استفتاء كردستان الخطير
سربست بامرني
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي المعروف باعتداله ووسطيته ربما نتيجة لمعايشته الثقافة البريطانية ردحا من الزمن (1977 ـ 2003) صرح أيضا بمعارضته للاستفتاء الشعبي في كردستان، وسواء كانت تصريحاته لأغراض انتخابية او تنفيذا لرغبات إقليمية فهي لم تخرج عن الاطار العام الذي يردده كل أعداء الديموقراطية وحقوق الانسان واعتباره خطرا على العراق والكرد والمنطقة والتي بمجموعها تثير شفقة المجتمع الكردستاني واشمئزازه من مثل هكذا عقليات متحجرة ومتخلفة لا تستطيع ان تتصور وتقبل بفكرة الاستفتاء والرجوع الى المواطن لمعرفة رأيه في قضية مرتبطة بمصيره ومستقبله.
عجيب امر هذا الاستفتاء الكردستاني فهو خطر على العراق ويفجر إيران وينسف تركيا ويلغي سوريا لما له من قوة رهيبة، خطيرة تهدد شعوب المنطقة ودولها بالزوال والفناء! انها مهزلة ومسخرة حقا ما يتذرع بها أعداء الشعب الكردي وكأنه يوم القيامة، وهل هذه الدول ضعيفة وهزيلة الى هذا الحد الذي يقوض استفتاء شعبي دعائمها ويجعلها اثرا بعد عين؟ ام ان الامر مرتبط باستعمار كردستان واستعباد شعبها ونهب ثرواتها كما فعلت طيلة القرن الماضي؟
تدخلات إقليمية فجة في الشأن الداخلي العراقي ومسؤولون عنصريون يهددون وأحزاب طائفية تهاجم ومليشيات مسلحة تنادي بالحرب الاهلية، مع ان الامر وما فيه لا يتعدى الرجوع الى صوت المواطن ورأيه لمعرفة فيما إذا كان يريد البقاء في العراق الاتحادي ام الاستقلال وفي حالة ما إذا اختار الاستقلال فان القيادات الكردستانية اكدت للمرة الالف بانه سيكون من خلال الحوار والتفاهم والاتفاق وبالطرق السلمية وضمان المصالح المشتركة المتشابكة.
الخطر المزعوم والحملة الهوجاء الظالمة والدور الخياني الخبيث للمرتزقة لإيقاف الاستفتاء وعدم الاعتراف به وبالنتائج المترتبة عليه رغم حضاريته وسلميته ومشروعيته سيترك بالتأكيد شرخا عميقا في العلاقات الكردستانية مع كل الاخرين الذين يعادون حريته وحقه المشروع في تقرير مصيره بنفسه، ومن الواضح انه ستكون هناك تبعات سلبية عديدة لهذه المواقف العنصرية والطائفية.
لقد ان الأوان لوضع الأمور في مسارها العادل والصحيح ورفع الغبن التاريخي الذي لحق بالأمة الكردستانية دون وجه حق خاصة مع قناعة العالم المتحضر بانه من غير الممكن عمليا توفير الامن والاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط مع وجود الملايين الكوردستانية المعذبة والمحرومة من حق الحياة الحرة الكريمة، هذه الملايين التي تقف في الخط الامامي لمواجهة الإرهاب والتخلف وتثبت يوميا بانها قادرة على بناء مجتمع مسالم متصالح مع نفسه ومع الاخرين.
ان معاداة حق وإرادة شعب كردستان لن يجلب الا المزيد من الخراب والدمار والدماء وتأخير التطور الطبيعي المتوازن لمكونات وشعوب المنطقة، ومن المفروض ان لا يدع العالم المتحضر قلة من العنصريين والطائفيين المتخلفين الهمج جر المنطقة الى حروب جديدة تتنافس فيه القوى الإقليمية والدولية ويدفع سكانها الثمن وهي بعد لم تخرج من دوامة العنف والحرب ضد الإرهاب والأنظمة الدكتاتورية الثيوقراطية المتخلفة.
الخطر الحقيقي يكمن في تجاهل إرادة شعب كردستان ومحاولة ارغامه على القبول بالقيود والاغلال اللاإنسانية التي تكبل حريته وارادته وليس في ممارسته لحقه المشروع في تقرير مصيره بنفسه، فهو السبيل الصائب والوحيد لإرساء أسس السلام والتعايش والاستقرار وضمان مستقبل افضل للمنطقة.
نحن في عالم عام 2017 وليس في عالم عام 1917 فهل يستوعب البعض أخيرا الفرق بين العالمين.. عسى ولعل!