لن يقضي الاستفتاء على مشاكل كردستان

جاكسون ديل

هناك انطباع قائم في واشنطن بأن الأوضاع في كردستان العراق لم تشهد تغييراً يذكر منذ خمس سنوات مضت، أي قبل صعود تنظيم داعش الإرهابي: من حيث الإقليم الديمقراطي، المسالم، المزدهر، الناشئ والموالي للغرب الذي يصعب على نحو متزايد تجاهل طموحاته السياسية للاستقلال.
ومما يؤسف له، تغيرت الكثير من الأمور منذ ذلك الحين، بسبب الحرب، والانسحاب الأميركي من المنطقة، والاختلالات الكردية الداخلية. ومع الانهيار التدريجي الذي يشهده تنظيم داعش نحو الجنوب والغرب، صار إقليم كردستان معطلاً وعلى نحو متزايد من الناحيتين السياسية والاقتصادية. وظل الرئيس الكردي مسعود بارزاني شاغلاً لمنصبه رغم مرور أربع سنوات على انتهاء ولايته الفعلية، ولم تنعقد جلسة واحدة للبرلمان الكردي منذ عامين كاملين. والحكومة الكردية غارقة حتى أذنيها في الديون، ولا تستطيع أن تسدد رواتب كافة العاملين في أجهزة الدولة. كما أن الجيش والشرطة منقسمان إلى فصائل متنافسة متناحرة.
وكان رد فعل بارزاني على هذه المحنة العصيبة مجرد الدعوة إلى إجراء استفتاء شعبي على الاستقلال في 25 سبتمبر (أيلول) المقبل. ولقد رفضت الحكومة الفيدرالية العراقية هذه المبادرة رفضاً قاطعاً، كما جاء رفض واضح أيضاً من إيران وتركيا، فضلاً عن الولايات المتحدة. والأهم من ذلك، بات الأمر يُنظر إليه من جانب أكثر الأكراد تأييداً للاستقلال على أنه دليل على أن السياسة في المنطقة قد بلغت حداً خطيراً وطريقاً مسدوداً.
يقول شاسوار عبد الواحد قادر، إن الاستفتاء ليس إلا ذريعة من جانب البعض في الإقليم للاستمرار في السلطة. ولا تعلم الأجيال الناشئة شيئاً عن كفاحهم وقتالهم في الجبال ضد صدام حسين. ولذلك يحتاج القادة القدامى إلى ذريعة أخرى قوية لإدارة شؤون البلاد لمدة 26 عاماً أخرى.
تعكس هذه الكلمات المريرة وجهة النظر الراسخة لدى أبرز أجيال الأكراد – والعراقيين – الذين يناضلون من أجل إنشاء مؤسسات سياسية مستقرة، واقتصاد فاعل في خضم فوضى الاضطرابات الطائفية والصراعات المذهبية، والحركات المتطرفة، والمؤسسات الفاسدة المتناثرة عبر المشهد العام في المنطقة في فترة ما بعد تنظيم داعش الإرهابي.
ومن ناحية الاستفتاء، كما يقول السيد قادر، فقد يدفع تركيا إلى إغلاق خط الأنابيب الذي تصدر كردستان من خلاله النسبة النفطية الوحيدة التي تعتبر المصدر الوحيد الموثوق منه للدخل القومي. كما يمكن أن يؤدي بتركيا وإيران إلى دعم الفصائل المعارضة في الجيش، والتي هي بالفعل منقسمة بين حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني، مما يثير الحرب الأهلية التي خاضوها من قبل في تسعينات القرن الماضي.
ويتساءل السيد قادر قائلاً: «أي نوع من كردستان سوف يكون لدينا وقتذاك؟ هل سوف نحصل على نسخة من كوريا الجنوبية أم جنوب السودان؟».

* خدمة «واشنطن بوست»