العراق مقدّس بأهله وشواخصه

رئيس التحرير*
بعض الأحداث التي تُفرض على العراقيين تُدخلهم في عملية اختبار قاسية فينجح البعض ويسقط الآخر الذي يكشّر عن انيابه الطائفية والفئوية .
مواقع التواصل الاجتماعي باتت تمثل فرصة سانحة للتعريف بهوية المتفاعلين على بعض الأحداث، ومن اهم ما تم التنابز فيه خلال الفترة الماضية هو اقدام تنظيم داعش الإرهابي على تفجير جامع النوري ومنارة الحدباء ، حيث قال البعض انها مجرد حجارة قديمة ، وقال اخرون انها رمز لتنظيم الدولة المزعومة والخلافة التي أعلن عنها ابو بكر البغدادي خلافته البائسة، اخرون أعربوا عن ألمهم لكنهم قالوا ان الأهمية يجب ان تعطى للمدنيين الأبرياء فهم أعز بكثير من منارة الحدباء ،
لا نريد ان نسرد المناجزات والمناكفات وما وصل به الحوار على الشبكة العنكبوتية الى مستويات متدنية وسخة عبرت عن الوسخ الحقيقي الذي يحيق المشهد العراقي ، لكننا نريد ان نقول ان العراق مقدس بأهله وشواخصه
منارة الحدباء التحقت بركب الشهداء الذين روّوا بدمائهم ارض الموصل العراقية الطاهرة .. اجل الطاهرة .. فكل ارض العراق تمتاز بالقدسية وهذا هو وطننا سواء كان في الموصل او في البصرة او في النجف او في السليمانية .. او أية بقعة من وطننا الحبيب وترابه الطاهر هو من اكبر المقدسات التي لا نسمح ان يعبث بها الظلاميون او من يتعاطف معهم لأسباب شخصية او طائفية او مناطقية .
العراقيون امام الموصل شعب بدون قرائن ، كما انهم امام ضحاياهم بدون قرائن فهم عراقيون أولاً ثم هم أبناء بلد واحد يضمهم وليس لديهم خيمة سواه.
ربما يستغرب بعض العراقيين من الحديث التعبوي الذي نسوقه من خلال هذه السطور ، لكننا بالحقيقة نحتاج لان ننتمي أولاً للوطن كي نقضي على القرائن التي دمرت الانتماء الى المقدسات .
يجب ان نتفق على ان أكبر المقدسات في العراق هو العراق نفسه ، ومنارة الحدباء تمثل العراق كما يمثله المقاتل البصري الذي لبى نداء الوطن وقطع مئات الكيلومترات كي يدافع عن الموصل
هكذا يجب ان نثقف ابناءنا كي يذكرنا الجيل القادم بخير وإلا فنحن فاشلون في إنقاذ أنفسنا وفاشلين في إنقاذ اجيالنا من تسريب أمراضنا إليهم
التنظيم الإرهابي عدِّ متفجراته منذ زمن وحرصت القوات الأمنية على محاولة عدم الضر بالمسجد النوري ومنارته ، لكنني شخصياً كنت منتظراً هذه الفاجعة لسببين : الاول ان تفكير التنظيم الإرهابي لا يعتني بالمقدّس ولذلك فان تدمير مسجدٍ لا يعد خطوة مفاجئة . حتى ان بعض المواقع المحسوبة على متعاطفين مع التنظيم كانوا يناقشون شرعية تفجير المسجد النوري ، وكتب احدهم ان العدو”يقصد الجيش العراقي” سيستخدم هذا المسجد لإعلان انتصاره رداً على خطبة البغدادي التي أعلن فيها خلافته البائسة
اما الثاني فهي ان سيرة هذا التنظيم الإرهابي تعطي ملامح عمل أحمق مثل تفجير منارة الحدباء ، فالذي يستدعي ذاكرته قبل أربعة أعوام سيتذكر ذاك الارعن الذي يستخدم منشاراً كهربائياً ليقطّع الثور المجنّح ، ومن يتذكر ذاك لا يستبعد هذا ، تلك هي المعادلة.
اعود للتذكير : منارة الحدباء التحقت بركب الشهداء ، والعراق مقدّس بأهله وشواخصه التاريخية.

*محمد السيد محسن