الحل برئيس وزراء ليس متحزبا

محمد الوزان
من اهم ما تضمنته ثورة البصرة في تموز الماضي انها حرضت الشعب – كل الشعب – على رفض سلطة الاحزاب .
تلك الاحزاب التي تصرفت بمقدرات الشعب والحكومة والوظائف والمنافذ الحدودية والاستيراد والتصدير والتعليم والاموال والمصارف وكل شيء في البلاد كان لا يمر ولا يقر الا بموافقة من الاحزاب , وكنتيجة طبيعية فان هذه الاحزاب باخطائها وانحيازها لنفسها ونسيان التنمية فانها اهلكت الحرث والنسل.
اصبح المواطن العراقي الذي لا يجد ظهيرا له من سلطة الاحزاب او من المتقربين والمتملقين للاحزاب فلا مكان له في العراق ويحاصر من كل الجهات في رزقه وحياته وتنعكس الحالة عليه اجتماعيا ووظيفيا .
ثورة البصرة حرضت وكشفت للعراقيين جميعا ان هذه الاحزاب يجب ان تحد من سلطتها ويجب ان تتوزع المناصب الخدمية لاكفاء قادرين على المضي قدما في هذه البلاد واصلاح ما افسده “دهر” الاحزاب عبر سيطرتهم على كافة المناصب وتحاصصها بينهم.
فالحل اذن هو ان ياتي رئيس حكومة مسؤول عن اخطائه وليس حزبا مسؤولا عنه وليس تحالفا حزبيا مسؤولا عنه , ولكي لا تتميع مسألة القاء اللوم والقاء التهمة على المقصرين , يجب ان يكون شخص رئيس الحكومة واضحا على انه القادر على تحمل اعباء المرحلة.
لقد سئم العراقيون من وعود وسلطة الاحزاب المتمرسة في الفساد وسفر البلاد الى المجهول, لقد بات الوضع الخدمي في العراق مخزيا بفعل عدم قدرة الاحزاب على ترقيع الاخطاء المتراتبة التي اقترفوها خلال السنوات الماضية , والزمن كفيل بكشف التقصير والعيوب , وهاهي عقد ونصف من السنين كشفت للعراقين ان هذه السلطة المتحاصصة بين احزاب بعينها غير قادرة على الاستمرار , لذا فان الحل يكمن في نكران ذات وفي لحظة شرف واحدة يفكر بها ساسة الاحزاب في العراق… بالعراق كبلد ولا يفكرون بمصالحهم كاحزاب وطوائف واعراق ومناطق , تلك لحظة شرف صغيرة من الممكن ان تنقذ العراقيين وتعطيهم المجال للتوسم بأمل جديد. وذلك من خلال اقرار حزبي عراقي على اعطاء منصب رئيس الوزراء لشخص من خارج المنظومات الحزبية المعتادة , وفتح المجال امامه لتشكيل كابينته الحكومية ومساعدته على انقاذ ما يمكن انقاذه في الوحل العراقي.
اما مسألة كشف الفاسدين والتي يخشاها كل سياسي الاحزاب ورجالاتهم فالفساد في العراق متعمق ومتجذر بسلطة الاحزاب وبشكل كبير , فهذا يجب ان توضع له حلول تتعلق بالاموال المطلوب استيفاؤها من الفاسدين ووقف نهج الإفساد والفساد من خلال اقرار قوانين ضريبية قاسية لا تسمح بالتخلف ويجب ان تتوفر الارادة عند النخب العراقية لاقرارها دون خوف من الجهات المسيطرة على مقدرات البلاد .
اننا امام مفرق طرق فاما ان نستنسخ تجارب الماضي فنوغل في السقوط , او اننا نعيد دوران البوصلة نحو الاصلاح الحقيقي فنحصل على فرصة ان ننقذ الموقف من جديد . وهذا سيقع بذمة من يمتلكون سلطة القرار في العراق بعد انجلاء الموقف عن اسوأ انتخابات في تاريخ البشرية .
واذا عجزت النخب السياسية وهذا ما هو مرجح , فللشعب كلمته التي لن تثنيها قواتهم وفصائلهم المسلحة , فالشعب لن يسكت على ضيم وان صمت فان بركان الثورة سينتفض .