أمبراطوريات الشركات الأمنية الخاصّة “كتاتيب قمامة المحتل”
عبد الجبار نوري
في 26 كانون الثاني2017 جرى التصويت في البرلمان العراقي على أقرار عمل هذه الشركات الأجنبية في مجالات عسكرية ومؤسساتية وخدمية أستناداً إلى البند ( اولا) من المادة (61 ) والبند ( ثالثا) من المادة ( 73 ) من الدستور العراقي 2005 بأسم ” قانون الشركات الأجنبية الخاصة ” وهكذا قد أقرّ وشرعن من قبل العراقي نفسهً ، وللأسف فتح باب الشركات الأمنية الخاصة ربما هو جرحٌ جديدٌ غائر قد لا يندمل في جسم الوطن المثخن بالجروح من أسهم الغدر الأقليمي والدولي وحتى من (بروتس العراقي) الذي شارك في طعن وطنه العراق في زج أرضه وشعبه في الشبكات العنكبوتية لمتاهات المستعمرين بصيغة العولمة والحداثوية السياسية والعسكرية وممارساتها الوحشية التي يتستر عليها البيت الأسود الأمريكي ، ومن أهم الشركات الأمنية الخاصة العاملة والتي سوف يجدد العراق عقود عملها في مطلع 2017 هي : بلاك ووتر الأمريكية ، تيتان العسكرية ، واين كرون ، أنترنشنال تربيل كانوبي ، وشركات بريطانية مثل : شركة آرمر كروب ، ووايجيس ديفينس سيرفيس البريطانية .
المعطيات التدميرية المرعبة للشركات الأمنية الخاصة !!!
-الكل يعلم التأريخ الأسود لشركة بلاك ووتر الأمريكية السيئة الصيت والتي قتلت 14 مدني عراقي وجرحت 18 آخرين في أطلاق نار في 16 أيلول 2007 في أحدى ساحات بغداد على أناسٍ لم يكونوا أهدافاً مشروعة ، ولم يكونوا يمثلون أي تهديد حقيقي بل هو الحقد الأسود والكراهية للمخابرات الأمريكية تجاه الشعوب المقهورة بدليل أعترافات العسكري المتهم بالقضية ( سلاتن ) أمام محكمة المحلفين الأمريكية والذي حُكم عليه بالمؤبد قال : أني غير نادم على ما فعلت لأني أثأر أنتقاماً من العراقيين المشاركين في أحداث سبتمبر 2011 ، بعد فضيحة هذه الشركة في العراق سُلطتْ الأضواء على دور الشركات الفاحشة والذي يتضح أن هذه الشركات وراءها أجنداتٍ أجنبيةٍ تروّج لها أعلامياً في أسواق نشر السلام على الطريقة الأمريكية وعلى ما يظهر أن هناك العشرات من المعاهد في أمريكا وبريطانيا وألمانيا تروّج لقوة هذه الشركات الأمنية الخاصة بأن لديها معدات ألكترونية في أستخدام الطائرات بدون طيار ، وأن هذا الترويج الأعلامي هو ليس فقط لأغراض عسكرية بل لعقد صفقات تجارية مع تلك الدول التي تعاني من صراعات سياسية وأجتماعية وضعفٍ في البنية الأمنية والعسكرية ، وان لها كيانات تجارية خاصة تقدم خدمات عسكرية وأمنية وهي أحدى تجليات العولمة الأقتصادية العسكرية والأمنية والسياسية .
– أنفاق هائل وكبير في أستهلاك الدخل القومي على حساب الموازنة التشغيلية ، وغياب الرقابة الحكومية على هذه الشركات حيث يتخلل الغش والتلاعب في حساباتها لصالحها النفعي والربحي ، وقد وصل أجور المرتزقة في الشركات الأمنية إلى ألف دولار في الساعة ، والقناص المحترف من هؤولاء الميليشيات يتقاضى 15 ألف دولار يومياً . والكارثة الكبرى أن من بين بنود الأتفاقية الأمنية مع تلك الشركات هي ( حصانة ) الجنود من الملاحقة القانونية لأي جرمٍ يرتكبوه ، وأن القضاء الأمريكي هو المرجع الوحيد وليس القضاء العراقي علما أن الحكومات العراقية بعد 2003 مسلوبة الأرادة تجاه المحتل ولا تستطيع محاسبة المحتل على جرائمها ، وثبت أن لهذه الشركات معسكرات تدريبية وسجوناً داخل العراق لا تخضع للقوانين المحلية وهو ما يشكل تهديداً وخرقاً للسيادة الوطنية والتي هي هيبة الدولة لأفتقاد تنظيم قانوني لنشاط هذه الشركات ، وأن الأعتماد على هذه الشركات الأمنية تؤدي بالتالي إلى أهمال الأمن الوطني وتدهوره وضياعهِ .
