اسرار اخطر دبلوماسي عربي متخصص بشراء ذمم كبار المسؤولين الامريكان

بغداد – الاعمار :
كشف موقع The Intercept عن أن سبب تجاهل العديد من مراكز الأبحاث الأميركية البارزة سجل الإمارات الوحشي لحقوق الإنسان، هو أن الأخيرة تقوم بتمويل العديد من هذه المراكز على اختلاف انتماءاتها بين مقرب للجمهوريين أو الديمقراطيين.

وقال تقرير لموقع The Intercept: “لدى دولة الإمارات العربية المتحدة واحدةٌ من أكثر الحكومات قمعاً في العالم؛ إذ تقمع الديكتاتورية الخليجية المعارضة الداخلية بوحشية، وتفرِض ظروفاً تعسفية على قوتها العاملة التي تضم أعداداً هائلة من المهاجرين. فضلاً عن أنها تلعب دوراً رئيساً في الحرب الدموية الجارية باليمن، حيث تُدير شبكةً من سجون التعذيب في الأجزاء (المُحرَّرة) من البلاد”.

واستدرك التقرير قائلاً: “لكن الأكثر إثارة للدهشة في كل ذلك، أنَّ الإمارات العربية المتحدة نادراً ما تتعرَّض لانتقاداتٍ من المراكز البحثية الأميركية البارزة، التي لا تغض طرفها عن قمع الديكتاتورية الخليجية فحسب؛ بل تمنح سفيرها لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، مرتبةً متميِّزةً كذلك”.

وأشار التقرير إلى أنَّ العتيبة يحظى بنفوذٍ كبير في بعض دوائر السياسة الخارجية الأميركية، وهو معروفٌ في واشنطن باستخدام أمواله لتجنيد حلفاء يدعمون دولته.

وكان معهد شؤون الخليج في واشنطن قد كشف أنَّ يوسف العتيبة، السفير الإماراتي لدى الولايات المتحدة، دفَع مئات الآلاف من الدولارات لأحد الشهود الذي أدلى بشهادته في جلسة استماعٍ بالكونغرس حول العلاقات الأميركية-القطرية، الأربعاء 26 يوليو/تموز 2017؛ مما يُثير الشكوك حول مصداقيته.

b

شراء للأصدقاء فضحه الاختراق

ولفت موقع The Intercept في الشهر الماضي (يونيو/حزيران 2017)، إلى أن مُخترِقين بدأوا في نشر لقطاتٍ مصورة خاصة برسائل بريد إلكتروني من حساب hotmail كان العتيبة قد استخدمه في بعض الأعمال الرسمية. وأرسل المُخترِقون اللقطات المصورة إلى عدة مواقع إخبارية، ومن بينها: “ذا إنترسبت”، و”ذا ديلي بيست”، و”الجزيرة”، و”هاف بوست”.

وأطلق المُخترِقون على أنفسهم اسم “غلوبال ليكس”، وكانوا قد زعموا سابقاً أنَّهم ينتمون إلى موقع “دي سي ليكس”.

وكانت أجهزة الاستخبارات الأميركية قد اتهمت الحكومة الروسية بتشغيل موقع “دي سي ليكس”، ولم يتضح ما إذا كان المُخترِقون التابعون لـ”غلوبال ليكس” ينتمون إلى روسيا، أم يحاولون إعطاء هذا الانطباع وحسب، وفقاً لما ورد في تقرير موقع The Intercept.

وحين سُئِلَ المُخترِقون عن دوافعهم في مقالةٍ سابقة نُشرت على موقع “ذا إنترسبت” الأميركي، أجابوا بلغةٍ إنكليزية ركيكة عبر البريد الإلكتروني، قائلين إنهم “لا ينتمون إلى أي بلدٍ، ولا أي دين”، ولكنهم أضافوا أنَّ هدفهم هو “جعل أميركا عظيمة مرةً أخرى”.

وتُوفِّر آخر مجموعةٍ من رسائل البريد الإلكتروني المُختَرَقة، التي أرسلتها مجموعة “غلوبال ليكس” إلى موقع “ذا إنترسبت” وعدة مواقع إخبارية أخرى، نظرةً ثاقبة بخصوص كيفية تمكُّن العتيبة من العثور على -أو بالأحرى شراء- عددٍ كبيرٍ جداً من الأصدقاء في مراكز بحثية بواشنطن.

