وزيرنا صحفي
محمد السيد محسن*
وزارة الثقافة في عراق ما بعد ٢٠٠٣ تعد من اكثر الوزارات التي نالها الظلم لان الطبقة السياسية لم تهتم بالثقافة وأخضعتها للتحاصص المقيت ، ويسعى المتنورون والمثقفون العراقيون لإعادة الوزارة الى بريقها حيث ان فرصة وجود رئيس الوزراء المكلف وحسب الظروف المحيطة بتكليفه ، من الممكن ان يتم تكليف شخص من عائلة “الثقافة” العراقية لتنظيم شؤون الوزارة وإعادة حق الثقافة للعراقيين الذين يحسون ان ركب السياسيين أسس هوّةً كبيرة بينهم وبين الثقافة ، بل ان الثقافة عند البعض باتت تمثل حالة الانفتاح باتجاه الظلامية “الدينية” فقط .
وهم يعلمون تماما ان الشعوب تؤسس عبر الثقافة والعلم والابداع بلداناً ناجحة وغير فاشلة ، حيث لا يستطيع السياسي ان يقود بلداً اذا ما دعمه مثقفو هذا البلد .
انها صدمة من الممكن ان لا تتكرر حينما يستسهل البعض وزارة الثقافة دون غيرها ، ولا يعلم ان الشعوب إنما تكتب تاريخها وتقوم نفسها لمنتجها الثقافي، وهذا ما حدثنا به التاريخ فلولا ما تركه المثقفون لما وصل إلينا إسهام الإبداع من الاولين .
اما اذا خيرت للنصح أو الإدلاء بوجهة نظري فانني ارى ان المهنة التي تتوسط كل شرائح الثقافة في العراق هي مهنة الصحفي .
أنا انحاز للصحافة لانها المهنة التي تؤسس لكل مجالات الابداع والتي تمسّ شؤون المواطن وتتابع شؤون السياسي ، فالصحفي هو القريب من هواجس المواطن وليس بعيداً عن تصور السياسي تجاه إدارة القرار .
وعلى الرغم من ان العملية السياسية في العراق جعلت من الصحفيين أو فلنقل “بعض”الصحفيين طريقاً للوصول الى استدراج المواطن والبعض عمل تحت سلطة السياسي وبقيت حالة “مثقف السلطة” اعلى شأناً من “سلطة المثقف”.
الصحفي الذي كتب تقريراً ما كي يوصل وجهة نظر الشارع لأروقة السياسة من الممكن ان يكتب تقريره الحي داخل مجلس الوزراء حين يكون صاحب قرار ومسؤولاً عن عشرته من المثقفين والمبدعين العراقيين الذين يفترش أكثرهم ارصفة المتنبي لبيع اخر ما احتوته مكتباتهم ليسدوا رمق عيش العائلة. عين المثقفين تنصبّ الْيَوْمَ على رئيس الوزراء المكلف كي ينصف الثقافة وان يتسلح بسلطة المثقف لتعينه في مرحلة العراق القادمة حيث ان الصحفي الذي ينتصب الى يسار السلطة من الممكن ان يكون مرآة اصحاب القرار كي يعصمهم من الخطأ.
نبحث عن صحفي يتولى مهمة وزارة الثقافة في العراق ؛ ينتمي الى الجسد الشعبي وليس بعيداً عن سلطة اصحاب القرار .
نبحث عن صحفي قادر على ان يعيد للثقافة العراقية قدرتها على الوقوف ويشرع بتطوير آليات التعامل مع المثقف كمبدع عراقي أولاً وكمسؤول صاحب سلطة عليا في وقت فرض على السياسي ان يتعامل مع المواطن الصحفي عبر بوابة وسائل التواصل الاجتماعي وفتحها المجال الواسع لتناقل الأخبار وانسيابية النقد والتقييم.
الوضع الثقافي في العراق بات لا يتحمل صدمة اخرى بتعيين سياسي اخر بمنصب وزير الثقافة ، كما ان اصحاب القرار “المتحزبون” وغيرهم بحاجة لان يقتنعوا بان الثقافة العراقية بوضع محرج جدا ، وتحتاج الى عملية نكران ذات من قبلهم لفتح المجال امام العائلة العراقية المتخصصة لإدارة مفاصل الوزارة ، وان لا تاخذهم حالة الاستفراد التي مارسوها طيلة عقد ونيف لمصادرة اخر أمل عراقي لانعاش الثقافة العراقية وعودتها الى موقعها الحقيقي كممثل للعرب والعالم متسلحة بالتاريخ والابداع.
*رئيس التحرير