محتجزو رفحاء.. جدل جديد بين الأوساط الشعبية والسياسية

بغداد –الاعمار :
تفجر الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالتزامن مع انتهاء معارك تحرير الموصل، ولكن هذه المرة، لم تك الموصل هي السبب كما اعتدنا طوال الأشهر الماضية، فانتقلت البوصلة هذه المرة الى معسكر رفحاء في اقصى الصحراء السعودية، حيث كان قرابة الـ 30 لاجئ عراقي يقيمون بعد أحداث الانتفاضة الشعبية ضد نظام صدام حسين مطلع التسعينات من القرن الماضي.
ففي الدورة السابقة لمجلس النواب العراقي، أقر الأخير تعديلاً لقانون مؤسسة السجناء السياسيين، اضيف بموجبه محتجزي المعسكر المذكور الى الاف السجناء المشمولين بالقانون اساساً، والذين يتمتعون بأمتيازات مالية، وتفضيلات قانونية، اقرت لهم في قانون المؤسسة تطبيقاً لقوانين العدالة الانتقالية، التي اقرتها الأمم المتحدة لتعويض ضحايا الانظمة القمعية، او من تطالهم اجراءات تعسفية ويتعرضون لاضطهاد .
بعد سريان التعديل القانوني، بدأت المؤسسة بترويج معاملات المحتجزين الذين يبلغ عددهم الاجمالي بحسب مصدر مطلع قرابة التسعة وعشرين الف نسمة، وقد حصل قرابة الخمسة عشر الفاً منهم على تعويضات مالية لغاية الآن، حيث صرفت المؤسسة قرابة الـ 300 مليار دينار عراقي من قرابة الترليون دينار هي مجموع التخصيصات المالية للمؤسسة بشقيها ” السجناء والرفحاويون “.
هذه الاجراءات يبدو، أنها اججت الشعور بالغبن لدى شرائح اجتماعية وناشطين، وعدوا هذا الأمر مبالغاً فيه، وهدراً للمال العام، لاسيما ان الكثير من المشمولين، سبق وان حصلوا على فرص لجوء وفرتها الأمم المتحدة، لهم في تسعينات القرن الماضي، فما الداعي من انفاق هذه المليارات لتعويضهم ؟
يقول الناشط المدني الدكتور ظافر عودة سلطان، أحد ابرز منظمي حملة الغاء قانون مؤسسة السجناء السياسيين، لـ ” منتدى الإعمار العراقي”، أن ” الحملة لم تبدأ الآن، هي كانت مطالبات وتساؤلات ورفض انطلق منذ عدة أشهر، لأي قوانين تميز بين العراقيين، واذا ما شهدت الآن تصاعداً في التواصل الاجتماعي، فهذا يأتي بعد انضمام اعلاميين عراقيين بارزين، وشخصيات معروفة لهذه الحملة”.
وأشار الى ان ” قوانين العدالة الانتقالية يجب ان تكون ضمن سقف محدد، لا ان تكون ممتدة وطويلة الأمد، لا سيما ان 14 عاماً مرت على سقوط النظام السابق، كما ان الامتيازات مبالغ فيها، ولذا فأن الحملة تهدف لإلغائها نهائياً “.
واشار ايضاً الى وجود دعم نيابي لهذه الحملة، وقد تشهد الجلسة القادمة لمجلس النواب مناقشة هذه الامتيازات، وقد يعدل القانون أو يلغى استجابةً لمطالب الجماهير.
الى ذلك كشف مصدر نيابي عن وجود تحرك جدي لتعديل قانوني مؤسسة السجناء السياسيين، وكذلك قانون مؤسسة الشهداء، واشار المصدر الذي رفض الكشف عن أسمه لـ ” منتدى الإعمار العراقي”، الى ان ” نواباً من مختلف الكتل السياسية يعتزمون تعديل قانون السجناء والغاء امتيازات محتجزي رفحاء.
الى ذلك اعلن ناشطون واعلاميون، عن تأييد نواب بينهم النائب عقيل عبد الحسين وشروق العبايجي ورحيم الدراجي وماجدة التميمي وغيرهم لحملة الالغاء، فيما امتنع البعض عن ذكر اسمائهم لاسباب خاصة.
في المقابل رد النائب السابق محمد الهنداوي، احد ابرز مشرعي القانون في الدورة السابقة، على هذه الحملة، بالتأكيد على أنها لا تستهدف شريحة معينة، او فئة محددة، بل أنها تأتي لاستهداف قوانين العدالة الاجتماعية برمتها، متهماً جهات معينة باستهداف الشرائح المتضررة من سياسات النظام السابق القمعية، وهي ضمن سياسة مضاعفة النقمة الشعبية على الحكومة لا اكثر.
الهنداوي قال ، لـ ” منتدى الإعمار العراقي”، ان “مجلس النواب بدورته الحالية لن يتمكن من تعديل قانون مؤسسة السجناء السياسيين، او الغائه فهو في فصله التشريعي الأخير، كما أن هناك توجهاً نيابياً بعدم المس بحقوق الشرائح المضحية والمتضررة من النظام السابق، لاسيما وان هذه الشرائح كانت من اوائل من عادت لتدفع ثمن ولائها الوطني للعراق من جديد حيث استدعت الضرورة ذلك”.
واشار الى ان ” هناك حملة منظمة لتلفيق الاتهامات وتهويل ملف الحقوق المالية التي حصل عليها محتجزو رفحاء الذين ذاقوا الامرين “.
ولفت الى ان ” هناك أصوات تتعالى ضد اكثر الشرائح تضرراً، لكنها تتغافل عن انفاق المليارات للجلادين، والذين تسببوا الكوارث للبلاد، وجروها الى حروب وفتن لا تزال تدفع ثمنها “، لافتاً الى ان ” البعض ينساق وراء هذه الحملات التي يراد لها اشغال الرأي العام العراقي بقضايا مثل هذه، لتمرير مخططات كبرى تستهدف العراق برمته، شعباً وأرضاً” .