وتُقدِّم الوثائق المُسرَّبة لمحةً عن كيفية حصول حكومة ملكية لدولةٍ غنية بالنفط على هذا التأثير الكبير على سياسة الولايات المتحدة الخارجية؛ إذ أظهرت حصول العتيبة على تأييدٍ من بعضٍ من المُخضرمين في إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ومن بينهم وزيرة الدفاع التي كانت مُتوقَّعة في حال فوز هيلاري كلينتون بالانتخابات الرئاسية السابقة، مقابل دفع الأول أموالاً طائلة.

وزيرة الدفاع وفاتورة الـ250 ألف دولار

وكان من بين الوثائق التي حصل عليها موقع “ذا إنترسبت” فاتورةٌ من مركز الأمن الأميركي الجديد، وهو مؤسسة بحثية وطنية ذات نفوذ، تأسست عام 2007 على يد واحدٍ من الشخصيات السابقة في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون.

وطالبت الفاتورة، المُؤرَّخة بتاريخ 12 يوليو/تموز من عام 2016، السفارة الإماراتية لدى الولايات المتحدة بدفع 250 ألف دولار مقابل تقرير خاص بالنظام القانوني الذي يحكم تصدير الطائرات من دون طيار التي تُستَخدَم لأغراضٍ عسكرية.

وكانت الفاتورة ممهورةً بتوقيع ميشيل فلورنوي، التي كانت مسؤولةً بارزة بالبنتاغون في ظلِّ إدارة أوباما، وكان من المُتوقَّع بصورةٍ كبيرةٍ أن تشغل منصب وزيرة الدفاع في حال فوز هيلاري كلينتون بالانتخابات الرئاسية السابقة، وهي تشغل حالياً منصب الرئيس التنفيذي للمركز.

ولفت التقرير إلى أن المراكز البحثية مؤسسات مستقلة، ولكنها غالباً ما تتلقى تمويلاً من شركات أسلحة، وبعض بنوك وول ستريت؛ بل وحكوماتٍ أجنبية. ويتحلى مركز الأمن الأميركي الجديد بالشفافية فيما يتعلَّق بحقيقة حصوله على أموالٍ من الإمارات العربية المتحدة؛ بل وصل الأمر إلى أنَّه يُدرِج السفارة الإمارتية ضمن قائمة المتبرعين على موقعه الإلكتروني.

وغالباً ما تؤكِّد هذه المؤسسات، ومن بينها مركز الأمن الأميركي الجديد، أنَّ باحثيها مستقلون عن المتبرعين لها، وأنَّ تحليلاتهم تعكس معتقداتهم الشخصية، وليس مصالح المتبرعين ذوي النفوذ.

ومع ذلك، ترسم الفاتورة، ورسائل البريد الإلكتروني التي حصل عليها موقع “ذا إنترسبت” صورةً مختلفة عن ذلك؛ إذ تُظهِر وجود علاقةٍ وثيقة بين مركز الأمن الأميركي الجديد والعتيبة، فضلاً عن دفع العتيبة ثمن أوراقٍ مُحدَّدة، ومناقشة الآراء الواردة في هذه الأوراق مع مُعدِّيها.

وأوضح العتيبة لاحقاً للمسؤولين عن إعداد أوراق السياسات كيفية استخدام الوثائق في دعم برنامج الطائرات من دون طيار الخاص بالإمارات العربية المتحدة.

وفي خانة الوصف بالفاتورة، ذُكِر أنَّ المبلغ دُفِعَ مقابل “دعم دراسة نظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ”، ويُشير هذا النظام إلى اتفاقيةٍ موقَّعة من 35 دولة تحكم تصدير بعض الأسلحة ذات التصنيف العسكري الكبير.

