خطر كبير على الصحة والتربة والمياه والحيوان والثروة السمكية.. فنحن نستهلك المواد البلاستيكية الملوثة دون ان نعلم عبر طعامنا.. ووجد على الشواطىء الاسبانية حوتاً قتله 30 كغم من المواد البلاستيكية في معدته.. على العكس سيشجع التقليل من البلاستيك الصناعات المحلية لاستخدام الورق والخوص والجريد، الخ من مواد غير ضارة تتحلل في الطبيعة. (للبحث صلة)