– تدخلات عسكرية بحجة تقديم خدمات عسكرية لوجستية بمثابتة تأثيرات سيادية على هيبة الدولة السياسية والدبلوماسية ، أضافة إلى فقدان لأحتكار الحكومي للسلطة العسكرية جراء تدخل الشركات الأمنية في مهامها العسكرية ، بل ذهبت أبعد والأبعد في أقحام نفسها في بؤر النزاعات المسلحة والتي تعتبر شركة بلاك ووتر أبرز مثال لهذه الخطوة الخطيرة حيث شاركت في الأعمال العسكرية في العراق وأفغانستان لصالح الجيش الأمريكي ، وتمتلك هذه الشركات قاعدة بيانات نحو 21 ألف جندي سابق من القوات الخاصة فهي طبعاً تعتبر تهديداً للأمن القومي للعراق ، علما أن هذ الشركات الأمنية لها صلات غير مباشرة وقد تكون مباشرة بقوات التحالف الدولي في العراق وسوريا وأفغانستان وغوانتنامو وهي حاملة فايروس الأنتقام من العراقيين الذين قتلوا أكثر من ستة آلاف من المارينز وجنود الأحتلال الأمريكي على يد رجال المقاومة الشريفة ، هذا ويمكن أن يذهب الحقد أبعد أنتقاماً من أحداث سبتمبر 2011 تحت شعار السي آي أي ( التزوير السياسي ) في تبرير أحتلال العراق وأفغانستان ، وأن هذه الشركات الأمنية تنتشر ضمنها الميليشيات الصربية أصحاب الخبرة في الأبادة العرقية ضد الجماعات المسلمة في البوسنة والهرسك ، وكذلك رجال من شرطة جنوب أفريقيا والتي لها خبرة في أبادة اللون الأسود ، ومن شرطة ساوباولوا شركاء العصابات المنظمة في بيع البشر والمخدرات وترويج الدعارة عبر الموانيء الخطرة للعالم ، وأن أغلب المشتغلين ضمن هذه الشركات الأمنية الخاصة هم من المرضى النفسيين أو المرتزقة ومن بقايا النظم العنصرية في أفريقيا فهم قتلة بالأيجار ، وأن القوانين الدولية وأتفاقيات جنيف للحروب لا تنطبق عليهم أي ليس هناك ما يعرقل تصرفاتهم ، وللعلم أن الشركات العسكرية الخاصة تحتل مرتبة متقدمة في أسهام العسكرة الأمريكية والبريطانية في العراق اليوم .
الخاتمة/ لا يليق بنا سوى صرخة بوجه الباطل فليكن شعارنا قول سيد البلغاء الأمام علي ” لا أبقاني الله أن أبقيت عدوي خلفي ” الكل يعلم أن هناك خاصية لأرض العراق التي ضمت بجنباتها عظماء الرجال كتبوا صفحات الظالمين والعتاة بوجوه متعددة ، وأن وراء أحياء هذا القانون العدواني وفرضه هم شلّة من سياسيي الفرهدة ونهب المال العام بحجة أعمار العراق وهو بالحقيقة أفقار العراق وأهانتهِ وسلب ما تبقى من ملابسه الداخلية ليبرروا للمحتل بقاءهُ بعد تلميع صورته ، يا لهُ من وطني مضرج بأشعار محمود درويش ورؤى نجيب محفوظ وحزن كنفاني ، أو كما كتب الكاتب المتألق ” عزيز دفاعي “{ أن حكوماتنا اليوم أما هم خارج الحدث أو ينامون في كهفٍ معزول أو أنهم غير مدركين ما يرسم للعراق } .
وأضيف : السياسيون في العراق يفتقدون المشروع المستقبلي ، وهم اليوم من يؤجج النعرات الهوياتية…