نحتاج الى “رفيق الحريري” عراقي
نحتاج الى “رفيق الحريري” عراقي.
كتب محمد السيد محسن
لا يختلف الوضع اللبناني عن الوضع في العراق من ناحية البنية الطائفية السياسية ، ولذلك من حقنا مراجعة الخطوات التي اتخذها الساسة اللبنانيون لبناء وطنهم حين اتفقوا جميعاً بعد اتفاق الطائف الذي أوقف الحرب الأهلية على ترشيح رجل بنّاء ، بعيد عن انتماء لكل الأحزاب وكان ذلك رفيق الحريري الذي لم يرشحه حزب لبناني قط وإنما تحلّى ساسة لبنان الذين تقاتلوا على مدى عقد ونصف بالشجاعة على تكليفه برئاسة حكومة بناء وإعمار ، حين احس هؤلاء ان لبنان امام تحدٍ كبير لإعادة ثقة المواطن ببلاده وبنخبه السياسية.
الان ما الذي يمنع ساسة العراق على ان يؤثروا على أنفسهم وأحزابهم مرة واحدة في ان يفكروا بالعراق “المدمر” و ” المحطم” قبل ان يفكروا بأنفسهم؟ خصوصاًمع انتهاء ذريعة اولوية الملف الأمني الذي أفاض على العراقيين العيش بسياقات حكومية استثنائية ، ولَم يدم غير الاستثناء في العراق .. الان العراق لم يعد أمامه تحدي اكبر من التحدي الاقتصادي ؛ ألم يدرك ساسة العراق وقادة أحزابه ان وجودهم “بأحزابهم ” في كابينة حكومية اثر على العراق وهدد أمنه الاقتصادي والاجتماعي وادخل البلاد ومواطنيها في المصير المجهول؟
ألم يدرك ساسة العراق وقادة أحزابه ان الزمن كفيل بكشف الحقائق وان حقيقة فشلهم في تأسيس دولة مواطنة ناجحة قد فشلت؟
نعم هم يدركون ذلك … إذن مالذي يمنعهم ان يتفقوا على ترشيح شخصية عراقية قادرة ان تنقذ العراق من ازماته الاقتصادية الخانقة؟
شخصية عراقية قادرة على تحويل العراق بكل مؤسساته من شركة فاشلة كما هي الان الى شركة ناجحة تستطيع السير قدما في رأب الصدع بين المواطن والطبقة السياسية وتعطي للمواطن املاً في ان يعود العراق بلداً آمناً يكفل كرامة مواطنه ويوفر لهم العيش الرغيد. ؟.
نحن بحاجة لطبقة سياسية تستطيع ان تتفق مرة واحدة من احل العراق. ليس من احل حفظ مصالحها الفئوية والشخصية والطائفية.
العراق بحاجة لرجل لا ينتمي لأي حزب من الأحزاب التقليدية التي خاضت تجربة المشهد السياسي طيلة عقد ونصف منذ احتلال العراق عام ٢٠٠٣ وما تلاها من سياقات وسلوك سياسي اعتمد المنهج الفئوي كغطاء للسيطرة على الوطن .
وانتهج السياسة كمكسب مرحلي وليست عملية تكليف خدمي .
لكن الحقيقة التي يجب ان نؤمن بها هي :
من يطمئن هذه الطبقة السياسية بكل قادتها انها ستكون بعيدة عن كشف ملفات تقصيرها وفسادها طيلة الأعوام الماضية كي يسير العراق على المحجة البيضاء!!
من يقنع هؤلاء ان السلطة تكليف وخدمة وليست مكسباً مؤقتاً يغير من هوية البعض الفقير الى غني جديد.
كم نحن بحاجة لنكران الذات في هذه المرحلة كي نرى رجلاً بنٌاءاً قادراً على ان ينتشلنا من اخطاء من سبقوه.
نحتاج الى رفيق الحريري بنسخة عراقية.
وأخيراً نود ان نلفت الانتباه الى ما فعله الحريري حين تم تكليفه برئاسة الوزراء لغرض بناء لبنان ، فقد مارس البناء واقناع اصدقائه من رجال الاعمال من كل العالم ان يستثمروا في لبنان ، واقنع رؤوس الأموال اللبنانية في المهجر للعودة والمساهمة في إعمار بلادهم .
كانت فترة توليه رئاسة الحكومة الأولى من 1992 وحتى 1998 وقوبل تعيينه آنذاك بحماس كبير من غالبية اللبنانيين. وخلال أيام ارتفعت قيمة العملة اللبنانية بنسبة 15%
ولتحسين الإقتصاد قام بتخفيض الضرائب على الدخل إلى 10% فقط ، وتركزت خطته التي عرفت باسم «هورايزون 2000» على إعاده بناء بيروت ، وخلال هذه الفترة ارتفعت نسبة النمو في لبنان إلى 8% بعام 1994 ، وانخفض التضخم من 131% إلى 29%، واستقرت أسعار صرف الليرة اللبنانية.
.وبعد اربع سنوات شاهد العالم الخراب يتحول الى عمارات شاهقة ، وعاش لبنان أفضل مواسمه السياحية في زمن الحريري ، ورغم كل التحديات الا ان رجل الاعمال اللبناني رفيق الحريري كان ناجحاً لانه متخصص بالبناء قبل ان يتخصص بالسياسة
ما احوجنا في هذه الأيام لعراق يرأس حكومته مهندس ورجل اعمال قادر على ان يتحدى مع الخبرات العراقية الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تحاصر العراقيين.
- رئيس التحرير