ويُمكن للدول التقدُّم بطلب الانضمام إلى هذه الاتفاقية؛ كي تصبح مؤهلةً لشراء هذه الأسلحة. وتُمثِّل هذه الاتفاقية معضلةً لصناعة الطائرات من دون طيار؛ لأنَّ بعض منتجاتها تُصنَّف على أنَّها صواريخ؛ مما يُزيد من صعوبة تصديرها. وقد أثارت هذه الاتفاقية غضب بعض حلفاء الولايات المتحدة، الذين يرغبون في امتلاك طائرات من دون طيار أميركية هجومية متطورة.

y

طائرات من دون طيار

وتُعَد الإمارات العربية المتحدة واحدةً من تلك الدول التي واجهت عقبةً بسبب نظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ. وكانت إدارة أوباما قد منعت بيع بعض أنظمة الأسلحة للإمارات؛ لأنَّ الاتفاقية تحظر بيعها إلى أي دولةٍ باستثناء الحلفاء المُقرَّبين، ولكنَّ بعض المُشرِّعين ضغطوا على إدارة ترامب للسماح ببيع هذه الأنظمة.

وتضمَّنَت الحملة التي سعت للسماح ببيع هذه الطائرات من دون طيار للإمارات جانباً من عمل مراكز بحثية. ووفقاً لرسائل البريد الإلكتروني التي حصل عليها موقع “ذا إنترسبت”، كلَّف العتيبة مركز الأمن الأميركي الجديد إعداد تقرير سري بنظامِ التحكُّمِ في تكنولوجيا الصواريخ.

وفي 24 يونيو/حزيران من عام 2016، أرسلت ميشيل رسالةً إلكترونيةً إلى العتيبة تقول فيها: “يوسف، إليك مُقترَحُ مركزِ الأمن الأميركي الجديد بمشروعٍ يُحلِّل الفوائد والتكاليف المُحتَمَلة التي ستعود على الإمارات من الانضمام إلى نظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ، كما ناقشنا. من فضلك، أخبِرني إذا كان هذا هو ما كنت تقصده”.

وفي 11 يوليو/تموز من العام نفسه، تابعت ميشيل مع العتيبة وأرسلت إليه قائلةً: “نعتقد أنَّ الدراسة قد تتم مقابل 250 ألف دولار. ويسرُّنا أن نُرسل إليك مقترحاً منقَّحاً على هذا النحو في غضون هذا الأسبوع إذا وافقت على ذلك”. وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، أرسل إيلان غولدنبرغ، مدير برنامج الأمن في منطقة الشرق الأوسط بمركز الأمن الأميركي الجديد، رسالةً إلكترونية إلى العتيبة حادةَ اللهجة عن دعم الإمارات لمشروع المركز الخاص بنظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ.

وقال غولدنبرغ: “بموجب أحدِ البنود الإدارية، اتفقنا مبدئياً على أنَّك ستُرسل الدفعة الثانية من تمويلك للمشروع حين نصل إلى منتصفه، وأعتقد أننا على وشك بلوغ هذه النقطة حالياً، ولذلك، سأُكلِّف أحد أعضاء فريق التطوير لدينا إرسال بيانات الحساب البنكي والفاتورة إليك خلال الأيام القليلة المقبلة”.

وكان غولدنبرغ أحدَ المخضرمين في إدارة أوباما، وشغل منصب وكيل وزارة الدفاع للسياسات إزاء إيران، ويعمل حالياً زميلاً بارزاً في مركز الأمن الأميركي الجديد.

وفي شهر فبراير/شباط من العام الجاري، 2017، أرسل غولدنبرغ الدراسة الخاصة بنظام التحكُّم في تكنولوجيا الصواريخ إلى العتيبة عبر البريد الإلكتروني، وبدوره، وزَّع العتيبة نسخاً من الدراسة على مسؤولين رفيعي المستوي في الحكومة الإماراتية والجيش الإماراتي.

وفي شهر مايو/أيار من العام الحالي 2017، أرسل العتيبة رسالةً إلكترونية إلى ميشيل وغولدنبرغ مشيداً بالدراسة، وبفائدتها في دفع أجندة دولته إلى الأمام، وكتب في رسالته: “وشكراً لكم على هذا التقرير”.

وأضاف: “أعتقد أنَّه سيساعد على دفع النقاش في الاتجاه الصحيح؛ إذ يدعم بعض مُصنّعي الطائرات من دون طيار استنتاجاً مشابهاً؛ ومن ثم سيؤكد هذا التقرير حججهم”.

