شروط مسبقة لمعسكرين شيعيين تهدد عبد المهدي
بغداد – الاعمار
لم يمض سوى أسبوع واحد على عمر حكومة عادل عبدالمهدي التي منحها البرلمان الثقة في 25 تشرين الأول الماضي، حتى بدأ الخناق يضيق عليها، في ظل تهديد وتلويح بسحب الثقة منها وإسقاطها.
لكنّ ما يثير الانتباه هو أنّ الكتل التي تلوح بذلك، هي نفسها التي دعمت عبدالمهدي وأوصلته الى سدّة الحكم ومنحت الثقة لحكومته. أما تفسير ذلك فلا يبدو مهمة صعبة بعدما بدأت أوراق التوافقات تتكشف.
وكشف مسؤول عراقي في بغداد، طلب عدم ذكر اسمه، في حديث للعربي الجديد أنّ حكومة عبدالمهدي لديها 180 يوماً قبل أن تخضع لتقييم شامل بشأن أداء الوزراء كافة ويتم قياس ما أنجزت من وعود. كما تحدث عن وجود شروط أخذت على رئيس الوزراء من قبل بعض الكتل قبل جلسة منح الثقة له بانتظار أن ينجزها عبدالمهدي، مؤكداً أن رئيس الوزراء الجديد قد يكون أكثر رؤساء الحكومات قبولاً لموضوع الاستقالة في حال شعر أن هناك قرارا بسحب الثقة منه.
ولا يملك رئيس الوزراء الجديد أي كتلة أو حزب سياسي يدافعان عنه، إذ يعتبر أول مسؤول يصل إلى سدة الحكم في العراق بطريقة التوافق بين المعسكرين الشيعيين. وحدث ذلك بعد أزمة كبيرة دامت لأربعة أشهر وانتهت بتدخل من المرجعية الدينية الشيعية النجف التي دعمت مرشح تسوية بين الفرقاء الشيعة وهو عادل عبدالمهدي.
ووفقا للمسؤول العراقي نفسه، فإن وجود مرشح التسوية دفع الكتل إلى محاصرته بالشروط بهدف الحصول على مقابل لدعمه، بما في ذلك إخراج القوات الأميركية من العراق العام المقبل ودعم الحشد الشعبي وشموله بصفقات التسليح وتخصيص قواعد خاصة به أسوة بالجيش العراقي، فضلاً عن إلغاء قرارات لرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي.
وأشار المصدر الى أنّ “الكتل اتفقت مع عبدالمهدي، على أنه في حال تجاوز المهلة المحددة لتنفيذ برنامجه الحكومي ستسحب الثقة منه باتفاق الكتل”، مشيراً إلى “لا يوجد أي خيار أمام عبدالمهدي، إلا الالتزام بالتوقيت المحدد له، وإلّا فسيكون عليه الاستقالة قبل أن يتم سحب الثقة منه”.
وتبدو الكتل السياسية واثقة من عجز عبدالمهدي عن تطبيق برنامجه الحكومي خلال المهلة الممنوحة له.
وقال القيادي في تحالف البناء، حيدر الزبيدي إنّ “الكتل السياسية منحت عبدالمهدي فرصة لأخذ دوره لإصلاح العملية السياسية، من خلال برنامجه الحكومي، ومنحته مهلة كافية لتطبيق هذا البرنامج”. مع العلم أن “البناء” يضم تحالف “الفتح” بزعامة هادي العامري و”ائتلاف دولة القانون” بزعامة نوري المالكي وكتل أخرى.
وأوضح الزبيدي أنّ “هذه المهلة كانت ستفرض على أي رئيس حكومة سواء عبدالمهدي أو غيره، إذ إنّ القصد هو منها هو العمل لخدمة الشعب والصالح العام”. وأكد أنّ “عبدالمهدي وافق على هذه المهلة، وتحمل مسؤوليتها، وأنّ أي خلل ببرنامجه الحكومي، أو التخلي عن تنفيذه سواء أكان ذلك بشكل كلي أم جزئي فسيكون ذلك خرقاً للاتفاق المبرم معه”.
وأشار إلى أنّ “البرنامج الحكومي هو مسؤولية عبدالمهدي، وعليه أن ينجزه بكافة تفاصيله، ونحن ككتل سياسية ستكون علينا مسؤولية متابعة تطبيق البرنامج بالشكل الصحيح، وعكس ذلك فسيكون لنا حراك وخطوات لمساءلة عبدالمهدي وحكومته، واتخاذ أي قرار مناسب يراه البرلمان، وقد يصل إلى سحب الثقة منه وإسقاط حكومته”.
وكان النائب عن التحالف المدني، فائق الشيخ علي، قد قال في تغريدة له، إنّ “البرنامج الحكومي الذي عرضه عبدالمهدي على البرلمان، لا يستطيع رئيس الوزراء البريطاني في الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل تطبيقه، حتى لو سانده على ذلك (أدولف) هتلر و (بينيتو) موسوليني وصدام حسين”.
ولا تبدو الكتل السياسية حتى الآن راضية على عبدالمهدي وحكومته إذ بدا أن لغة التهديد والتلويح بإسقاط حكومته هي الطاغية على الكتل السياسية التي دعمته وصوتت لحكومته. وقال علي البديري، النائب عن كتلة الإصلاح والإعمار (يتزعمها رئيس الوزراء السابق) حيدر العبادي في تصريح صحافي، إنّ “الوزراء المرشحين في حكومة عبدالمهدي، جميعهم من مرشحي الأحزاب والكتل السياسية”.
وشدد على أن “نافذة الترشيح الإلكتروني لم يكن لها أي دور في تشكيل الكابينة الوزارية الجديدة، عدا تمرير بعض مرشحي الكتل السياسية على أنّهم من التكنوقراط المستقلين”. ولفت إلى أن وجود وزراء مشكوك في نزاهتهم مع إمكانية منعهم من تولي مناصبهم من قبل القضاء وهيئة النزاهة والمساءلة قد يجعل العدد المتبقي من أعضاء الكابينة الوزارية الذين تمت الموافقة عليهم في البرلمان أقل من النصف زائدا واحدا، وعندها ستصبح الحكومة فاقدة للشرعية وتسقط دستورياً.
في موازاة ذلك، وفي سابقة هي الأولى من نوعها، أعلنت هيئة النزاهة هي الأخرى، عن تشكيل فريق خاص للتحقيق ولمتابعة عمل حكومة عبدالمهدي. ويعرب مراقبون عن اعتقادهم بأنّ عمر حكومة عبدالمهدي لن يتجاوز المهلة المحددة لها، على اعتبار أنّها حكومة مرهونة بالإرادات السياسية.
وقال الخبير السياسي عارف محمد إنّ “الكتل السياسية العراقية لم تتوافق من قبل، كتوافقها اليوم على حكومة عبدالمهدي”. وأوضح أنّ “هذا التوافق والاتفاق، وتشكيل فرق التحقيق والمراقبة على حكومة عبدالمهدي، وجمع ملفات الفساد بحق وزرائها، أمر سيؤدي إلى إنهاء عمر هذه الحكومة”، مبينا أنّ “الكارثة تكمن في أن رئيس الحكومة هو في حاجة إلى الكتل البرلمانية، وهي ليست في حاجة إليه”.
وأشار إلى أنّ “حكومة عبدالمهدي، ستبقى حكومة مريضة ضعيفة حتى تسحب الثقة منها، إذ لا يمكن لعبدالمهدي إلا أن ينفذ ما تريده الكتل السياسية، خصوصاً الكتل الكبيرة التي تستطيع إسقاط حكومته برلمانياً”.