“داعش” لن يلحظ فقدان أبيه

بغداد – الاعمار :
التقت صحيفة “أرغومينتي إي فاكتي” مدير مركز دراسات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى سيمون باغداساروف، واستطلعت رأيه بشأن الأنباء المنتشرة عن مقتل البغدادي ومدى تأثير ذلك في نشاط التنظيم.

جاء في المقابلة:

كما هو معلوم، انتشرت في الفترة الأخيرة أنباء تفيد بأن زعيم تنظيم “داعش” لقي مصرعه بنتيجة الغارات، التي شنتها طائرات القوة الجو-فضائية الروسية بنهاية شهر مايو/أيار الماضي على مبنى في مدينة الرقة السورية، والذي كان يجتمع فيه البغدادي بكبار قادة التنظيم. وقد أكد التنظيم مصرع زعيمه في بيان أصدره مؤخرا؛ مشيرا إلى أنه سيعلن قريبا اسم “الخليفة” الجديد.

– فهل يعني مصرع البغدادي أفول “داعش”، أم أن الفصيل، كما يقال، لن يلحظ فقدان أحد مقاتليه؟

في الواقع هناك العديد من القادة الاحتياطيين، الذين يمكنهم أن يحلوا محل البغدادي في زعامة التنظيم. وإضافة إلى ذلك، يوجد في داخل “داعش” نظام إدارة ذاتية يشمل بعض المجموعات في سوريا والعراق. أي أن القضاء على القائد الأعلى لن يؤثر كثيرا في فعاليتها.

– وهل “داعش” منظمة تتبع القائد، أم أنها تتبع إيديولوجيا جبارة بغض النظر عن مصدرها؟

تنظيم “داعش” مبني على التعايش بين مختلف المجموعات الإسلامية المتطرفة، وعلى ضباط جيش صدام وأعضاء حزب البعث العراقي. وإن المؤسس الحقيقي لتنظيم “داعش” كان عقيدا في هيئة الأركان العامة للجيش العراقي، وقد قتل عام 2015 في معركة بشمال سوريا. ولو كنت أنا رائد فضاء صينيا، لكان هذا العقيد متدينا، حيث لم يعثر عند تفتيش مسكنه بعد مصرعه على أي كتاب ديني، في حين أنه تم العثور على مشروبات كحولية وسجائر وما شابه ذلك هناك. أي أن مؤسسي “داعش” كانوا بحاجة إلى إيديولوجيا، وقرروا اعتماد إيديولوجيا الإسلام المتطرف، التي وحدت معظم السكان السنة في العراق، ثم في سوريا.

هذا يعني أنه لا يمكن القول إن البغدادي كان إلها في “داعش” وبمصرعه أصبح التنظيم يتيما. وبالطبع، كان شخصية مؤثرة ومتنفذة ولكن ليس إلى حد يجعل التنظيم ينهار بغيابه. “داعش” هو تنظيم إيديولوجي راسخ يستند ليس فقط إلى الوهابية المتطرفة، بل وإلى فكرة “يظلموننا لأننا سُنة”. لذلك سيظهر قادة آخرون على غرار البغدادي في التنظيم من دون أي مشكلة.

لقد قضي خلال الحرب في العراق وسوريا على ثلثي أعضاء المجلس العسكري الذي يعدُّ السلطة العليا في التنظيم وأعضائه من ضباط صدام.

– لقد فقد “داعش” مدينة الموصل وقريبا سيفقد الرقة في سوريا. أيُ المناطق لا تزال تحت سيطرة التنظيم؟

من المناطق التي لاتزال تحت سيطرة التنظيم – بعضُ أجزاء محافظة الأنبار والمرتفعات الجبلية في قضاء سنجار شمال العراق ومدينة تلعفر القريبة من الموصل، ومناطق في دير الزور في سوريا. وبحسب مصادر كردية، تم تحرير 80 في المئة من مدينة الرقة وسوف تحرر بالكامل خلال الأسابيع الثلاثة أو الأربعة المقبلة. أي لم تبق تحت سيطرته مناطق واسعة. بيد أن النصر العسكري على “داعش” غير كاف، لأن مسلحيه سيستمرون في عملياتهم الإرهابية فترة طويلة. والشيء المخيف جدا هو أن هذه المجموعات مدعومة من معظم السنة في العراق وسوريا. أي أنها ستتحول إلى النشاط السري على شكل خلايا. هذا الحال سيبقى قائما إلى حين تهيئة ظروف معيشية طبيعية للسكان السنة في البلدين.

– وهل بإمكان واشنطن وموسكو الاتفاق على توجيه ضربة قاضية مشتركة إلى التنظيم؟

الأمريكيون ليسوا بحاجة إلى هذا. فبعد أن يستولوا على الرقة سيقولون لنا: نحن حررنا الموصل والرقة، فماذا حررتم أنتم؟” حلب لا تدخل في الحساب، لأن المعارك هناك كانت ضد المجموعات الموالية لتركيا: “الإخوان المسلمين” و”جيش سوريا الحر” و”جبهة النصرة” وغيرها. وهذه ستكون ورقة رابحة في الحرب الإعلامية التي يشنها الغرب ضد روسيا.