أهمية التنمية الإقتصادية للدول المتخلفة
سعد كاظم الطائي
يمكننا تعريف التنمية بانها عملية حشد الطاقات والامكانات البشرية والمادية المتوفرة لدولة معينة وفق تخطيط مرسوم ومدروس باتجاه تحسين الواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي يعش فيه ذلك المجتمع وبغية رفع المستوى الانتاجي وتحقيق التقدم بشكل عام في كل مفاصل الاقتصاد الوطني.
وتعاني الدول المتخلفة اقتصادياً من الكثير من المشاكل والمعوقات والمصاعب التي تعيق عملية التقدم الاقتصادي لديها وذلك لعدة اسباب بعضها تاريخية وبعضها سياسية والاخرى هيكلية وتتوزع البقية على اسباب متفرقة حسب ظروف كل دولة من هذه الدول.
ولعل ابرز هذه الاسباب هو غياب الارادة الحقيقية المرتبطة بالعمل الجاد والواقعي باتجاه تحقيق التنمية الاقتصادية في المجتمع واتخاذ الخطوات الفعلية نحو تحقيق هذه التنمية وادامة هذه العملية وفق جداول زمنية مستمرة التنفيذ وقابلة للتطوير المستمر من اجل تحقيق الاهداف الموضوعة للتنمية في المجتمع المعني.
ان عملية التنمية الاقتصادية تستوجب حشد جميع الطاقات والامكانات المتاحة للمجتمع من اجل العمل على دفع التقدم الاقتصادي باقصى ما يمكن تحقيقه فعملية التنمية تهدف الى محاولة تضيق وتقليل الفجوة بينها وبين الدول المتقدمة.
فالتنمية تهدف الى تحقيق التقدم الاقتصادي من خلال زيادة الدخل القومي ومحاولة تحقيق توزيع عادل قدر الامكان للدخول بين مختلف شرائح المجتمع وتعزيز وتمتين القواعد الصناعية والانتاجية والخدمية من اجل ان تصب في تقوية وبناء الهيكلية الاقتصادية للدولة بشكل عام وفق اسس صحيحة وقوية يمكنها منافسة الاقتصاديات الاجنبية. وذلك لن يتحقق ما لم يصار الى بناء قاعدة صناعية كبيرة ومتينة واستخدام افضل انواع التكنولوجيا القائمة على الاستثمار الوطني والاعتماد على القدرات الذاتية في انتاحها فضلاً عن العمل على تجاوز الاعتماد المفرط على تصدير مادة او مجموعة مواد خام وربط الاقتصاد الوطني بها.
فالدول المتخلفة تعاني بشكل عام من اختلال الهيكل الاقتصادي فاقتصاديات هذه الدول تعاني من خلل فادح في البنى الارتكازية اللازمة للنهوض بالاقتصاد الوطني فهي تعتمد بشكل اساس على تصدير المواد الخام مقابل استيراد غالبية المنتجات الصناعية من الخارج.
وهي تفتقر الى قاعدة صناعية متينة يمكن ان تحقق لها الاكتفاء الذاتي او حتى الحد الادنى منه. فالقطاعات الانتاجية تشهد خللاً كبيراً في التوازن فيما بينها لصالح قطاع او قطاعين او حتى مجموعة قطاعات انتاجية محددة كثيراً ما تتسم بالبدائية والتخلف مقابل تلكؤ او جمود القطاعات الاخرى لتؤدي بذلك الى تشوه الواقع الانتاجي لهذه الدول وتخلفه بشكل واضح وكبير جداً في احيان كثيرة.
وعدم التوازن بين الاقتصاديات الزراعية والصناعية والخدمية. واعتماد اقتصاديات هذه الدول بشكل عام على الموارد المتــــــاتية من تصدير المواد الاولية الامر الذي ينعكس سلباً بالمجمل على اقتصاديات هذه الدول فاقتصادياتها مرهونة باسعار هذه المواداً صعوداً وهبوطاً مما يجعلها رهيــــــــــنة بحركة متارجحة لا تعرف استقراراً وبذلك فان هذا الوضع قد افرز حالة تبعية شديدة لا سواق هذه المواد وخلف اقتصاداً مشوهاً قائــــــــما على اسس خاطئة وليس على اساس متين يســــــتطيع منافسة الاقتــــــــصاديات الاجنـــــــــبية.
ومن هنا تتأتى اهمية التنمية الاقتصادية والتي تعد حالة مصيرية للدول المختلفة من اجل النهوض بواقعها الاقتصادي والاجتماعي المتخلف ومحاولة نقله الى الاحسن عن طريق الاليات المنـــــاسبة التي يمكن عن طريق الاستــــــــــــفادة منها دفع الاقتصاد الوطني والعمل على مغادرة حالات الركود والجمود التي يعاني منها.
ان عملية التنمية الاقتصادية يجب ان يلازمها احداث تنمية اجتماعية في المجتمعات المتخلفة في الوقت نفسه وذلك من اجل الحفاظ والارتقاء بالمنجزات المتحققة بواسطة التنمية الاقتصادية فالنتائج الايجابية لن تتحقق ما لم يكن هناك ايادي وعقول وامكانات كفوءة تعمل على تطويرها وادامتها يتم عن طريق تطوير القدرات البشرية النوعية وصقلها وتحسين مستوياتها وادائها.
ان عملية التنمية الاقتصادية هي عملية مستمرة لا تعرف توقفاً او مرحلة نهائية معينة، بقدر ما تكون مراحل متسلسلة في طريق طويل تهدف الى احداث النهضة الشاملة في الاقتصاد الوطني ومغادرة التخلف الذي يعانيه والذي تسببت به مجموعة عوامل معقدة انتجت واقعاً سلبياً يمكن تحسينه عن طريق النمو المتواصل للاقتصاد.
لذا فان ذلك يتطلب حشد كل ما امكن من الطاقات والامكانات والموارد البشرية والفنية والمادية والمالية وغيرها في سبيل انجاح عملية التنمية الاقتصادية.