ماذا نريد من أمريكا وماذا تريد أمريكا منا

رقيب عبد الرحمن محمد
الولايات المتحدة الأمريكية بكل إداراتها السابقة أو الحالية لا تختلف في سياستها عن بعضها إلا في أدوات استغلالنا تحركها مصالحها ومصالح حلفائها التي تصب في النهاية في مصلحتها وكحقيقة ثابتة لا جدال فيها فهي لا يهمها من يحكم العراق أو أي بلد من بلدان المنطقة ولكن يهمها أولا ما يمكن أن يقدمه لها هذا الحاكم والطريقة التي تحمي بها نفوذها وقد اعتدنا أن نرى سياسة الحزب الجمهوري الخارجية أو الداخلية تمتاز بشيء من الهدوء والحراك المبطن المدروس بعيدا عن التهديدات كما كان حكم اوباما بينما أسلوب عمل الحزب الديمقراطي يمتاز بالعنجهية والاستهتار العلني والتهديدات الرنانة والغرور بعد استعراض العضلات وآلات القتل والدمار التي يمتلكونها فكل حزب من الحزبين المتناوبين على الحكم فيها يحصد ما يزرعه الحزب الذي سبقه في دورته الانتخابية وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد وقع الرئيس باراك اوباما بعد دراسة مستفيضة وتمحيص الاتفاقية النووية مع إيران وقد اشترك معه الاتحاد الأوربي فيها عن قناعة أو من دونها وكانت مرضية لجميع الأطراف بينما بدأ الرئيس ترامب فترة رئاسته بتصريحات خالفت كل شركائه بالتلويح بإلغاء تلك الاتفاقية بل بذمها وذم من وقعها وهو يدرك تمام الإدراك انه لا يستطيع أن يعيد الكرة والإقدام على الانتحار مرة أخرى في ضرب أي دولة من دول العالم واحتلالها كما فعل في أفغانستان والعراق رغم المعارضة الدولية فما بالك بإيران الدولة القوية وذات الصناعة التسليحية العسكرية المتطورة التي لا يستهان بها والموقع الإستراتيجي المسيطر على أهم بحيرة في الاقتصاد العالمي ونفوذ يمتد من أواسط آسيا إلى البحر المتوسط وثقل ديني كبير ولا ندافع في هذا عن إيران إنما فقط نذكر بعض الحقائق .

إن ترامب يدرك انه من الناحية السكرية لا يستطيع التورط في حروب لا مع إيران ولا مع غيرها فتلك حقبة زمنية قد ولت وانقضى عهدها وعفا عنها الدهر وما متاح أمامه العبث في الجانب الاقتصادي فقط من خلال امتلاكه للعصا الاقتصادية الأقوى في العالم رغم الأهمية القصوى لهذا الجانب ولكنه أيضا يدرك إن هذا المسعى محدود التأثير لأنها أي إيران تمتلك أيضا أساليبها الخاصة في إفشال مساعيه من خلال نفوذها الذي اشرنا إليه آنفا بالإضافة إلى انه يدرك تماما مغزى ومعنى الدعم الروسي والصيني الذي لا ينصاع إلى إرادته إلا من خلال تطابق المصالح بسبب ثقل الصين في الاقتصاد العالمي والنهج السياسي الذي تعمل عليه كدولة وهو أي ترامب لا يريد من خلال كل جهوده إلا الدفع بإيران إلى الانصياع إلى إرادته والدوران في فلكه أو في الأقل الاقتراب من أمريكا واحترام نفوذها في المنطقة وهذا ما لا أضنه يحصل إلا بالقدر الذي تقرره إيران نفسها .

إن ترامب وإدارته الحالية يحاول أن لا يقع في فخ يفقد دولتهم هيبتها وتهتز مكانتها في العالم ويتراجع زخم سطوتها على القرار السيادي العالمي ولا يسمح بان تطفو إلى السطح قوى أكثر منه نفوذا خصوصا بعد تنامي دور الاتحاد الأوربي حتى بعد محاولات انسحاب المملكة المتحدة منه أو بعد تحسن اقتصاد روسيا بقيادة الرئيس الطموح بوتن وأمام التطور الاقتصادي المذهل الذي تشهده الصين أي إن ترامب يحاول الاستمرار بفرض النفوذ الأمريكية العسكري والاقتصادي فعاد لمغازلة الدول القوية اقتصاديا في المنطقة وخصوصا دول الخليج والاستمرار بالإمساك بالاقتصاد العراقي حتى مع تدهور أسعار النفط في السوق العالمي فهو سيحاول العمل على رفع أسعاره لتغطية خططه التي تذهب باتجاهين الأول يقضي بالعبث باقتصاد غيره من حلفائه أو منافسيه والثاني الاستمرار بضخ السلاح إلى منطقتنا بثمن باهظ في نفس الوقت الذي يعيد تبنيه للاقتصاد العراقي لاستنزافه مع تنفيذ مشاريع داخلية تحسن من وجه أمريكا القبيح في نظر الشارع العراقي .

إن الرئيس الأمريكي بإدارته الجديدة والمنتقاة بعناية فائقة وبالاعتماد على مراكز الدراسة والبحث في شؤون منطقتنا يدرك بشكل جيد انه لا يستطيع أن ينفذ أكثر شعاراته لان المنطقة مهما تكن ضعيفة فان لدى شعوبها إرادة تختلف كثيرا عن إرادة حكامها وان المنطقة التي باتت تغلي بشدة لابد لها في نهاية المطاف من انفجار سيدوي بوجه سياسة العدوان ومصادرة حقوق الشعوب في تقرير مصيرها والانتفاع من خيراتها ولكي يضمن ابتزاها إلى أقصى حد ممكن لجأ إلى ما أسموه القمة العربية الإسلامية الأمريكية الذي عقدوه في الرياض على مدى يومي 20- 21 من أيار الحالي ببساطة ليرفع العصا الأمريكية فقط وليتبنى غيره الإنفاق في المال والدماء وتحصد أمريكا وحلفائها الإرباح وهذا ما حصل فعلا ونحن والأمريكان ندرك إن عصابات داعش التي صنعوها هم في طريقها إلى الزوال بإرادة عراقية ذاتية خالصة رغما عن انف من يرى غير ذلك .

خلاصة القول بعد هذا الإسهاب في واقع حال منطقتنا إننا كشعب عراقي وربما تشاركنا شعوب المنطقة هذا الطموح نريد أن نعيش حياة حرة كريمة نكون فيها أصحاب القرار والسيادة يجد فيها المواطن ضالته من الأمن إلى جانب الخدمات التي حرمنها منها منذ أن فرضت الولايات المتحدة الأمريكية حصارها على بلدنا ونحترم كل شعوب العالم التي تبادلنا الاحترام وعلى أمريكا بقيادة ترامب أو غيره أن تدفع ثمن عدوانها وتقف إلى جانبنا ونحن نعلم علم اليقين إن هذا له ثمنه الباهظ الذي تطلبه والله المستعان .