ترامب يحذر العالم من التعامل تجاريا مع إيران بعد إعادة فرض العقوبات

بغداد – الاعمار
حذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب العالم من التعامل تجاريا مع إيران مشيدا بالعقوبات التي وصفها بأنها “الأكثر إيلاما على الإطلاق” التي فرضتها واشنطن ودخلت حيز التنفيذ الثلاثاء، وسط مزيج من مشاعر الغضب والقلق والتحدي في الجمهورية الإسلامية.
وقال ترامب في تغريدة على “تويتر” إن “العقوبات الإيرانية فُرضت رسميا. هذه العقوبات هي الأكثر إيلاماً التي يتم فرضها على الإطلاق، وفي تشرين الثاني/نوفمبر، سيتم تشديدها إلى مستوى جديد”.
وأضاف أن “أي جهة تتعامل تجاريا مع إيران لن يكون بإمكانها التعامل تجاريا مع الولايات المتحدة. لا أسعى إلى شيء أقل من السلم العالمي”.
وسارعت حليفتا إيران الأبرز موسكو ودمشق إلى إدانة التحرك الأميركي، حيث أعربت روسيا عن “خيبة أملها الشديدة” مؤكدة أنها “ستقوم بكل ما يلزم” لحماية الاتفاق النووي وعلاقاتها الاقتصادية مع ايران، في حين وصفت الحكومة السورية العقوبات بأنها “غير مشروعة”.
واستقبل وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف نظيره الكوري الشمالي ري يونغ هو، فيما تواجه بيونغ يانغ ضغوطاً أميركية للتخلص من اسلحتها النووية.
ووعد ترامب منذ كان مرشحا للرئاسة بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع قوى عالمية في 2015 وهو ما قام به بالفعل في 8 أيار/مايو الماضي.
وأثار الانسحاب الأميركي من طرف واحد استياء الأطراف الموقعة الأخرى، لا سيما الأوروبيين الذين أبدوا تصميمهم على الحفاظ على النص. لكن العديد من الشركات الغربية ترى ارتباطاتها التجارية مع إيران مهددة بفعل العقوبات.
وفي غضون ساعات من بدء تطبيق العقوبات، أعلنت مجموعة “دايملر” الألمانية لصناعة السيارات توقيف أنشطتها التجارية في إيران رغم إعلان الاتحاد الأوروبي عن “تصميمه على حماية الجهات الاقتصادية الأوروبية الناشطة في أعمال مشروعة مع إيران”.
وتشمل الرزمة الأولى من العقوبات الاميركية التي دخلت حيز التنفيذ الثلاثاء الساعة 04,01 ت غ تجميد التعاملات المالية وواردات المواد الأولية، كما تستهدف قطاعي السيارات والطيران التجاري.
ومن المرجح أن تكون وطأة العقوبات قاسية على الاقتصاد الإيراني الذي يواجه بالأساس صعوبات أثارت في الأيام الأخيرة موجة احتجاجات اجتماعية ضد معدل بطالة مرتفع وتضخم شديد، وقد تدهور الريال الإيراني فخسر حوالى ثلثي قيمته خلال ستة أشهر.

وقال عامل بناء في طهران يدعى علي بافي لوكالة فرانس برس “أشعر أن حياتي تتدمر. الوضع الاقتصادي في الوقت الحالي يعني الموت للطبقة العاملة. العقوبات تؤثر من الآن سلبا على حياة الناس. لا يمكننا تحمل تكاليف شراء الطعام ودفع الإيجارات”.

