اصحاب المولدات جزء من الحل
صرح احد المسؤولين في حزيران الماضي “هناك اصحاب مولدات ضربت مصالحهم بهذا القرار (اي بـ”الخصخصة”)”. فلماذا الموقف السلبي من هذه المصالح؟
1- رغم الاسلوب العشوائي وبعض حالات الاستغلال ومجانية الوقود احياناً، لكن المولدات الاهلية نجحت في سد نقص خطير.. ولولاها لضج الناس اكثر بكثير من ضجيجهم المحق الحالي. فهذه المولدات لم تكلف الدولة فلساً –عدا بعض الوقود وبعض المولدات الموزعة- خلافاً للمليارات الحكومية، التي لم تنجز سُدس ما خططت له.. رغم ذلك استطاعت المولدات الاهلية والصناعية والخاصة انتاج كهرباء، ان لم يزد عن انتاج الدولة فليس اقل منها بكثير. وبدل ان يكون هذا مثالاً لفشل الدولة كرجل اعمال، وأهمية اعتماد اقتصاديات السوق وتشجيع الاستثمارات الصغيرة والكبيرة الخاصة، نجد ان الثقافة السائدة هي بالضد تماماً. فلا تتعامل معهم كجزء من المجتمع والاقتصاد الوطني والحلول المرجوة، بل كاعداء فتضع العراقيل وتوجه التهم.. بدل حماية مصالحهم المشروعة، وتشجيعهم وتفهم صعوباتهم لتحسين خدماتهم وازالة الكثير من الشوائب عنها.
2- ان ايلاء توزيع الكهرباء لشركات خاصة قرار صحيح لكنه ناقص.. صحيح للسيطرة على مشكلة التوزيع والجباية والاستهلاك، ولان الازمة المالية، والحمد لله، حبست عن الدولة اموالاً تمنعها من الصرف والعبث والتبذير والفساد دون تحقيق النتائج المرجوة..
3- انه ناقص وقد طرحنا –في لجنة الطاقة عندما كنا اعضاء فيها كوزير للنفط- باهمية احتواء اصحاب المولدات الأهلية. فانتاجهم يوازي (مع تخلفه) انتاج الدولة. فوفق تصريحات مسؤولين لدينا 18700 مولدة اهلية في بغداد والمحافظات و6700 مولدة حكومية و1800 مولدة صناعية.. ومجموعها 27200 مولدة، عدا المولدات الخاصة للمواطنين. فاذا اخذنا المولدات الاهلية فقط، وافترضنا ان معدل من يستثمر عليها ويشغلها ويحميها ويوفر مستلزماتها ويصلح عطلاتها هو 10 اشخاص فقط، فاننا نتكلم عن 187000 شخص او عائلة.. اي اكثر من 1.2 مليون مواطن تقريباً. فما هو مصير هؤلاء والاقتصاديات التي يحركونها؟ ولماذا التفريط بجهودهم ومبادراتهم واستثماراتهم. فهؤلاء يستحقون المكافأة لا المعاقبة، ليشتركوا في الانتاج والتوزيع.. ودعمهم: أ) بتخصيص مناطق مدروسة لمولداتهم.. ب) انهاء استخدام الارصفة والشوارع والطرق البائسة لمد الاسلاك.. ت) شراء الكهرباء منهم وربطهم مباشرة بالشبكة الوطنية، او بـ”الشركات الخاصة للتوزيع والجباية”، الخ.. ث) مساعدتهم عبر القروض والمنح لتحسين نوعية المولدات وتقليل التلوث.. ج) توفير الوقود ومنع الاستغلال والفساد. وقد ذكرنا الأمر في افتتاحية بعنوان “الكهرباء.. قطع يد الاستثمار خطأ فادح ندفع ثمنه في (14/3/2012). وهذا امر تقوم به معظم الدول بصيغ كثيرة، جوهرها التزام مصلحة الكهرباء الوطنية بعقود جاهزة للتوقيع على موقعها الالكتروني، لشراء الوحدة من المواطنين او المستثمرين بسعر محدد يتراوح اوروبياً بين 4.5 سنت (يورو) للطاقة الوقودية، و20 للنظيفة، ولـ(5-20) عاماً. فتتحرك المبادرات الصغيرة والعملاقة للافراد والشركات، لتشكل نسبة متصاعدة لانتاج الطاقة. وتقول تقارير رسمية ذكرتها بافتتاحية بعنوان “الكهرباء.. اقتصاد الدولة، كلف هائلة ونتائج متواضعة” في (13/3/2012) بان كلفة انتاج الكيلوواط/ساعة عندنا 130 ديناراً اي (10-11 سنتاً امريكياً)، وان احد المستثمرين المعروفين عرض يومها 6 سنت، بضمنها الوقود.. لكن البيروقراطية مغرمة بالكلف العالية والنتائج المتواضعة.
4- نرى ضرورة: أ) فرض ضرائب ورسوم تصاعدية في الشراء وحسب الاستهلاك على “المكيفات”، وتشجيع “المبردات”.. ليس للاقتصاد في الكهرباء فقط، بل لتخفيف الحرارة عموماً. فـ”المكيفات” -حسب اطروحة جامعية عراقية- تزيد الحرارة العامة بنسبة (1) درجة، بينما تقللها “المبردات”.. ب) تشجيع سياسات العزل الحراري للبيوت والبنايات.. ت) تشجيع الطرق الحديثة لتوفير التدفئة والتبريد من الهواء او الارض كاسلوب البئر الكندي Canadian Well، والطاقة الشمسية والهوائية، الخ.. ث) تشجيع الطرق التقليدية كمصائد الهواء و”السراديب” التي نمتلك تجربة تقليدية كبيرة فيها، والتي هي استثمار في الارض، وتبريد وتدفئة طبيعية ومجانية مستدامة. فحرارة الارض في بغداد –وفق حسابات قمنا بها مع بعض اهل الاختصاص- على عمق 2.5-3 متراً هي حوالي 25 درجة مئوية ثابتة تقريباً في الصيف والشتاء، اضافة لصلاح السراديب كخزانات لمياه الامطار، وملاجىء وامور كثيرة اخرى.
عادل عبد المهدي