وفي شهر يونيو/حزيران 2017، أصدر مركز الأمن الأميركي الجديد تقريراً عاماً يُكرر الاستنتاجات نفسها، بحجة أنَّ “تردُّد الولايات المتحدة في الإمدادِ بالطائرات من دون طيار يُلحق بالمصالح الأميركية ضرراً ملموساً”. وعلى وجه التحديد، أكَّد التقرير العام أنَّ بعض الدول بدأت تلجأ الآن إلى الصين بدلاً من الولايات المتحدة للحصول على تكنولوجيا الأسلحة.

وكانت الإمارات قد أُدرجت ضمن قائمة الدول الواردة في التقرير، التي حُرمت من شراء بعض الطائرات من دون طيار، ولجأت إلى الصين. وكان الهدف الواضح من هذا التقرير هو دفع إدارة ترامب لانتهاج سياسةٍ معينة.

وفي تصريحٍ لموقع “ذا إنترسبت”، أكَّد نيل أورويتز، المتحدث الرسمي باسم مركز الأمن الأميركي الجديد، أنَّ المركز تلقى 250 ألف دولار لإصدار تقريرٍ خاص لمسؤولين إماراتيين، وأضاف: “يدعم هذا البحث أيضاً مشروعاً يُجريه مركز الأمن الأميركي الجديد حول سياسة انتشار الطائرات من دون طيار”.

وأصرَّ أورويتز على أنَّ وجهات نظر باحثي المركز الشخصية وردت في تقرير، وأن الدراستين، العامة والخاصة، خضعتا لسياسة الاستقلال الفكري التي يتبناها مركز الأمن الأميركي الجديد، وتنص على أنَّ باحثي المركز “يحتفظون بالاستقلالٍ الفكري، والسيطرة الكاملة على أي محتوى مُموَّل بالمساهمة، سواء كان تمويلاً جزئياً أو كلياً”.

وأشار أورويتز أيضاً إلى أنَّ مركز الأمن الأميركي الجديد يتحلِّى بالصراحةِ في الكشف عن تلقيه أموالاً من الإمارات، سواء على موقعه الإلكتروني، وحتي فيما أدلى به بعض خبرائه في شهادتهم أمام الكونغرس.

b

لماذا هذا الشَّره الإماراتي لتكنولوجيا المراقبة والتجسس؟

وفي سلسلةٍ أخرى من رسائل البريد الإلكتروني المؤرَّخة بتواريخ تعود إلى الفترة بين فبراير/شباط ومارس/آذار 2013، تستخدم ميشيل فلورنوي بريد جوجل “Gmail” خاص للتواصل مع العتيبة وتطلب مساعدته في الترويج لبيع تكنولوجيا مراقبة إلكترونية من شركة مقرَّها في الولايات المتحدة إلى الإمارات.

وتُعَد حكومة الإمارات مستهلِكاً شَرِهاً لتكنولوجيا المراقبة، واشترت مِراراً أدوات تجسُّس إلكترونية من شركاتٍ غربية؛ بهدف التجسُّس على معارضين سياسيين، حسب موقع The Intercept.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2016، أورد موقع “ذا إنترسبت” أنَّ الإمارات تُجنِّد جيشاً صغيراً من المُخترِقين الغربيين، الذين يسهمون في تحويل الإمارات إلى البلد الذي يحتوي أكثر نظم المراقبة تعقيداً في العالم.

وفي بريدٍ إلكتروني يعود إلى فبراير/شباط 2013 إلى العتيبة، تُعبِّر ميشيل عن إحباطها من أنَّ شركة دو، وهي شركة اتصالات رئيسة بالإمارات، اختارت عدم شراء تكنولوجيا خدمات تحديد الموقع الجغرافي من شركة بولاريس وايرلس، وهي شركة مُتخصِّصة في أجهزة التتبُّع الإلكترونية.

