تعيش تعيش سايكس بيكو

محمد السيد محسن
مع وصول الاخبار عن اجتماع امني كبير في لندن ما بين ممثلين من فرنسا والولايات المتحدة وروسيا بالاضافة الى بريطانيا، ومع ما يجري من حراك وسيلته العنف في منطقة الشرق الاوسط، ومع مرور مائة عام على معاهدة سايكس بيكو الشهيرة ونهاية تفويض عصبة الامم لفرنسا وبريطانيا حيث كان الفويض لادارة الدول المتقاسمة لمدة مائة عام.
يبدو ان المنطقة ستخضع لتقسيم جديد وخرائط جديدة , الامر الذي شاع بين بعض المهتمين والمحللين باسم “سايكس بيكو جديد”.
هناك من يحاول تعديل ما تم الاتفاق عليه في فندق هايد بارك كورنر عام 1916 , حيث لن يكون ثنائيا كما كان بل ان التقاسم سيجري على مستوى دول الفيتو هذه المرة.
الخطأ الذي اقترفه اباؤنا واجدادنا بالنكوص لتقسيم الفرنسيين والبريطانيين عام 1916 حان الوقت لندفع ضريبته.
الحال يسير بالمنطقة من سيء الى أسوأ حتى بات لسان حال اهلها يدافع عن سايكس بيكو الاول لانه على الاقل حفظ لهم دولا وطنية يخشى ان تتفكك في التقسيم الجديد.
اباؤنا يتحملون مسؤولية ما نحن فيه حينما اسقطوا النظم الملكية وجاءوا لنا بنظم انقلابية ثورية سرعان ما تحولت الى نظم دكتاتورية شمولية , حاربوا اليسار العربي بكل ما اوتوا من قوة وبطش ليفسحوا المجال امام الاسلام السياسي ويتحرك بعدها ليطيح بهم فيما سمي بالربيع العربي وهو في الحقيقة ربيع للاسلام السياسي المتشدد دون ريب.
ها نحن اليوم سيدفعنا ناشطون لنتظاهر ضد تقسيم المقسم ونحافظ على ما تم الاتفاق عليه عام 1916 والذي بقي من بديهيات مظلمتنا على مدى قرن من الزمان فنحن امة العرب التي كانت لاتعترف بالحدود فيما بينها, اليوم نحن ندافع بما اوتينا عن حدودنا المقرة منذ سايكس بيكو الاول ونرفض تاسيس حدود جديدة ستجعل من دولنا الوطنية التي انتمينا اليها ورفعنا اعلامها وتغنينا بامجاد زعمائها , ستجعل من هذه الدول , دويلات تتصارع بشكل طائفي وعرقي , وعن قريب جدا سنرفع شعار “تعيش تعيش سايكس بيكو” ونرفض المساس بها لأننا ببساطة فرطنا باعدائنا الذين كانوا يدعون الى “وطن حر وشعب سعيد” واستبدلناهم بخلايا الذبح والحرق والنكوص للرعب.
ولاننا نؤمن بنظرية المؤامرة التي تعلمناها في مناهجنا الدراسية سابقا فاننا ندرك اليوم بان ما جرى وما يجري كان مخططا له. حيث تقول الحكمة المنطقية الاغريقية : “وراء اي نزاع طرف مستفيد” . اليوم يتم التخطيط لاسرائيل اليهودية الكبرى بجوار دويلات تتصارع طائفيا وعرقيا وتحول خيراتها لصالح دول سايكس بيكو الجديد.
المنطقة عن قريب ستشهد تاسيس دويلات شيعية واخرى علوية متحالفة معها فيما ستناضل الدويلات السنية من اجل الحصول على الارض والخيرات وستتحالف مع الدويلات السنية المتشددة للضغط على التحالفات الشيعية الجديدة , اما الدويلتان الكرديتان عبر النهر فستاخذا دور جمع كل الاقليات المتبقية في المنطقة من مسيحيين واقليات اخرى.
والجميع سيشترون السلاح من الاوصياء الجدد لسايكس بيكو الجديد كي يضمنوا بقاءهم.
الايرانيون والروس استبقوا الامور فتحركوا لمحاولة الاستحواذ على الارض قدرما يستطيعون الى ذلك سبيلا , كي يضمنوا اوراق التفاوض المستقبلية حول امنهم القومي وتحالفاتهم القادمة , مستغلين الارباك الامريكي الذي يقوده الحزب الديمقراطي في تضييع مكتسبات الحرب على العراق وافغانستان
اذن فحرب الخرائط الجديدة قادمة بلا شك وليس امامنا الا ان نصيح بأعلى اصواتنا … تعيش تعيش سايكس بيكو