الموصل.. من حقنا أن نفرح
رئيس التحرير*
على الرغم من الانتصار التاريخي الذي تحقق على يد قواتنا المسلحة والقوات الداعمة لها الا أن البعض يستكثر على العراقيين أن يفرحوا، ويحاول قدر الإمكان أن يقدح الفرحة بتأجيج فتن جانبية، من قبيل تدمير البنى التحتية والارتهان إلى نظرية المؤامرة على أن الأمريكان رسموا سيناريو داعش ثلاث سنوات وانقضت و.. صدق الأميركان فيما قالوا.
الامر لا يستحق كل هذا الحقد، فالنصر حققه العراقيون والشكر موصول لمن دعمهم في هذا النصر، أمريكيون كانوا أم إيرانيين، بيد أننا علينا أن نسجل للتاريخ حالة ربما غابت عن البعض وهي: أن الأمريكان قضوا ردحاً وهم يتفرجون وحين علموا بأن العراقيين ماضون لإقتطاف النصر أبوا الا أن يشاركونهم النصر والاحتفال كي يفتحوا هامشاً من التشكيك عند البعض الذي ما زال يسمع الآخرين أسطوانة أن الانتصار لم يكن يتحقق لولا الدعم الجوي الامريكي في الميدان.
ومن النكتة انهم يستدرجون القول بأن الغارات الامريكية لم تكن تستهدف اوكار داعش بل كانت تستهدف المدنيين، انها لعبة الألفاظ ومحنة الجدل الذي يراد له أن لا نصل واياهم إلى شاطئ الحقيقة، بل أن البعض سرعان ما تثار حفيظته ويرمي بحجر انتهاكات حقوق الإنسان وتصفيات مزعومة لبعض المواطنين، ومنهم من يغمز بعض المقاتلين على أنهم يحاولون تغيير ديموغرافية الموصل وينشرون عقيدتهم في هذه المدينة، ثم يعود وينسى ما قدمه من اتهام فيقول: أن الموصل مدينة كل العراقيين، فيها المسلم العربي السني، والمسلم العربي الشيعي، والمسلم الكردي السني وكذلك الشيعي، وفيها المسيحيون والايزيدية والتركمان بشقيهم السني والشيعي.
ربما هناك ما يثار من انتهاكات فردية حدثت بدافع الانتقام أو بتوجيه من جهة ما، أزعم أن هذا يجب أن يؤخذ بالحسبان، خصوصاً وأن بعض الهيئات الرقابية الأممية وصلتها لقطات فيديو توضح بعض الانتهاكات، وهذا جدير بالمتابعة.
لكننا إذ نقف اجلالاً لمن انتصروا علينا أن لا نلتفت إلى الوراء، ونعلن الوقوف مع الانتصار ونتشبث به أيقونة عراقية خالصةً تحققت بدماء العراقيين وبسواعدهم، وهذا يفرض على المعنيين شعباً وأصحاب القرار في العراق على إدامة النصر من خلال الوقاية من تكرار ما حصل في الموصل؛ أجل علينا أن نترك العلاجات الآن ونتوجه إلى الوقاية فهي كما يقولون: خير من ألف علاج.
إدامة النصر من خلال العودة الجدية لبحث المتسببين بهذا النزف الكبير الذي كلفنا آلاف الشهداء وضعف عددهم من الجرحى، وكلفنا قلوبا تكسرت وهواجس باتت تحيق بجيل جديد من أبناء المدن المنتهكة. ونحن هنا امام نظريتين، الاولى: أن عقاباً أمريكياً كان يجب أن يلحق بالمحافظات التي قاومت الاحتلال الامريكي للعراق، فاستقدمت امريكا “كلابها” من المتشددين من كل أصقاع العالم ليذيقوا أهل هذه المدن ويلات ما تم التخطيط له، وأما النظرية الثانية تتلخص بتقصير من أصحاب القرار كانت كفيلة بضياع الأرض خلال أيام وتمت استعادتها بـ246 يوما جلها تضحيات وخسائر وتهديم لبنى تحتية.
أيًّا كانت النظريات لما حصل فنحن نثيب بأصحاب القرار في العراق أن يأخذوا التحقيق بشكل جدّي، وأن يترفعوا عن المحاباة وأن يضعوا الجميع تحت سقف القانون والمساءلة كي نصل إلى الحقيقة التي تقينا أخطاء الماضي القريب.
لا نصر بدون معرفة المتسبب بالضرر، لا فرحة دون أن يعرف اليتيم سبب يتمه ومقتل أبيه.
أما المتشككون بالنصر، أو أولئك الذين يفتعلون الشكوك فيجب أن لا يتم الانتباه لهم لأن النصر كالفرح لا ينظر إلى الوراء.
مبارك للعراقيين نصرهم..
تحية إجلال وإكبار للشهداء والمجد لهم نجوماً متلألئة في تاج تاريخ العراق.
أما ذووهم وعائلاتهم فهم قرة عين العراق، يجب أن يتم إعداد مشروع لإكرامهم قبل كل شيء كي لا نرى ابن شهيد يستجدي عند إشارات المرور، وكي لا نسمع أن ارملة شهيد تتلقف لقمة عيشها من مزابل المدن.
*محمد السيد محسن