الكتلة الأكبر والكتلة الأكثر
محمد السيد محسن*
منذ أيام والكتل السياسية هي التي تشغل شباك البوح العراقي الكبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالكتلة الأكبر، ولعدم وجود فائز في الانتخابات العراقية وفق فتوى المحمود عام 2010 والتي ابتغت الإطاحة بعلاوي الفائز في الانتخابات وقتذاك، فليس غريبًا أن تشكل الحكومة الكتلة الإنتخابية التي حلّت بالمركز السادس بالمجمل وهي كتلة دولة القانون، لا غرابة فنحن في العراق.
لا غرابة لأن الإنتخابات العراقية تنتهي ولا يعرف لها فائز من الممكن أن يتم تكليفه بتشكيل الحكومة.
لا غرابة وهي الإنتخابات الوحيدة في العالم ليس فيها فائز تحدده نتائج الإنتخابات!
نعم هذا حال العراق فالكتلة السادسة وفق ترتيب الفوز ونتائج الانتخابات والمقاعد والأخيرة ضمن القوائم الشيعية الخمسة، هي التي تأخذ زمام الأمور في العراق مرحلة ما بعد الانتخابات وتستدرج الكتل الكبرى إليها كي تعلن وفق فتوى المحمود كتلة من السياسيين الشيعة الإسلاميين وتستدرج باقي الكتل التي تنتمي لطوائف وقوميات أخرى ليكتمل عقد الوطن مثلما يستكمل كل مرة منذ أربعة عشر عاماً.
وفِي حسابات الإسلاميين الشيعة الذين دخلوا الانتخابات أيضًا فإن كتلة دولة القانون تعد هي الكتلة الاخيرة من خمس كتل شاركت في الانتخابات وهي:
“سائرون” بقيادة مقتدى الصدر هي الاولى وبعدها “الفتح” بقيادة بدر والعصائب ثم “النصر” التي يتزعمها رئيس الوزراء حيدر العبادي ثم “الحكمة” التي يتزعمها عمار الحكيم وأخيرا تأتي كتلة دولة القانون.
أي قانون هذا الذي يعطي الحق لكتلة تأتي في المرحلة الأخيرة أن تقوم باستدراج الكبار!
في لعبة الديمقراطية الكبار هم الذين يتحكمون والصغار ينتظرون من يوفر لهم “بعض” ما يطمحون له!
لكننا في العراق وفِي جسد قضائي يقوده رجل انفصم عنه وما زالت قراراته فاعلة.
نحن في بلد يحدد مصيره ما سمي بتفسير قضائي لمادة دستورية، ضاع بها إتجاه الفوز وأشار للخسارة وبات الخاسرون هم من يتحكمون بالمشهد.
لكن الكتلة الأكبر ليست هي الأكثر وفق السياقات المنطقية لأية إنتخابات في العالم! وهذه مفارقة أخرى.
الكتلة الأكثر هي التي ستحدد نجاح أية عملية سياسية، وعلى أساس رضاها يتم إستئناف العمل الحكومي في بلد مثل العراق.
حتى إذا اكتمل عقد الاستدراجات السياسية التي تقودها الكتلة الخاسرة فإن كل شيء سيتوقف لمحاولة إنجاز استدراج الكتلة الفائزة وهي “سائرون” وإن كانت ليست الكتلة الأكبر وفق مناورات قضائية ذات خلفيات سياسية.
ومع ذلك فهناك الكتلة الأكثر.. وهي التي تسيطر على الشارع.
والكتلة الأكبر هي التي تنزوي بعيداً عن هموم الشارع.
الكتلة الأكثر هي التي يحتكم لها الساعون لتغيير في عراق يبحث عن إصلاح.
والكتلة الأكبر تحرص على إبقاء أمور تقاسم السلطة والمغانم كما هي منذ إحتلال العراق ٢٠٠٣ وإلى الآن.
الكتلة الأكثر هي التي ترفع صوتها ولا تخشى من مسيل دمها الذي سيجرف سلاح الكتلة الأكبر.
الكتلة الأكثر هي التي لا يتخندق أبناؤها في مناطق ملونة ويتنقلون بأصواتهم وآلامهم في كل شوارع البلاد يطالبون بالتغيير والإصلاح، وأصواتهم تخيف الكتلة الأكبر التي تنزوي وراء خرسانات وضعها الأمريكان وأبقاها شيعة الأمريكان.
الكتلة الأكثر هي الكتلة التي تنتمي للعراق دون قرائن، أما الكتلة الأكبر فهي التي لا تستطيع تعريف نفسها إلا من خلال قرينة الطائفة أو المذهب أو القومية ومن ثم يأتي العراق.
مع كل الحسابات فإن الكتلة الأكثر في العراق هي التي يجب أن تشكل الحكومة وإن ارتهنت الكتلة الأكبر لقرار قضائي إستثنائي شوّه المشهد السياسي منذ ٢٠١٠ وإلى الآن.
*رئيس التحرير