“المشروع السني” تنافر بين قطب الأقاليم وقطب العراق الموحد ؟

بغداد – الاعمار
في الوقت الذي يستعد العراق باسره للاحتفال بتحرير مدينة الموصل التي اصبحت تمثل رمزية القضاء على تنظيم داعش الارهابي، يتصاعد الحراك داخل البيت السني بالتفكير بمشروع سني يحدد مستقبل السنة في العراق. لكن يبدو ان هذا المشروع يتعرض لانقسام شديد داخل الاروقة السنية بسبب عنوانه العريض ، بضرورة ان يحكم السنة انفسهم بانفسهم تحت مظلة “الاقاليم السنية” اسوة باقليم كردستان .

هذا الامر لم يثر الجدل في داخل الاروقة السنية فحسب بل اثار الاتهامات المتبادلة بالعمالة فيما بينهم، فالطرف الذي يدفع باتجاه الاقاليم يرى بان من يرفض هذا المشروع هو عميل ، والطرف الثاني يرى بان الاقاليم هي تمزيق لوحدة العراق الذي يجب ان يبقى موحدا.

من هنا أكد السياسي المعارض ناجح الميزان، ان المشروع السني الامثل للسنة في مرحلة ما بعد داعش هو الاقاليم السنية الذي يحضى بقبول قيادات سنية معتد بها مثل خميس الخنجر ورافع العيساوي واسامة النجيفي، مشيرا الى ان طارق الهاشمي يتفق مع فكرة الاقاليم مع وجود اختلاف واحد بانه يريد انضواء السنة تحت مظلة اقليم واحد.

وقال الميزان لـ (المدار)، انه “لا حل امام السنة الا بصياغة مشروع سني تتبناه قيادات سنية جديدة مخلصة لهذا المكون ، متهما، القيادات السنية المشاركة بالعملية السياسية بخيانة السنة”. واضاف، ان “هناك ضرورة لتغيير الوجوه الحالية التي باعت بعض منها نفسها لايران وانقلبت على المشروع السني ورفضت الاقليم الذي يمثل خارطة الحل للسنة ، مشيرا الى ان رئيس مجلس النواب سليم الجبوري من اكثر الرافضين لهذا المشروع”.

واوضح الميزان، ان “هذه القيادات تتفق معنا بهذا المشروع عندما لا يكون هناك اعلام وكامرات، لكنها ترفضها بالعلن خوفا من ايران”. وكان الميزان دعا اهل السنة في المناطق المحررة الى الخروج بتظاهرات بعد القضاء على داعش للمطالبة بالاقاليم السنية. وبرر الميزان هذه الدعوة، بانها ردا على “تصرفات الحكومات السابقة وانتهاكات الحشد الشعبي في هذه المناطق، مشيرا الى ان الاهالي في هذه المناطق سيخرجوا بالتظاهرات افضل من حمل السلاح.

ونفى الميزان ارتباط هذا المشروع باي دولة خارجية (سنية) ، مشيرا الى ان هذه الدول لا تقدم اي دعم لوجستي لاي جهة سياسية سنية ، بخلاف ايران التي تقدم الدعم لقوى مسلحة في داخل العراق.

وهاجم الميزان ، الحزب الاسلامي واتهمه “بخيانة السنة . فيما عد ان هناك حسنة وحيدة لرئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي وهي تحرير المناطق السنية، لكنه رأى ان افضل شخصية لتسنم رئاسة الوزراء في المرحلة المقبلة هو زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر.

من جهته اعطى النائب السابق جمال الكيلاني، الحق لكل فئة او قومية أو إثنية وحتى أي جهة تنتمي لمذهب معين ان توحد خطاها في مشروع واحد لأجل الوُصول الى هدف يصب في مصلحتها .

