عدو غير مرئي وذئاب منفردة.. مَن وراء هجمات الأردن؟
بغداد – الاعمار
تشير الأصابع إلى تنظيم الدولة مجدداً في الوقوف وراء الهجوم الأخير الذي وقع في الأردن، والذي أدى لمقتل رجل أمن وإصابة 4 آخرين، فيما ينذر بتوتر الأوضاع وقفز التنظيم إلى صدارة المشهد بالمملكة الأردنية.
وبعد خسارة تنظيم الدولة في نهاية العام 2017 لمناطق سيطرته بالموصل العراقية والرقة السورية، عمل على إعادة هيكلة نفسه، وتحوّل من مشروع سياسي يسيطر مكانياً، إلى منظمة لامركزية، معلناً، الشهر الماضي، “فصل ولاية الشام عن العراق”، وفق ما يبين الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية.
وقال أبو هنية: “تنبأنا مع مجموعة من الخبراء، بأنه ربما تتصاعد العمليات إلى عمليات ذات الطبيعة الانتقامية وتكتيكات الاستنزاف”.
وأشار إلى أن “هجوم محافظة السويداء (وقع في 25 يوليو الماضي بجنوب دمشق وراح ضحيته 100 قتيل) كان مثالاً بارزاً على دخول هذه الحقبة بالمنظمة، ومن المتوقع أن يزداد الأمر بعد إدلب، إذا دخل النظام السوري للمدينة”.
– عدو غير مرئي وخطر
وحول المرحلة القادمة من الهجمات التي سيشهدها العالم الغربي والعربي، قال أبو هنية: “نحن مقبلون على مرحلة تعود فيها الجماعات التي كانت تعمل بشكل مركزي وسيطرة مكانية إلى تكتيكات حرب العصابات، ويصبح التحدي أكثر صعوبة”.
وأوضح أن المواجهة لن تكون “في مدن أو مناطق سيطرة، إذ إن العدو سيصبح غير مرئي؛ يعمل عن طريق شبكات وجماعات، فضلاً عن الذئاب المنفردة”.
ويشهد على ذلك الهجوم الأخير في الأردن، الذي وقع بمدينة الفحيص (شمال غربي العاصمة عمّان)، ونُفّذ بعبوة ناسفة بدائية الصنع، زرعت بمركبة قوات الأمن، وفق ما قالت وزارة الداخلية الأردنية.
وعلق الخبير أبو هنية على الهجوم قائلاً: إن “كلمة (عبوة بدائية الصنع) هي كلمة مضللة، لأن هذه العبوة خطرة وشديدة التأثير، ومن نفذوا العملية- سواء خلية أو بشكل فردي- تلقوا تدريبات، ولديهم خبرة. العملية بالظاهر تبدو بسيطة ولكنها تحتاج لمتابعة”.
وبين أن “(بدائية) تعني أنها مصنوعة بمكونات محلية، وهذا أكثر خطورة، وهي محاولات جديدة في الأردن، إذ إنها موجودة بسوريا ولكن لم تستخدم بمناطق مستقرة كالأردن”.
– تهديدات التنظيم للأردن
ومنذ مشاركة الأردن في الغارات الجوية التي كان يشنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على تنظيم الدولة بسوريا والعراق، نفذ التنظيم العديد من الهجمات داخل المملكة، وأدى قتل “داعش” للطيار الأردني معاذ الكساسبة، بإحراقه حياً، إلى مضاعفة مشاركة الأردن بجهود التحالف الدولي ضد التنظيم.
وقال أبو هنية: إن “التنظيم أصدر مجموعة من الأشرطة الدعائية هدد فيها الأردن، وطالب رعاياه بمهاجمة المشاركين بالتحالف، وجاءت بعد هذه المطالبات هجمات الكرك في نهاية 2016، التي نفذتها خلية ذاتية لها صلات إيديولوجية وارتباطات بأشخاص في سوريا، ولكنها كانت من أفراد محليين متأثرين بتنظيم الدولة”.
وأوضح الخبير، أنه “عندما نفذوا هجوم الكرك، قالوا إنها استجابة لأوامر التنظيم. كل الأشخاص المؤدلجين الذي كانوا مع التنظيم، سواء كذئاب منفردة أو غيرها، هم جزء من تنظيم الدولة”.
وفي 2017، هدد تنظيم الدولة الأردن بشكل مباشر، في إصدار مرئي حمل عنوان “فأبشروا بما يسوءُكم”، توعد فيه بهجمات على غرار هجوم محافظة الكرك. وظهرت بمقطع الفيديو الذي استمر 20 دقيقة، عمليات إعدام لـ5 أشخاص، قال التنظيم إنهم من القوات السورية التي تلقَّت تدريباً عسكرياً بالأردن.
وتحدث خلال المقطع عناصر من التنظيم قالوا إنهم من عشائر أردنية، مثل الدعجة، والمجالي، وعربيات، وغيرها، هاجموا خلال حديثهم عشائر الأردن؛ “لتخليها عن أبنائها الذين التحقوا بتنظيم الدولة للقتال في سوريا”، مدعماً هجومهم بإرفاق صور لأخبار نُشرت عن إعلان بعض العشائر براءتها من أبنائها، بالأردن.
