مأزق التسليح يتواصل.. الأزمة تهدد أكبر صفقة مدرعات كندية للسعودية

بغداد – الاعمار
لم تعلم السعودية أن إجراءاتها الدبلوماسية والاقتصادية المتسارعة وغير المحسوبة بحق كندا، إثر رفضها لسياساتها القمعية بحق النشطاء داخل المملكة، قد تصل إلى خسارة جيشها أكبر صفقة أسلحة في تاريخ كندا.
وفي حالة قامت كندا بالرد على الخطوات السعودية التصعيدية، فسيكون أمامها صفقة بيع المدرعات العسكرية للمملكة، التي وقعتها عام 2014 مع الرياض، وتبلغ قيمتها 15 مليار دولار أمريكي، وتستمر 14 عاماً.
وتعتبر هذه الصفقة ورقة قوة تمتلكها كندا، في ظل حاجة السعودية إلى الأسلحة وهذه المدرعات بهذا الوقت بالتحديد، نظراً للحرب التي تخوضها في اليمن والتي لم تحقق فيها أي تقدم لافت، أو إنجاز عسكري أو سياسي.
وكان فرع شركة “جنرال دايناميكس كورب” الأمريكية العملاقة في كندا قد وقع على عقد بقيمة 15 مليار دولار لتصدير عربات مدرعة عام 2014 إلى السعودية.
وقالت الحكومة الكندية بزعامة رئيس الوزراء المحافظ ستيفن هاربر، حينذاك، إن هذا العقد هو الأكبر في مجال الصادرات في تاريخ كندا.
كذلك تعتبر السعودية ثاني شريك اقتصادي لكندا في الشرق الأوسط، ومع ذلك فإن قيمة الصادرات السعودية إليها عام 2014 لم تتجاوز 0.05 بالمئة، بحسب تقرير نشرته “غرفة تجارة الشرقية” في المملكة.
ووصلت قيمة التعامل التجاري بين البلدين في عام 2017 إلى أربعة مليارات دولار، والمعدات العسكرية التي تنتجها كندا مثلت قسماً كبيراً من ذلك، حسب صحيفة “غلوب أند ميل” الكندية.

صفقة مرفوضة
ومنذ توقيع صفقة بيع المدرعات للجيش السعودي، كانت الأصوات تتعالى داخل كندا لوقف هذه الصفقة، وعدم الاستمرار فيها، نتيجة للتقارير الأممية الصادرة من اليمن عن التجاوزات الدامية للسعودية في حربها.
وستعيد الأزمة الدبلوماسية الحالية بين البلدين، الأصوات الرافضة لتلك الصفقة، وستعطيهم قوة أكبر من أجل المناداة بالرد بالمثل على السعودية، وإيقاف تلك الصفقة.
وتتضمن الصفقة حصول السعودية على 928 عربة مدرعة، وتوريد 119 مركبة مدرعة مجهزة بمدافع عيار 105 ملم، و119 ناقلة جند مصفحة مزودة بأسلحة مضادة للدبابات، و119 مركبة مدرعة تحمل مدفع عيار 30 ملم.
وفي حينها لم تصدر الحكومة الكندية أي تفاصيل واضحة عن هذه الصفقة، ولكن الصحافة الكندية تمكنت من الكشف عن كل ما جاء فيها، وهو ما آثار الشارع الكندي.

السعودية ومأزق التسليح
وفي حال أوقفت كندا بالفعل تلك الصفقة فستكون السعودية في مأزق حقيقي في الحصول على الأسلحة من مصادر مختلفة، خاصةً بعد تردد العديد من الدول الأوروبية بتصدير الأسلحة لها بسبب فظاعة الحرب في اليمن.
وكانت السويد أول الدول التي أعلنت وقف صادرات الأسلحة إلى السعودية، حيث ألغت عقود تسليح مع الرياض عام 2015 بسبب أوضاع حقوق الإنسان في المملكة.
وجاءت ألمانيا بعد السويد في وقف تصدير الأسلحة للمملكة، بسبب “انتهاكات” ترتكبها الرياض في اليمن، ويشمل قرار ألمانيا كل الدول التي تساند السعودية في حربها في اليمن.
كذلك، أصدرت المحكمة العليا في بلجيكا أوائل شهر يوليو 2018 قراراً أ بمنع تصدير الأسلحة إلى السعودية بسبب أوضاع حقوق الإنسان في السعودية.
وشمل قرار المحكمة رخص تصدير أسلحة بلجيكية بقيمة تزيد على 150 مليون يورو إلى السعودية.
وفي بداية عام 2018 أوقفت الحكومة النرويجية جميع صادرات الأسلحة والذخائر إلى الإمارات العربية المتحدة؛ بسبب المخاوف من إمكانية استخدامها في اليمن. كما تحظر النرويج بيع الأسلحة والذخائر للسعودية.
وكان البرلمان الأوروبي قد دعا أواخر العام الماضي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى وقف تصدير الأسلحة إلى السعودية؛ بسبب تدخلها في اليمن، الذي تسبب بسقوط آلاف المدنيين في العمليات العسكرية التي تشنها منذ عام 2015.
كذلك، طالبت منظمتان حقوقيتان في فرنسا الحكومة بوقف بيع السلاح للسعودية والإمارات، من خلال رفع دعوى إلى مجلس الدولة بالبلاد.
وقالت منظمتا “دروا سوليداريتيه” (Droit Solidarite) القانونية، و”آسر” (ASER) المتخصصة في قضايا التسلح، إنهما تقدمتا بالطعن قضائياً أمام مجلس الدولة الفرنسي -أعلى هيئة قضائية- بعد عدم تلقيهما رداً من الحكومة على طلبهما بسحب رخص تصدير الأسلحة للسعودية والإمارات.
ودعت كذلك منظمة العفو الدولية (أمنستي) الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لوقف صادرات السلاح إلى السعودية، والضغط على ولي العهد لرفع الحصار الذي يفرضه التحالف العربي على المدنيين في اليمن.
وكانت السعودية أعلنت، الاثنين (6 أغسطس)، تجميد كل تعاملاتها التجارية والاستثمارية مع كندا، وسحبت سفيرها، وأوقفت الرحلات الجوية لها، رداً على موقفها الرافض لاعتقال الناشطات السعوديات، اللاتي من ضمنهن سمر بدوي الحاصلة على الجنسية الكندية.