لكن الكيلاني اشترط خلال حديثه لـ (المدار) ، ان “لا يلحق الضرر بالمكونات الأخرى أي أن يكون مشروعاً وحدوياً تنموياً يحفظ حقوق المواطنة المتساوية مع الآخر من أبناء نفس الوطن، مشيرا الى، ان”السنة دفعوا ضريبة عالية بسبب عدم اتفاقهم على رأي واحد ومرجعية واحدة فقد حان الوقت ليتداركوا ذلك ويكونوا بمستوى المكونات الرئيسيّة في العراق التي ادركت ذلك قبلهم”.

واشار الى ، ان “مستوى التردي والخراب الذي حدث في المدن السنية والعدد المليوني من المهجرين من أهلهم من جميع الإعمار وتقصير المسؤولين في إغاثتهم هو الذي دق ناقوس خطر الخوف على المصير وهو في نفس الوقت دفع الشهية للنقاش والتداول في مشروع جامع مانع”.

ودافع الكيلاني عن فكرة المشروع السني، وعد ان ” تمحور تسمية المشروع بطائفة السنة ، تنفي عنه طائفيته، اذ ان الطائفية في السلوك والتصرف والغاء الاخر وليس في التسمية والانتماء ، مشيرا الى ان الدول التي حاولت إلغاء الأديان او العشائر فشلت في ذلك لان هذا من حرية الاعتقاد والرأي وليس عيباً ان تنتمي الى جهة او تسمى بمكون معين ولكن العيب ان تحتقر الآخرين وهذه علة الطائفيين”.

من جهته حذر المحلل السياسي البارز وفيق السامرائي، من مشروع الاقاليم السنية وعدها خطرا على العراق بسبب انطلاقاته الطائفية وبدفع قطري وسعودي”.

ووصف السامرائي خلال حديثه لـ (المدار)، خميس الخنجر بانه “اداة طيعة مدفوعة، لأنه الأكثر حماسا وطاعة من الآخرين حتى لو حاول إخفاء بعض المراحل ضحكا على عقول المغفلين من السياسيين ـ حسب تعبيره.

واضاف ، ان “حرب داعش التي بدأت بأكذوبة ثوار العشائر، وساحات الاعتصام التي كانت كل التقارير تشير الى أن طريق الدعم الرئيسي كان يمر من خلال خميس، ما جعل حقده الشخصي يتحول الى استهداف وصل حد التآمر السري (المستمر مع قضاة وموظفين فاسدين) هو وسيئي الصيت من بعض سياسيي الموصل الذين طردوا لفسادهم”. وعد ان”الدافع والمشجع (المحلي) الحقيقي للمشروع السني هو مسعود بارزاني الذي يحاول إثارة حرب أهلية سنية شيعية لتمرير حلمه الكبير بتحطيم العراق”.

وقال السامرائي، انه “قبل نحو خمسة أعوام نصحت خميس الخنجر بالتخلي عن المشروع السني، وبينت له استحالة تطبيقه في بغداد وسامراء وديالى، واستحالة التوافق بين أهل الموصل والأنبار، وهو في النتيجة ليس الا مشروع حرب تريده السعودية وقطر وتركيا بدرجات متفاوتة صعودا ونزولا”.

ووفق هذه الرؤيا التي طرحت بهذا التحقيق، يستنتج غياب اي مشروع سني مستقبلي، لوجود تقاطع كبير في شكل وغاية هذا المشروع، فبعضهم يرى بان السنة لا يحتاجون الى مشروع ما داموا مشاركين بعراق واحد موحد ومن خلال عملية سياسية تمنحهم استحقاقهم الانتخابي ومستوى عال لتمثيل السنة.

الا انه من الواضح وجود توافق كبير بين مشاركين بالعملية السياسية وبين معارضين لها ، مع وجود وحدة خطاب بينهم فيما يخص “مشروع السنة” الذي يدفع باتجاه الاقليم المرفوض فيما يبدو من غالبية السنة في داخل العملية السياسية وكذلك من قبل الشيعة اصحاب الاغلبية من حيث التمثيل في العملية السياسية. كما ان محاولة التلويح بالتظاهرات ما بعد داعش للحصول على مشروع الاقاليم ، سوف يدخل السنة بمتاهات جديد.

المصدر: المدار