عن مرحلة ما بعد إعلان نتائج الانتخابات العامة
إيّاس الساموك*
بعد مرور نحو شهرين ونصف الشهر على اجراء الانتخابات العامة، نجد من الضرورة أن يتم التذكير بالإجراءات الدستورية المتعلقة بانعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب وانتخاب رئيس الجمهورية وتكليف مرشح الكتلة النيابية الاكثر عدداً لتشكيل طاقمه الوزاري، والتأكيد على ضرورة أنجاز هذه المهمة باسرع وقت.
مبدئياً، كان السبب من وضع المادة (56) من الدستور التي تتضمن ان تجرى انتخابات عضوية مجلس النواب قبل (45) يوماً من انتهاء عمر الدورة النيابية كأقل تقدير، هو لضمان عدم غياب مجلس النواب (الفرع الاول من السلطة التشريعية)، وبأمل ان تعلن النتائج بعد حسم الطعون عليها كافة والمصادقة خلال شهر من هذه المدة، على أن تعطى الـ 15 يوماً المتبقية لرئيس الجمهورية في دعوته للمجلس الجديد بالانعقاد، لكن ثمة ظروفاً رافقت العملية الانتخابية اسهمت في تأخيرها.
بحسب القانون، فأن طعون المرشحين على نتائج الانتخابات الاولية تقدم على مرحلتين الاولى امام مجلس المفوضين للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، والثانية امام الهيئة القضائية للانتخابات في محكمة التمييز الاتحادية، ويستغرق حسمها امام هاتين الجهتين سوية بحدود اسبوعين، لكي يتم بعدها الاعلان عن النتائج النهائية للانتخابات العامة وترسل للمصادقة امام المحكمة الاتحادية العليا بحسب المادة (93/ سابعاً) من الدستور وهي بحسب التجارب السابقة لن تأخذ وقتاً طويلا، برغم أننا نتوقع أن تتلقى المحكمة في هذه الدورة طعوناً كثيرة بالنظر للظروف التي رافقت العملية الانتخابية.
وبعد هذه الاجراءات، يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب الجديد للانعقاد في جلسته برئاسة اكبر الاعضاء سناً تخصص لترديد القسم ويتم بعدها انتخاب رئيس المجلس ونائبيه، وهذه الجلسة تنعقد خلال (15) يوماً من مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على النتائج، وفقاً للمادتين (54- 55) من الدستور.
وخلال ثلاثة ايام من انتهاء عملية انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه يبدأ الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية الذي يجب أن تنتهي عملية انتخابه خلال شهر من تاريخ انعقاد الجلسة الاولى لمجلس النواب، حيث تتضمن هذه المدة اعلان الترشح وقبول المرشحين والنظر في طعون من لم يتم قبول ترشحيهم والانتخاب داخل مجلس النواب، وهو ما نصت عليه المادة (72/ ثانياً/ ب) من الدستور، واحكام قانون الترشح لمنصب رئيس الجمهورية رقم (8) لسنة 2012.
وعلى رئيس الجمهورية وخلال (15) يوماً من انتخابه أن يكلف مرشح الكتلة النيابيّة الاكثر عدداً بتشكيل الحكومة، الذي بدوره عليه أن ينجز مهمته خلال (30) يوماً تبدأ من تاريخ التكليف ويعرض مرشحيه على مجلس النواب لغرض نيلهم الثقة، وفق ما ذهبت اليه المادة (76) من الدستور.
هذا يعني أن السقف الاعلى للمدد المنصوص عليها في الدستور والقوانين يقضي بوجود أكثر من (110) يوماً للانتهاء من تشكيل مجلس النواب الجديد وانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة من بعد الاعلان عن النتائج الابتدائية للانتخابات، وهذا من غير المدة التي تستغرقها المحكمة الاتحادية العليا في عملية المصادقة.
مع اخذ النظر أن النتائج الابتدائية ولغاية الان لم تعلن، وذلك أن القانون لم يحدد مدة زمنية معينة للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات لاعلان النتائج الاولية.
ومن ثَّم، نجد أن على جميع الجهات ذات العلاقة المعنية بملف الانتخابات ونتائجها أن تتحمل المسؤولية بأن تكثف جهودها اختزالاً للوقت وأن تنجز مهمتها باسرع ما يمكن، حيث أن الدستور والقوانين ذات العلاقة وضعت سقفاً اعلى فقط وبامكان انجاز تلك المهام باقل من ذلك لكي تمضي العملية الديمقراطية إلى الامام، خصوصاً وأن المدة التي مضت ليست بالقليلة.
ونرى أن يتولى مجلس النواب المقبل وضع الاليات المناسبة لضمان سرعة اعلان النتائج وضمان شفافيتها من خلال سن تعديل جديد لقانون الانتخابات العامة رقم (45) لسنة 2013.
*المتحدث الرسمي بإسم المحكمة الاتحادية