لماذا تتجدد تفجيرات الكرادة سنوياً؟

باتريك كوكبيرن – الاندبندنت
اختلط الآيس كريم بالدم على الأرض إثر انفجار سيارة مفخخة امام محل المثلجات في حيّ الكرادة ببغداد في أولى ايام شهر رمضان.
وتتجول فتاة بحيرة بعد الحطام، حول الكراسي الصفراء والخضراء اللتان يكسوهما الدماء إثر انفجار اسفر عن مقتل اكثر من 26 شخصاً وجرح العشرات نفذه تنظيم داعش.
وعادةً ما تكون تفجيرات الكرادة هي الأسوأ في رمضان، لكن هذا لا يعني توقف العمليات الانتحارية على الأسواق البغدادية بقية أشهر السنة. ففي العام الماضي قُتل اكثر من 340 مدنياً في انفجار سيارة مفخخة بمنطقة الكرادة. يقصد الانتحاريون هذه المناطق لاكتظاظها بالسكان الذين يتجولون ليلاً نتيجة انخفاض درجات الحرارة.
التفجيرات ورغم تعرض تنظيم داعش لأسوأ أيامه عما كان عليه في السنتين الماضيتين، إلا انها ماتزال حاضرة وبقلب العاصمة بغداد.
في الموصل، وبعد ستة أشهر من القتال في الشوارع بصورة معقدة، يعود تنظيم داعش الى أزقة في البلدة القدمة مقاوماً تقدم القوات الأمنية العراقية، مستفيداً من احتجاز المدنيين الذين اتخذهم دروعاً بشرية هناك.
عسكرياً، تمكنت القوات الامنية من عزل المسلحين نحو نهر الفرات بدعم من قوات التحالف الدولي، مما ادى الى تراجع مسلحي داعش في العراق وسوريا بعد وصول فصائل الحشد الشعبي الى الحدود السورية حيث منطقة التنف.
ويجب ان نضع بالإعتبار أن الجيشين العراقي والسوري والقوات المصاحبة لهما تقاتل داعش فضلاً عن القوتين الكرديتين السورية والعراقية، فكل هذه القوى العسكرية يقتصر قتالها على مكافحة التنظيم، ولا شك ان داعش عانى من خسائر كبيرة على الارض لكنه قد يعود الى اسلوب حرب العصابات.
ومن وجهة نظر التنظيم الارهابي المستقبلية تبدو ليست قاتمة، فالمسلحون قادرون على زرع الخوف من خلال قتل المدنيين ومعظمهم من الشيعة والمسيحيين بدليل تفجيرات بغداد ومانشستر.
وحين تطلع على اصدارات داعش تجد ان تركيزه ينصب على قتل هاتين الطائفتين الشيعية والمسيحية، فحتى تنظيم القاعدة كان ينادي بقتلهما معتمدين على الكراهية الداخلية وكسب ود المجتمعات المناهضة لتلك الطائفتين.
سياسياً، استفاد تنظيم داعش من رحلة دونالد ترامب الى السعودية واسرائيل التي فاقمت الصراع بين السنة والشيعة وبين السعودية وايران لاسيما أن دولة قطر دخلت على خط الصراع بين الدولتين.
ومن المفارقات، فإن تنظيم داعش وفي ذروة قوته لم يكن مخيفاً بالنسبة للمجتمعات المختلفة في الموصل حين ظهر هناك، فهو كلما يتمتع بنفوذ تقل عدوانيته، لكن حين يخسر داعش الأرض ترتفع عدوانيته ويصبح اكثر رعباً.
وتُذّكر الحكومة العراقية الاكراد انهم استفادوا من الانتصارات الاولى لتنظيم داعش حين ظهر عام 2014، مستفيدين (الأكراد) من انسحاب الجيش العراقي حينذاك للسيطرة على الاراضي المتنازع عليها.
في سوريا ايضاً هناك سباق من قبل الأطراف الراعية للجماعات المسلحة المسيطرة على المناطق في شرق سوريا التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش. ومع بداية شهر رمضان، من غير المتوقع ان تتراجع اعمال العنف في العالم الاسلامي.
ولاتزال الدول ضعيفة امام مواجهة خطر الارهاب وتصاعد الاختلافات الطائفية في الاماكن التي يفترض تلاشت فيها الحروب.
وهناك بعض الدول متورطة في عمليات الاحتقان الطائفي، فقوات الأمن السعودية تحاصر بلا أسباب بلدة العوامية الشيعية شرق المملكة العربية السعودية وتصاعد التصادمات في البحرين، فضلاً عن اليمن التي تعاني من النقص في المياه النظيفة مما ادى الى إصابة أكثر من 52 الف حالة بمرض الكوليرا ووفاة 471 مريضاً. وهذه الحروب قد تستمر، والدلائل قليلة لعودة السلام في تلك الدول المتصارعة.