إصلاح القطاع الأمني في إستراتيجية الأمن الوطني

عبد الحليم الرهيمي
من بين العديد من المشاكل الرئيسية التي واجهها ويواجهها العراق وشعبه منذ التحرير والتغيير في نيسان 2003 هي المشكلة الأمنية المتمثلة بتهديد أمن وسيادة العراق وسلامة شعبه واسقاط العملية السياسية ، حيث ووجه هذا التغيير بمقاومة فلول النظام السياسي السابق ، ابتداءً بالاعتداء على مؤسسات وموظفي الدولة وخاصة الاجهزة الامنية ومنتسبيها ، ثم قيام بعض جماعات الاسلام السياسي ورجال الدين المزيفين باصدار (الفتاوى) الزائفة الداعية لقتل منتسبي تلك الاجهزة ، بل وتحذير المواطنين من الأنتماء اليها ، وقد أعقب ذلك في الاعوام التالية ما شهده العراق من دخول المنظمات الارهابية الى العراق متمثلة اساساً بـ (القاعدة) التي اصبحت القوة الأرهابية الاساسية بعملياتها الاجرامية والتي اخترقت العديد من القوى المتضررة او المعادية للعملية السياسية والتي مهدت وسهلت غزو تنظيم داعش الارهابي لأحتلال ثلث الاراضي العراقية والسيطرة على كميات هائلة من الاسلحة والذهائر التي قدرت قيمتها بنحو 25 مليار دولار بعد هرب كبار قادة الجيش المتواطئين من ارض المعركة ا لى اربيل وبغداد وافسحوا المجال لارتكاب مجزرة سبايكر المروعة التي راح ضحيتها نحو 1700 من الجنود العراقيين الاغرار المجردين من السلاح .

ومنذ الاحتلال الداعشي لأراض عراقية بدءاً من 10 حزيران 2014 أولت حكومة الدكتور حيدر العبادي التي تشكلت في أيلول من العام نفسه اهتماماً اكبر في اصلاح قطاع الأمن بأجهزته المختلفة بدءاً بتطهيره من العناصر والقيادات الفاسدة ، وكذلك البدء بتطويره ومده بالاجهزة والمعدات الضرورية اللازمة فضلاً عن وضع الخطط الامنية التي عقد الرهان على تمكنها من تحقيق النجاحات المطلوبة لحفظ الامن لكن ذلك لم يحد من أستمرار الاختراقات الأمنية والاعمال الاجرامية للأرهابيين ، الأمر الذي دفع الكثير من المواطنين الى توجيه الأنتقادات بل والأتهامات للاجهزة الامنية لتقصيرها او عدم قدرتها على تحقيق الامن بشكل شامل وهو الامر الذي تتقبله وتتفهمه قيادات تلك الاجهزة لكنها تعترف انها لم ترتق بعد الى المستوى الذي يؤهلها لتحقيق الامن بشكل مستتب وشامل بعد امتلاك مستلزماته الضرورية! وفي ضوء ذلك وتقدير الجهات الحكومية والأمنية المعنية بذلك وضع مجلس الامن الوطني استراتيجية أمنية اطلق عليها اسم (استراتيجية الامن الوطني العراقي) وتنطلق هذه الاستراتيجية من تحديد هدف رئيسي لها وهو السعي لـ أصلاح وتطوير قطاع الأمن الداخلي والذي يعتبر (احد الركائز المهمة في الأمن والدفاع لتحقيق الأمن والاستقرار .. )

ويتمثل اصلاح القطاع الأمني في السعي لبناء قوات مهنية ذات كفاءة عالية بأعتبار ذلك يمثل الحاجة الحقيقية لأصلاح القطاع الامني واصلاح المجتمع الاستخباراتي الذي هو بدوره ، بحاجة الى اصلاح وتطوير .

من هنا ، وبعد تحليل وتشخيص مجلس الامن الوطني للضعف والتقصير اللذان يسهلان الاختراقات الامنية للأرهابيين حددت (استراتيجية الامن الوطني) التي اقرت عام 2016 . غير ان هذه الاستراتيجية لم يؤخذ بها بالشكل المطلوب والمتوقع بوضع الآليات والخطط العملية والبرامج لتحقيقها ، وهو الامر الذي يضع الجهات المعنية والمسؤولة عن تطبيق هذه الاستراتيجية وهي وزارة الداخلية وجهاز المخابرات الوطني ومستشارية الأمن الوطني لأيلاء هذه المسألة الاهتمام الضروري واللازم لتنفيذها . ان ما تتطلبه استراتيجية الامن الوطني بشكل عاجل هو :

– مراجعة تنظيم المجتمع الاستخباري .

– مراجعة تنظيم المجتمع الاستخباري وبناء قدرات مكافحة التجسس .

– تسريع استكمال منظومة الاستطلاع .

– زيادة التنسيق والتعاون مع اجهزة استخبارات الدول الحليفة والصديقة والمنظمات الدولية وعقد الاتفاقات معها .

– رفع كفاءة الاجهزة الامنية لمكافحة الجريمة المنظمة .

– رفع كفاءة الاجهزة الاستخبارية .

– وضع استراتيجية وطنية لحصر السلاح بيد الدولة .

ان تحقيق هذه المتطلبات عبر آليات عملية سيعني وضع (استراتيجية الامن الوطني) على سكة التطبيق العملي المطلوب !