ايبولا في العراق! يا للعجب

محمد السيد محسن
عام 2003 كنت مديراً لمكتب الجزيرة في البصرة، وكنت حينها الصحفي العراقي والعربي الوحيد الذي يعمل من المدينة. القوات البريطانية لم تكن قد دخلت البصرة بعد، والقوات الامريكية كانت عند ثغور الناصرية تخسر جنودها ودباباتها في تصدٍّ غير محسوب. كان عبد الحق صدّاح معي ضمن المراسلين المنتدبين لتغطية أحداث العراق.
عبد الحق صداح صحفي جزائري غادر بلاده إبّان الانهيارات الأمنية وسيادة التشدد الديني للجزائر والتي سبقتنا في تجربة مواجهة التشدد الاسلامي التي مر بها العرب بعد سنين.
قال لي عبد الحق يومها:
سيدخل الأمريكان للعراق وسيدخل معهم الاٍرهاب الدولي، وستمرون بما مررنا به في الجزائر. ستستمعون لقوانين باسم الفتاوى.. تستغربون! لكنها ستكون حازمة. ستشهدون القتل على الهوية، والقتل حسب شكل الوظائف، والقتل حسب اقرباء المستهدفين. ستصل اليكم كل تجارب هوليود واحلام منتجيها وافكار مخرجيها.
طبعاً الرجل يحاول ان ينقل تجربة بلاده إلينا، ويقول ان ما جرى في الجزائر ستشهدونه في العراق.
مرت اشهر وبدأت اتذكر عبد الحق صداح حين ارسل لمكتبنا منشور من تنظيم القاعدة يمنع جمع الطماطم مع الخيار في كيس واحد، وبالمقابل كانت هناك فتوى من التيار الصدري ارتداء اي قميص نصف كُم خشية ظهور مفاتن الرجل!
وبعد فترة بدأ القتل على الهوية؛ حيث فلت جاري المسيحي من القتل حين ألقي القبض عليه مع رئيس عمله واثنين من العاملين. المسيحي لم يقتل لأنه “أهل الكتاب”، ودفع الجزية وتم إطلاق سراحه، لكنه شهد ذبح ثلاثة من رفاقه لأنهم “روافض” يجب قتلهم وفق فتاوى القاعدة، وكانوا مسلمين شيعة عرب.
ثم قتل ابن جيراننا لأنه زوج شقيقة ضابط كبير لم يستطيعوا الوصول له فقتلوا زوج شقيقت، وكان فقيراً وبريئاً بالطبع.
اتصلت حينها بعبد الحق صدّاح وكان حينها في العاصمة القطرية الدوحة، قلت له وصلنا الى مرحلة القتل على الهوية. قال لي: انها تجربة عشناها نحن بعد عام ١٩٩١ وكانت مصر عاشتها بعد ١٩٨٦، والآن يتم استنساخ التجربتين في العراق.
حقاً انه استنساخ!
وقبل ايّام كنت اتابع فيلماً هوليودياً يتحدث عن التجارب الفيروسية منفلتة العقال والتي تجربها الولايات المتحدة الامريكية في احدى الدول الافريقية، واستغربت ان الفيلم يتحدث عن فيروس ايبولا، الامر الذي جعلني اعود الى منقذنا المعرفي “GOOGLE” واكتشفت ان المرض يعود الى عام ١٩٧٦ في زائير وجنوب السودان، لكن المفاجأة كانت عام ١٩٩٢ باعتراف ضابط في وكالة الاستخبارات الامريكية وهو يتحدث عن اختراع فيروس ايبولا في زائير عام ١٩٧٦، حين قام رئيس جماعة “شنريكيو” وهي جماعة دينية أسسها الأمريكان في اليابان، متهمين بتصفيات وقتل في بلدان عديدة من العالم.
قام زعيمها شوكو اساهارا عام ١٩٧٦ باصطحاب 40 من أتباعه إلى زائير بحجة مساعدات إنسانية وتم استخدام الفيروس كأحد الأسلحة البيولوجية القاتلة، ونجح في ذلك.
اليوم يتم نقل هذا الفيروس للعراق، فالإرهاب لم يعد يجدي نفعاً حيث تمت مقاومته من قبل العراقيين عسكرياً واجتماعياً، وعليه بدأت الان مرحلة الاٍرهاب الفيروسي للإيغال بالقتل وتشويه المشهد وعزل العراق بشكل تام من قبل جيرانه أولاً، وغلق الأبواب بوجه شعبه من قبل دول العالم.
وهكذا وصل ايبولا! لا تصدقوا متاجري الدين حين يقولون لكم: ان كثرة الصلاة على محمد وآل محمد ستقضي على هذا المرض، لان علاج المرض موجود ولقاحه معروف.
وأثارني الرعب والاستغراب معاً حين صرحت وزارة الصحة انها لا تملك اي دواء لحد الان لمرض الحمّى النزفية، وتكتفي المستشفيات بعلاج المضادات الحيوية فقط. انه حقاً تصريح مرعب في زمن التخويف.
الان أقف مرتعباً لانتظار الخطوة القادمة التي يخطط لها الآخرون، والتي لن تكون إيجابية البتة.

*رئيس التحرير