المدينة القديمة تحمل آثار آخر مواجهة مع داعش في الموصل

بغداد – الاعمار
ترتفع أكوام الحطام إلى مستوى الطابق الثاني للمباني المحيطة في أجزاء من المدينة القديمة قام فيها تنظيم داعش بآخر محاولة للمقاومة في الموصل.

وتعثرت أقدام الجنود في الحجارة وحديد التسليح وشرائح الألومنيوم وهم يمرون عبر الحارات الضيقة والمنازل المهجورة في الحي القديم يوم الأحد أثناء تفقدهم أحدث مكاسب الجيش في حين واصل زملاؤهم القتال في مكان قريب.

وتمددت جثث القتلى المحترقة وسط الأنقاض وأغلبها مغطى ببطاطين. تظهر يد رجل من تحت الغطاء وتخرج قدمان مغبرتان لجثة أخرى من تحت غطاء آخر. كان واضحا أن بعض الجثث لمقاتلين والبعض الآخر كان فيما يبدو لمدنيين ومنهم امرأة وطفل.

ومع اقتراب الهجوم الذي بدأ قبل نحو تسعة أشهر لاستعادة الموصل من نهايته، كانت المدينة القديمة من أكثر المناطق التي تضررت من حرب ضروس من منزل لآخر مدعومة بضربات جوية ونيران مدفعية وأسلحة ثقيلة لإخراج المتشددين الذين يقاومون بهجمات انتحارية وتفجير قنابل.

وكان الحي المطل على النهر الذي يرجع تاريخ مساجده وكنائسه وأسواقه إلى العصور الوسطى وربما ما قبلها يعاني من الإهمال قبل أن تسيطر عليه الدولة الإسلامية عام 2014.

وفجر المتشددون العديد من معالمه ومن أشهرها المئذنة الحدباء وجامع النوري الكبير الذي أعلن منه أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم المتشدد “دولة خلافة” في العصر الحديث قبل ثلاث سنوات.

وكان بضع مئات من المتشددين يتحصنون في المدينة القديمة وسط عشرات الآلاف من المدنيين عندما اقتحمت القوات العراقية المنطقة الشهر الماضي.

لكن هذه الأرقام تقلصت فلم يعد هناك سوى بضع عشرات من المتشددين مازالوا يقاومون قبل أن يعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي النصر على التنظيم في الموصل.

وقبل لحظات من وصول العبادي إلى الموصل يوم الأحد استهدف نحو ست ضربات جوية آخر جيب تجمع فيه المتشددون في المدينة. وتسببت الانفجارات في تطاير شظايا كل شيء بما في ذلك راية الدولة الإسلامية على ما يبدو.

واستمرت أصوات التفجيرات المختلطة بدوي إطلاق النار المتقطع يوم الاثنين في حين كان العبادي مجتمعا مع المسؤولين.

*إزالة الأنقاض

مر الجنود الذين يمشطون الأنقاض من حفرة في جدار مبنى كشفت عن غرفة معيشة سليمة نسبيا بها مقاعد عليها وسائد وأريكة يغطيها التراب.

وكانت غرفة أخرى صغيرة تضم حشايا من الفلين وبقايا أطعمة متناثرة مما يعني أن متشددين متقهقرين أو جنودا متقدمين كانوا يسكنونها حديثا أو ربما سكنها هؤلاء وأولئك في تتابع سريع.

ومر الجنود على مدرسة ابتدائية محترقة وملعب مفتوح لكرة السلة حيث كتب على أحد الجدران “النظافة من الإيمان”.

وكانت جرافة تزيل الأنقاض بالفعل من مكان قريب. وفي جزء آخر من المدينة القديمة يضم شوارع أوسع ومباني أعلى انتشر أفراد الشرطة الاتحادية تحت سماء مقمرة.

وتناثرت البضائع أمام واجهات المتاجر وانهار مجمع تجاري من ستة طوابق وانفصل مبنى سكني عن أساساته ومال على جانبه.

وعرضت الشرطة سترات ناسفة عثرت عليها بجوار متشددين قالت إنهم من أصول آسيوية. وقالت إنه مازال يتعين عليها تطهير أنفاق تحت المدينة القديمة لضمان ألا يكون مقاتلو الدولة الإسلامية مختبئين بداخلها.

وتقول الأمم المتحدة إن بعض أحياء الموصل لم تتضرر بشدة من المعركة لكن نحو ثلث المنطقة الغربية لحقت به أضرار ضخمة وتفيد تقديراتها بأن مجرد إصلاح الخدمات الأساسية بالمدينة بأكملها قد يحتاج إلى أكثر من مليار دولار ويستغرق ما يزيد على عام.

ورفع جندي عائد من الجبهة أمس راية سوداء للدولة الإسلامية وقال إنها الأخيرة من نوعها في الموصل.

ولكن على أرض الواقع يقول مسؤولون عسكريون إن التنظيم المتشدد شكل خلايا نائمة في مختلف أرجاء المدينة وإنهم يعملون لمنع موجة جديدة من الهجمات مع تحول التنظيم للعمل السري