كل الطرق تؤدي الى المحكمة الاتحادية

عبد الستار رمضان
الطريق في العراق طويل غير مبلط باي وسيلة من وسائل السلامة والامان، ولا توجد فيه ايه اشارات او علامات لتخفيف الاضرار والآثار التي تحد من حوادث التصادم والانقلابات التي تنتج مأسي وكوارث تتعدى الفرد الى عموم المجتمع والوطن والدولة بشكل عام، فكل أزمة في العراق تبدأ بمشكلة صغيرة لا تلبث ان تتحول الى انفجار ويتشظى الى عدة ازمات في واقع متشنج متصادم مع بعضه البعض وفي غياب أي آلية او مرجعية متفق عليها ويثق بها الجميع للرجوع والاحتكام اليها.

أزمة نتائج الانتخابات العراقية الأخيرة يمكن تسميتها أم الازمات او التحدي الكبير والخطير لوجود الدولة في العراق وشرعية النظام السياسي فيه، والذي فقد شرعيته الشعبية بسبب العزوف الكبير للناخبين الذي وصل الى حد المقاطعة، ونسبة المشاركة المتدنية اصلا فيها، وفضحت الصورة المشوهة للديمقراطية العراقية التي يبدو انها ديمقراطية عرجاء وكسيحة وصمّاء لا تسمع ولا تهتم باصوات الناخبين ومعاناة العراقيين الذين انهكتهم واهلكتهم اخطاء وخطايا التغيير الذي حصل بعد عام2003.

انتهى الصراع والسباق الانتخابي يوم 12مايس ليبدأ صراع ومعارك تستعمل فيها كل الاسلحة من اجل النتائج التي لم ولن تُرضي احداً وهو ما يمكن ملاحظته في:

1-المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والتي طالتها تهم التلاعب وخرق وتزوير النتائج وصولا الى تهم حرق مخازن الصناديق الانتخابية في الرصافة.

2-قرارات الحكومة العراقية وتشكيلها لجنة على مستوى عال لتقصي الحقائق بنتائج الانتخابات وقراراتها بمنع سفر بعض الاشخاص.

3-مجلس النواب العراقي وجلسته الاستثنائية بتشريع قانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب رقم (45) لسنة 2013، وقرر اعادة العد والفرز اليدوي وباشراف مجلس القضاء الاعلى والغاء نتائج انتخابات الخارج والتصويت المشروط في مخيمات النازحين وتنفيذه من تاريخ التصويت عليه.

4- قرارات مجلس القضاء الأعلى بوضع آليات تنفيذ قانون التعديل وتكليف قضاة للقيام بمهام مجلس المفوضين و مدراء المكاتب في مفوضية الانتخابات.

5-مصيرالطعون المقدمة من اطراف عديدة في نتائج الانتخابات والتي لم تحسمها مفوضية الانتخابات الموقوفة عن العمل، وكذلك الطعون المقدمة من المفوضية نفسها واحزاب وكيانات سياسية في القانون الذي اصدره مجلس النواب ومدى شرعية الجلسة الاستثنائية المفتوحة.

كل هذه المشكلات والطرق المختلفة الاهواء والغايات التي تسير بها القوى العراقية لا بد لها ان تلتقي اخيرا عند المحكمة الاتحادية العليا التي امامها اليوم مهمة كبيرة وخطيرة وحاسمة ايضا من اجل اعادة الامن والسلام والحياة للمجتمع العراقي المهدد بالحرب الاهلية والنزاعات المسلحة بسبب اطراف سياسية لها اجنحة عسكرية وميليشيات مسلحة لا تقبل أي تغيير في النتائج المعلنة، واطراف خاسرة تتشبث وتفعل كل ما يمكنها فعله من اجل السلطة وبريقها وامتيازاتها.

كل الطرق والطعون تؤدي الى المحكمة الاتحادية التي نص الدستور العراقي في المادة(93) تختص (بالرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة وتفسير نصوص الدستور والفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين والمصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب) وقراراتها (الباته والملزمة للسلطات كافة) حسبما تنص المادة(94) الدستورية، وهو ما يتوجب على الجميع اتباع الاجراءات القانونية التي يجب ان تبقى هي الحكم والفيصل بين جميع الفرقاء السياسيين وبالتالي يجب عليهم ان ينتظروا قرارات المحكمة الاتحادية وعدم القفز على نتائج الانتخابات.