مؤتمر مثير في بغداد
رئيس التحرير*
لم يتم الاهتمام باي شيء يعود ل “سُنَّة السلطة” في العراق مثلما تم الاهتمام بمؤتمر لهم سيعقد في منتصف تموز الجاري في العاصمة العراقية بغداد والتي هي عاصمتهم مثلما هي عاصمة الشيعة السياسيين والمسيحيين والصابئة والأكراد إلى حد ما بعد اعلان استفتاء اقليم كردستان العراقي.
الموضوع لم يعد يتحمل ما تجري به الاقلام وخصوصا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فهذا يهدد بنسف مقر المؤتمر وهذا يود ان يتحرك القضاء على اصحاب هذه الخطوة واخرون يَرَوْن ان الاستهتار وصل إلى ابعد حدوده والامر لم يكن يتعدى ان سياسيين دخلوا العملية السياسية وفازوا باصواتهم وأصوات قواعدهم الجماهيرية وهم مرحب بهم من قبل سياسيين من كافة الطوائف ويجتمعون معهم سواء في السر في بيروت او العواصم الاخرى او في العلن في مجلس النواب او في استوديوهات الفضائيات التي لا تخلو من ضيف يمثل وجهة نظر شيعة السلطة واُخرى تمثل وجهة نظر سُنَّة السلطة، هؤلاء قرروا ان يجتمعوا كأيَّةِ قبيلة تجتمع وتتم مباركتها من قبل رئيس الوزراء وتخرج المسدسات لهم كهدية في حين ان هذه المسدسات استوردها العراق للدفاع عن حياضه وعن الاٍرهاب الذي يحيط به وليس لتعلق في ديوانية الشيخ فلان استذكارا لموقف رئيس الوزراء او من يمثله.
سُنَّة السلطة اجتمعوا لمناقشة ورقة اعمال ربما ستجمعهم او ستزيد من تفككهم الذي هو واقع حال مؤلم لهم منذ صدمة الموصل ولحد الان.
هم لن يسعوا لفرض تحالفهم مع اي طرف بل انهم سينتظرون حال التفكك الشيعي إلى اين ستصل في مداها وسيقررون التحالف بعد ذلك، وبالتالي فلا يحق لأي طرف ان يصفهم بأية صفة سلبية خصوصا تلك التصريحات التي استبقت المؤتمر والتي قال صاحبها ان السُنَّة الذين قاتلوا معنا هم حلفاؤنا ومن لم يقاتل معنا فهو ليس معنا. هذا المنطق الجهوي لن يبني مستقبلاً آمنًا للعراقيين، وليس استهداف مقر المؤتمر فعلاً سيصب بصالح بناء مبدأ الأخوة بين أبناء الوطن الواحد.
لقد اثبتت التجارب ان السُنَّة في العراق هم وتد من أوتاد الدولة وقد جرب رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بناء او الاستمرار في قيادة دولة عراقية دون وجود السُنَّة لكنه فشل فشلا ذريعا، الامر الذي حدا به لان ينزل ويستنزل آخرين إلى مساعدته من سُنَّة السلطة وغيرهم ممن أدخلهم إلى الواقع السياسي ليرفع رصيد السُنَّة بهم، وبالتالي فشل ايضا لان هؤلاء لم يمثلوا امام العراق الا أرقاماً تكميلية وليس لهم اي رصيد جماهيري، واما بين أقرانهم وقواعدهم ومكانهم فقد تمت تسميتهم بـ”سُنَّة المالكي”، وهذه التسمية وان كانت قاسية الا انها كانت تنطوي على جوانب حقيقية وواقعية جعلت منهم ضعفاء فيما بعد، بل ان السُنَّة الذين اكملوا مرحلة المالكي الاستثنائية تحولوا بعد المالكي وفِي عهده إلى أعداء ليس للمالكي فقط وإنما للعراق وبعضهم، بعضاً منهم استقدموا داعش للأنبار وما إلى ذلك من مهاترات اقترفها البعض بعد صدمة الموصل.
وبالعودة إلى المؤتمر الذي كما يبدو بان الحزب الاسلامي ومن ورائه تركيا هما من ينسق اموره وصرفياته وكافة الدعم اللوجستي له فان الحزب الاسلامي عضو رئيس في العملية السياسية العراقية حيث انه يحتاز على ارفع منصب سيادي في العراق من خلال ترؤس سليم الجبوري للبرلمان العراقي الممثل الشرعي لكل أبناء العراق والناطق الرسمي باسم الشعب العراقي والقيّم والمقوّم للحكومة العراقية التي يقودها شيعة السلطة كما انها المؤسسة الوحيدة القادرة على تنحية رئيس الجمهورية الذي يمثله قائد من كرد السلطة هي سلطة البرلمان، هذه السلطات التي يحتازها الحزب الاسلامي من خلال الجبوري يعني ان سُنَّة السلطة متواجدون في العملية السياسية ليس كرقم تكميلي كما أراد لهم البعض وإنما كمكوّن اصيل في العراق لا يمكن ان يقاد العراق بدونهم.
وما الضير اذا كان هناك من السُنَّة من هو مطلوب للقضاء ويشارك برأي ما دام لم يدخل الارض العراقية فهم سيساهمون بالمؤتمر من خلال دائرة الكترونية من اربيل العراقية واسطنبول التركية. أليس من شيعة السلطة من يجاهر اليوم ويدافع عن مطلوبين للقضاء من شيعة السلطة أنفسهم، الامر سواء.
كما ان عدم وجود إرادة وسلطة عراقية حقيقية على ارض عراقية تحتضن عراقيين مطلوبين للقضاء هي التي يجب ان تلام، ولا يجب ان يتحمل المؤتمر وزر ضعف الحكومة وبؤس ادائها على الارض العراقية أياً كانت، وضعف الأداء الخارجي والدبلوماسي العراقي هو الملام حين لم يستطع استقدام مطلوب قضائي من تركيا لمحاكمته في بغداد هو الذي يجب ان يلام لا يجب ان نلوم السُنَّة الذين هم من أبناء السلطة والمندمجون معها اليوم. بيد ان اهم النقاط المضيئة للمؤتمر انه عقد في قلب العراق ولم يعقد في عاصمة اخرى كما جرت عليه العادة دائماً وهذه نقطة يجب ان نباركها، لان فيها انتماء للوطن في وقت بدأت بعض الأصوات السنية تنبح بالاستقلال والتشظي والتقسيم.
وأخيراً: على الجميع الانتظار فربما يحمل المؤتمر اخبارا سارّة، الامر الذي لم يتوقعه ايٌّ لحد الان.
*محمد السيد محسن