وعلى الرغم من تعرض الأردن لعدد من الهجمات خلال الأعوام الماضية، فإنه لم يتأثر بالحروب التي شهدتها الدول المحيطة به، والربيع العربي الذي بدأ منذ عام 2011.
وفي تعليقه على هذه الهجمات سابقاً، قال العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني: “لن تزيدنا مثل هذه الأعمال الإرهابية البشعة إلا إصراراً على الاستمرار بالتصدي للإرهاب ومحاربة عصاباته”.
وشدد الأردن في يناير 2017، العقوبة على القضايا المتصلة بتنظيمي “الدولة” و”جبهة النصرة”، المصنفَين على لوائح الإرهاب في البلاد.
ورفعت محكمة أمن الدولة الأردنية العقوبة في هذا الصدد إلى السجن 10 سنوات، لكل من أيَّد أو روّج فكر التنظيمين أو من قاتل بين صفوفهما، بعدما كانت الأحكام تصل في حدها الأعلى إلى 5 سنوات خلال السنوات الثلاث الماضية.
وهذه أبرز العمليات التي جرت في الأردن من العام 2016 وحتى 2018:
– عملية الكرك: في ديسمبر 2016، قتل فيها 10 من الأجهزة الأمنية، بالإضافة لإصابة آخرين.
– وقتل سبعة جنود من مرتبات الجيش العربي وجرح 14 آخرون إثر استهدافهم بسيارة مفخخة جاءت من الجانب السوري في المنطقة الحدودية الركبان، عام 2016.
– عملية البقعة: وقعت في أول أيام رمضان العام الماضي وقتل فيها 5 أشخاص.
– عملية إربد (عام 2017) قتل فيها 17 مسلحاً.
– وفي نوفمبر 2017 أحبطت عملية كان يجهز لها 17 مسلحاً، وكانت تهدف لضرب الاحتفالات في رأس السنة.
– وفي عام 2016 أخفى مسلح عراقي – نرويجي متفجرات بمنطقة جرش بقصد استخدامها بأعمال إرهابية، وقُبض عليه قبل تنفيذ جريمته.
– كما قتل ضابط أمن من القوات الخاصة الأردنية خلال اقتحام مقر خلية على صلة بتنظيم الدولة في مدينة إربد شمالي البلاد، وقُتل حينها سبعة من الخلية المسلحة أثناء الاشتباك، واعتقل آخرون.
– وقتل خمسة من مرتبات دائرة المخابرات العامة بهجوم مسلح استهدف مكتباً للدائرة بمخيم البقعة شمال عمان.
– كما قتل 14 شخصاً من بينهم 4 من رجال الشرطة وسائحة كندية، في سلسلة هجمات مسلحة بمدينة الكرك الأردنية، في ديسمبر 2016.
وهناك العديد من العمليات التي يتم إحباطها ولا يُعلن عنها للمحافظة على استقرار المجتمع وبهدف عدم إثارة البلبلة.
وما بين العام 1993 – 2015، شهدت الساحة الأردنية العديد من الهجمات، منها:
عام 1993، خلية “جيش محمد” استهدفت هجماتها بعض الأهداف والمؤسسات العامة كمباني الحكومة ولم تسفر تلك الهجمات عن سقوط ضحايا.
1994 مجموعة الأفغان الأردنيين استهدفوا بعض دور السينما ومحال بيع الخمور بمنطقتي البقعة وصويلح، وفشلت حينها هذه بتنفيذ مخططات أخرى من بينها تفجير “فندق القدس” في عمان.
في 2002 قامت خلية تابعة للقيادي بتنظيم القاعدة، أبو مصعب الزرقاوي، باغتيال الدبلوماسي الأمريكي لورنس فولي، الذي كان يعمل بالوكالة الأمريكية للإنماء الدولي.
وفي 2004 ضربت خلايا تابعة للزرقاوي صواريخ كاتيوشا بالقرب من مستشفى عسكري بمنطقة العقبة الجنوبية وأدت إلى وفاة شخص وإصابة أربعة.
عام 2005 وقعت تفجيرات عمّان، التي تبناها تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، واستهدفت ثلاثة فنادق وسط العاصمة، وأسفرت عن مقتل ستين شخصاً وجرح المئات.
وفي 2014 خطفت جماعة مسلحة السفير الأردني في ليبيا، وتم تحريره مقابل إفراج الأردن عن “إرهابي ليبي” كان معتقلاً بالسجون الأردنية على إثر عملية كان ينوي تنفيذها بالمملكة.
ووقع عام 2015 اعتداء مسلح داخل مركز تدريب أمني أردني بمنطقة الموقر شرق عمان، وراح ضحيته خمسة مدربين عسكريين، منهم ضابطان أردنيان وآخران أمريكيان وجنوب أفريقي، إضافة إلى منفذ العملية نفسه.