كابينة .. يا كابينة
محمد السيد محسن*
لم يدر حديث بين العراقيين خلال الأيام القريبة الماضية اكثر من حديثهم حول كابينة عبد المهدي الحكومية المجتزأة ، وقد تعرض البعض لانتقاد عبد المهدي لتقديمه “فتاة في العشرين” لشغل وزارة العدل ، و “ارهاب وكباب لوزارة الشباب” متهمين الوزير الجديد بانه ذباح سابق على طريق الموت في اللطيفية ، كما انتقد عبد المهدي لاختياره مترجما سابقا وسكرتيرا مكتب كوزير للمالية. ومتخصص بالتاريخ لوزارة التخطيط ورجل مجهول التعريف بالنسبة للوسط الثقافي العراقي كوزير للثقافة .
نعم كابينة عبد المهدي “المجتزأة” فاجأت العراق ونخبه وبعض المهتمين بامور الحياة على الرغم انها بدأت الكترونية ثم انتقائية وأعطي الرجل الحرية باعترافه خلال كلمة تنصيبه حيث شكر بعض الكتل لإعطائه “الحرية” لاختياره الوزراء ، وكأنه يحاول تبرئة حكومته من بصمات حزبية ضاغطة ،لكن الأمور لم تعجب العراقيين حيث ان بصمات الاحزاب كانت واضحة وجلية في تحديد كابينة عبد المهدي ، وما لم يكن واضحاً ان “سيد عادل” كما يحب ان يكنّى لم يكن صريحاً مع الشعب منذ الوهلة الاولى وشفافاً في الكشف عن المضايقات خصوصاً وانه رئيس وزراء مكلف وليس منقذاً لمرحلة تاريخية عراقية.
فَلَو عرف الرجل انه مكلف سيكون مقتنعاً بانسحابه بشكل سلس جداً ولن يضيره الوقوف امام العراقيين والحديث بصراحة حول حقيقة المعوقات ، اما اذا كان مقتنعاً بان دوره “منقذٌ” فليس من السهل عليه ان يتسم بالصراحة لان حماية موقعه ستأخذ جلّ أولوياته .
وبالتالي فان كابينة عبد المهدي وفق قناعة البعض الذي يتهمه جاءت من خلال مكاتب حزبية ولَم تأت من مكتبه ،ولَم يستطع عبد المهدي إقناع المعترضين على بعض مرشحيه من الوزراء ان هذه التشكيلة جاءت وفق قناعاته ، كما انه تعهد خلال جلسة تنصيبه بترك امور ما لبث ان أقرّها بعد ساعات معدودات حيث قال ان من أولويات حكومته ترك المناصب بالوكالة ليعلن بعدها انه سيتولى حقيبتي الدفاع والداخلية بالوكالة لحين الاتفاق على ترشيح شخصين لهما في استنساخ واضح لسيناريو حكومة نوري المالكي عام ٢٠١٠ وهي الفترة التي اضاع بها العراق كل مكتسبات الفترة السابقة وتعرضت البلاد الى انتكاسة أمنية واقتصادية كبيرتين.
إذن ،هل هناك ارتباك في تقييم استراتيجية القيادة التي يسعى لها عبد المهدي؟
هل ان رئيس الوزراء المكلف يريد احراج بعض الكتل “الضاغطة” من خلال نقل صورة للمواطن ان لا تغيير سيحصل ما دام المكلف مغلّفاً؟
وهنا لا بد من الإشارة الى حق المواطن في التساؤل :من يقود المشهد الحالي رئيس الوزراء أم كتل ضاغطة قدمته لأجل ان تدير هي من ورائه المشهد؟
وكذلك من حق المواطن ان يستبطن الظن السيء اذا لم يستطع السيد عبد المهدي إقناعه بانه اَي رئيس الوزراء ، هو مما تم رسم ملامحه : الشجاع والحازم والقوي.
نحن نعلم ان رئيس وزراء دون ابٍ في عراق الْيَوْمَ لن يستطيع ان يمضي قدما دون مثبطين ومحبطين وربما دونما متآمرين . ونقصد بـ”دون أبٍ” ، انه لا ينتمي لكتلة بعينها رشحته لتكون داعمةً له تحت قبة البرلمان ، هذه السمة التي كنّا نعتقد انها ستكون عنصر قوة بدأنا نخشى جادّين انها ستكون سببا رئيساً لضعف عبد المهدي في ظل واقع المرحلة . لكننا مع ذلك ننتظر من عبد المهدي ان يكون صريحاً وزاهداً بالمنصب وربما الانسحاب أحياناً ينقذ عيدان الثقاب المتراصفة بعد الحرق.
*رئيس التحرير