7 دقائق فاصلة تنقذ عائلة عن الموت.. الموصليون يفرون الى القوات الامنية
بغداد – الاعمار
من يستمع لقصص هروب الموصليين من داعش ، يظنها لعبة في العالم الافتراضي، أبعد ما تكون عن الحقيقة، فما هي إلا نافذة من 7 دقائق للحياة، في ظل استخدامهم من قبل داعش كدروع بشرية لعرقلة تقدم القوات العراقية.
لم يكن “محمود” (24 عامًا)، يعلم أنه قد يحتاج يوماً إلى اطار مطاطي لعبور نهر دجلة، الذي كان يستخدمه للسباحة في صغره. ويضيف: “تركته منذ صغري، لكنني بحثت عنه وأعدت نفخه لأخوض به رحلة إنقاذ عائلتي، المتكونة من خمسة أفراد”.
أمضت عائلته، التي تتكون من والديه وشقيقته ذات الأعوام العشرة، وشقيقه ذو العامين، يومان في التدرب على ركوب الإطار في الماء؛ وذلك “بشكل سري داخل المنزل”.
يقول محمود، “في الساعة 12 ليلًا كان الموعد المتفق عليه للهروب برفقة ثلاثة عوائل أخرى، ونحتاج إلى 7 دقائق وفق استطلاع أجريته مع جيراننا، لتجرفك مياه النهر وصولاً إلى القوات العراقية”.
والموصليون بشكل عام يبحثون عن الاماكن التي تسيطر عليها القوات الامنية العراقية لكي يفروا اليها..
ويضيف، “يفصل منازلنا عن حافة النهر جدار بطول ثلاثة أمتار، وضعنا في أحد الجهات سلماً لعبور العائلات. اكتشفت حينها أن الرعب لدى النساء يمنحهن الشجاعة، فقد وقفن على أعلى الجدار وبدأن بالقفز إلى الجهة الأخرى”.
ركبت عائلة محمود الإطار بشكل يحفظ لهم توازنه، وبدأوا بالتجذيف بأيديهم مع تيار النهر؛ “توكلنا على الله وتلونا بعض السور القرآنية، وبدأت المهمة”.
“وبعد دقيقتين فقط، شعر بنا عناصر داعش، بسبب أصوات بعض الأطفال وأصوات المياه والتجذيف، وبدأوا إطلاق النار نحونا، وازداد صراخ الأطفال والنساء، ثم تنبهت القوات العراقية في الضفة الأخرى لما يحدث، وبدأوا يحاولون شغل داعش من خلال إطلاق النار عليهم”.
ويقول، “سمعت صرختين من العائلتين الأخريين، وعلمت أن أماً وابنتها قتلا بنيران قناص داعش”.
ومع الاقتراب من القوات العراقية، أمر الكبار صغارهم بالصراخ، لإعلام القوات أنهم هاربون وليسوا متسللين من عناصر داعش”.
إلا أنها لم تكن نهاية سعيدة، فيقول وهو يمسح دموعه، “قبل أن نصل إلى القوات العراقية، قالت لي أمي: يا بني، أعتقد أنني أصبت في رأسي؛ مددت يدي على رأسها وإذا بالدماء تسيل منه، خفضت يدي في النهر لأزيل آثار الدم، وأخبرتها بعد أن وضعت يدي أمامها أنه لا يوجد شيء”.
وقال، “بعد وصولنا حققت القوات الامنية معنا، فأخبرتهم أنه لا حول لنا ولا قوة، وقد كنا محاصرين وها هي أمي أصيبت”.
يتابع محمود: “أخذوني ووالدي إلى مخيم حمام العليل، جنوب الموصل، حيث مركز التدقيق الأمني. بعدها وجدت شرطياً لا زلت أذكر موقفه الشهم، حين أخذ بيدي إلى جميع المراكز الصحية بحثاً عن والدتي، قبل أن نجدها في مستشفى غرب أربيل وهي تخضع للعناية المركزة ولا زالت فاقدة الوعي”.
وتفاقم وضع أمه بعد فقدان حقنة علاجية من المستشفى، وفي اليوم التالي كان يجلس بالمقعد الخلفي في سيارة، وإلى جانبه جثة أمه مغطاة.
وكان آخر ما قاله؛ بعد أن أخفض نافذة السيارة، “إلى الموصل سنعود لندفن أمي حيث ولدت”.