بعض الأدوية سلعة نادرة في إيران الرازحة تحت العقوبات

بغداد – الاعمار
بعد إعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران باتت أدوية أساسية لبعض المرضى نادرة كما حالة مسعود مير الذي يعاني من التلاسيميا وهو مرض جيني ويسمى أيضاً فقر دم حوض البحر الأبيض المتوسط ومنتشر في إيران.
ومير البالغ من العمر 36 عاما هو واحد من المرضى في الجمهورية الإسلامية الذين لا يواجهون فحسب إعاقتهم الجسدية بل أيضا تداعيات العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها في آب/اغسطس إضافة إلى اقتصاد منهك وعملة منهارة ونقص في الأدوية المستوردة من الخارج وارتفاع الأسعار.
ودواؤه الرئيسي يُصنّع في سويسرا وتقوم الحكومة حاليا بتقنينه وصرفه، ولا يمكن شراؤه إلا في السوق السوداء وبأسعار خيالية.
والأمر نفسه ينطبق على أدوية أساسية أخرى لعلاج التصلب اللوحي المتعدد والسرطان وأمراض القلب وحتى المخدر المستخدم في العمليات الجراحية.
والأربعاء تدخلت أعلى هيئة قضائية لدى الأمم المتحدة وبتت لصالح إيران وطلبت من الولايات المتحدة وقف العقوبات.
وحكم قضاة محكمة العدل الدولية بالاجماع أن على واشنطن أن ترفع العراقيل من أمام “حرية تصدير أدوية ومواد طبية ومواد غذائية ومنتجات زراعية إلى إيران” إضافة إلى قطع غيار للطائرات.
وتقرّ البيانات الرسمية الإيرانية بنقصان الأدوية وتقول إن بعض الأدوية المستوردة لم تعد مدعومة.
وقال محمد نعيم امينيفرد، عضو لجنة الصحة البرلمانية لوكالة إسنا شبه الرسمية للأنباء “نفتقر حاليا لثمانين نوعا من الادوية”.
وأضاف أن “الحكومة وشركات التأمين ألغت الدعم المقدم لأدوية أجنبية لها دواء مواز محلي ما يزيد الضغوط على المرضى”.
تنتج إيران 96 بالمئة من الأدوية التي تستخدمها، بحسب نقابة مصنعي الأدوية الإيرانية لكنها تستورد أكثر من نصف المواد الخام الضرورية لتصنيعها.
ويضاف إلى العقوبات المصرفية انهيار العملة مما يجعل الاكتفاء الذاتي صعبا إن لم يكن مستحيلا.

– الاقتصاد المنهك يطاول المرضى –
وبالنسبة لعائلات أخرى يعاني بعض أفرادها من المرض فإن العقوبات تثقل كاهلهم.
فقد طرد علي، فني الكهرباء وهو في منتصف الثلاثينيات، من وظيفته لأنه كان يمضي وقتا طويلا في المستشفى لزيارة ابنه المريض.
والشركة التالية التي وظفته أفلست، ورب عمله الحالي وهو شركة هولندية إيرانية، لا تستطيع استيراد المعدات وتوقفت عن دفع الرواتب.
وتحدث إلى وكالة فرانس برس أمام صيدلية ابان-13 المزدحمة في وسط طهران حيث كان يأمل شراء دواء لعلاج التهابات فطرية تسبب بها علاج السرطان الذي يخضع له ابنه.
وقال “لا يعطوني الدواء لمشكلات في التأمين”.
وأضاف “قالوا إنه حتى ولو تمكنوا من إعطائي الدواء سيكون أقل مما أحتاج اليه بسبب التقنين. قد يموت ابني اذا تأخر الدواء ولو ليوم”.
ورفض مسؤولو البيع في الصيدلية المملوكة من الحكومة والتي تركز على الأمراض النادرة، التعليق.
لكن آخرين في وسط طهران قالوا إن هناك “نقصا ملحوظا في بعض مضادات التخثر والأدوية المستخدمة لعلاج مشكلات ضغط الدم”.
وقال صيدلاني لوكالة فرانس برس “إن الأدوية الموازية المحلية أرخص ثمنا لكنها ليست بنفس الفعالية” وأضاف “الأمور ستصبح أسوأ إذا استمرت العقوبات”.
وعدد كبير من المرضى غير قادرين على دفع أسعار السوق السوداء ويجازفون بتعرضهم لعوارض جانبية من الأدوية الموازية المحلية الصنع، بحسب ما ذكره رئيس جمعية التلاسيميا الإيرانية ميسم رمضاني لوكالة تسنيم مؤخرا.
وقال إن سبعة مرضى بالتلاسيميا توفوا في آذار/مارس وحده منددا ب”إما عدم توفر الحقن أو أدوية ذات نوعية رديئة”.

– من المسؤول –
يحمل إيرانيون على مواقع التواصل الاجتماعي المسؤولية لجهات عدة: الولايات المتحدة لفرضها العقوبات، وسوء الإدارة الاقتصادية للحكومة وشركات الأدوية التي تفرض أسعارا باهظة.
وقال الجراح حميد رضا وفائي إن رفض البنوك الدولية التعامل مع إيران هو التحدي الأكبر.
وقد انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم مع إيران في 2015 وأعادت فرض عقوبات على قطاعات رئيسية من الاقتصاد منها العلاقات المصرفية الدولية والتعاملات بالدولار الأميركي.
وقال وفائي لفرانس برس “حسب علمي ليس هناك بيانا رسميا حول فرض عقوبات على تجارة الأدوية مع إيران”.
وأضاف “ومع ذلك فعندما لا نستطيع الارتباط بعلاقات مصرفية (مع العالم) نكون بالفعل تحت نظام عقوبات للأدوية غير معلن. الحقيقة هي أنه ليست هناك اي شركة يمكن أن تبيعنا أدوية حاليا”.
وتذكر مريض التلاسيميا مسعود مير بغضب أنه عند فرض العقوبات بين 2010 و2016 استغلت الشركات الوضع بتخزين الادوية والتلاعب بالأسعار. ويقول إن الشيء نفسه يحدث حاليا.
ويحصل مستوردو الأدوية على سعر صرف عملة مدعوم من الحكومة، لكن أسماءهم غير معلنة ما يجعل من الصعب مساءلتهم في حال عدم توفر الأدوية في صيدليات حكومية.
وقال “في 2011 استمروا في تأكيد عدم توفر أي كمية (من دوائه) في السوق بسبب العقوبات. غير أنني كنت قادرا على الخروج من الصيدلية وشراء الدواء من أحد الباعة في الشارع بأسعار جنونية”.
وأضاف “ليس الجميع قادرا على دفع ذلك المبلغ، وقد يواجهون موتا بطيئا”.