– “تجرع كأس السم” –
وبما أن معظم الإيرانيين تأقلموا مع الموقف الأميركي المعادي لنظامهم الحاكم والذي تعايشوا معه على مدى أربعة عقود، فإنهم يصبون غضبهم هذه المرة على قادتهم باعتبارهم فشلوا في إيجاد حل.
وقالت ياسامان، وهي مصورة تبلغ من العمر 31 عاما، في طهران صباح الثلاثاء “ترتفع الأسعار منذ ثلاثة أو أربعة أشهر وكل حاجياتنا باتت باهظة الثمن، كل ذلك حتى قبل عودة العقوبات”.
وهي ترى كغيرها في العاصمة الإيرانية أن قادة إيران “سيضطرون إلى تجرع السم في نهاية المطاف” والتفاوض مجددا مع الولايات المتحدة.
وبعدما راهن بكل ما لديه على الاتفاق النووي، اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني واشنطن بـ”شن حرب نفسية على الأمة الإيرانية وإثارة انقسامات في صفوف الشعب”.
واستبعد التفاوض مع الأميركيين في ظل العقوبات، وقال في مقابلة تلفزيونية مساء الاثنين إن اجراء “مفاوضات مع (فرض) عقوبات هو أمر غير منطقي. انهم يفرضون عقوبات على أطفال إيران ومرضاها وعلى الأمة”.
وجاءت تصريحات روحاني ردا على توجيه ترامب قبل ساعات تحذيرا جديدا لإيران، مبديا في الوقت نفسه “انفتاحه” على “اتفاق أكثر شمولا يتعاطى مع مجمل أنشطة (النظام الإيراني) الضارة، بما فيها برنامجه البالستي ودعمه للإرهاب”.
وقال ترامب في بيان “على النظام الإيراني الاختيار. فإما أن يغير سلوكه المزعزع للاستقرار ويندمج مجددا في الاقتصاد العالمي، وإما أن يمضي قدما في مسار من العزلة الاقتصادية”.
والثلاثاء قال مستشاره للأمن القومي جون بولتون لشبكة فوكس “نريد أن نرى تراجعاً أكبر من قبل إيران لدعمها للإرهاب الدولي ونشاطاتها العسكرية في الشرق الأوسط وبرنامجها للصواريخ البالستية وبرنامجها النووي”.
وأضاف “هناك الكثير من الأمور التي يجب أن تُحاسب عليها إيران”.

– “عليك سحب السكين” –
ويعتزم ترامب الذي تبنى موقفا معاديا لإيران منذ وصوله إلى السلطة “تشديد الضغط على طهران حتى تغيّر سلوكها”، ومن مآخذه عليها تحالفها مع الرئيس السوري بشار الأسد، ودعمها للمتمردين الحوثيين في اليمن ولحركة حماس في غزة ولحزب الله اللبناني.
وكان الاتفاق النووي الذي أبرم في 2015 بعد مفاوضات شاقة بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، يهدف لضمان الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني من خلال فرض رقابة صارمة عليه، مقابل رفع تدريجي للعقوبات التي كبلت الاقتصاد الإيراني وعزلت البلاد.
وقال الباحث في معهد “كاتو” للدراسات جون غليزر إن الولايات المتحدة تعتبر العقوبات “وسيلة ضغط من أجل أن تعود إيران إلى طاولة المفاوضات، بهدف تعديل شروط الاتفاق بما يناسبها، وهذا لن يحصل”.
وقال روحاني بهذا الصدد في المقابلة التلفزيونية “إذا كنت عدوا وطعنت شخصا بسكين لتقول بعدها إنك تريد التفاوض، فأول ما عليك فعله هو سحب السكين”.
ولفت روحاني إلى أن بلاده “لطالما رحّبت بالمفاوضات”، لكن على واشنطن أن تثبت أولا حسن نواياها بالعودة إلى اتفاق 2015.
ويتوقع أن يكون تأثير الحزمة الثانية من العقوبات التي ستدخل حيز التنفيذ في 5 تشرين الثاني/نوفمبر وتستهدف قطاع النفط الذي يعد حيويا بالنسبة لإيران، الأشد وطأة حتى ولو رفض أبرز مستوردي الخام الإيراني كالصين والهند وتركيا تقليص مشترياتهم إلى حد كبير.