وعلى موقعها، تروِّج الشركة لتكنولوجيا “استخبارات لا سلكية لتحديد الموقع” بالإمكان استخدامها لـ”تحديد وتتبُّع مشتبه فيهم معروفين”، و”كشف ومراقبة الحشود”، والسماح للمستخدمين بـ”البقاء مُتقدِّمين على أولئك الذين يُشكِّلون تهديداً”. وتمتلك شركة بولاريس وايرلس مكتباً بدبي. وفي عام 2012، عزا مدير الشركة التنفيذي نمو عائدات الشركة إلى عمليات بيعٍ في المنطقة.

وطلب ميشيل من العتيبة التدخُّل لدى وزارة الداخلية الإماراتية والمساعدة على ترتيب اجتماعٍ بين مسؤولٍ تنفيذي كبير بالوزارة وشركة بولاريس.

وفي رده، كتب العتيبة لميشيل: “سأكون سعيداً لفعل ذلك، لكنَّ وزارة الداخلية كبيرة جداً. وتخضع وكالة استخباراتنا قانوناً إلى وزارة الداخلية، لذا ما أسأل بشأنه هو أين تكمن القضية حتى يكون بإمكاني المساعدة”.

فردَّت ميشيل: “إذا ما أمكنك المساعدة للحصول لهم (شركة بولاريس) على فرصة لشرح الوضع الحالي والقدرات الأمنية لنظامهم ببساطةٍ لقيادي كبير في وزارة الداخلية، فسيضمن ذلك على الأقل أنَّ الأشخاص المناسبين على إدراكٍ بالفرصة التي قد تُفوَّت هنا.

وقال نيكولاس ماك جيهان، وهو باحثٌ في شؤون الإمارات لدى منظمة هيومان رايتس ووتش، لموقع “ذا إنترسبت”، عبر البريد الإلكتروني، إنَّ نشطاء في الإمارات لديهم قناعة بأنَّ الحكومة تستخدم مراقبة إلكترونية لتتبُّعهم. وقال: “في آخر مرة كنا قادرين فيها على دخول الإمارات -في يناير/كانون الثاني 2014- كان النشطاء الذين قابلناهم يتركون هواتفهم الجوالة بالمنزل كلما سافروا، ولم يرغبوا في أن تعلم السلطات أين يتوجَّهون. لقد كانوا على ثقةٍ بأنَّ السلطات تستخدم هواتفهم الجوالة من أجل تتبُّعهم”.

ولم ينفِ أورويتز، المُتحدِّث باسم مركز الأمن الأميركي الجديد، أنَّ محادثات فلورنوي من أجل الترويج لشركة بولاريس قد حدثت، لكنَّه قال إنَّ ذلك لم يكن مرتبطاً بعملها في المركز.
وقال أورويتز: “لقد جرت المحادثة المتعلِّقة بقدرات دولة الإمارات الأمنية حينما كانت تعمل في القطاع الخاص، وليس في مركز الأمن الأميركي الجديد”.

ولم تستجب شركة بولاريس لدعوات “ذا إنترسبت” من أجل التعليق.

رحلةٌ إلى الإمارات.. على نفقة من؟!

في مارس/آذار، أرسلت مجموعة هاربر، وهي شركة علاقات عامة مقرَّها واشنطن العاصمة، وسجَّلت عملها مع الإمارات، مذكِّرةً إلى العتيبة تُوضِّح تفاصيل رحلة مدفوعة التكاليف لمجموعة واسعة من باحثي مراكز الأبحاث الرائدة إلى الإمارات.

وورد في المذكرة: “إنَّنا نعمل مع بيان كاتوليس في مركز التقدم الأميركي، وإيلان غولدنبرغ بمركز الأمن الأميركي الجديد لتخطيط وتنفيذ جولة دراسية مدعومة من السفارة لخبراء الأمن القومي إلى الإمارات هذا الربيع”. ويُنظَر على نطاقٍ واسع إلى مركز التقدم الأميركي، حيث يُعَد كاتوليس زميلاً بارزاً للأمن القومي، باعتباره أكثر مراكز الأبحاث الأميركية النافذة انحيازاً إلى الحزب الديمقراطي.

ويُذكَر كلٌ من كاتوليس وغولدنبرغ باعتبارهما منظِّمي الرحلة؛ ومن بين الحضور المؤكَّدين الآخرين كيم كاغان، وهي من كبار الصقور بمركز دراسات شؤون الحرب، وكذلك دانييل بليتكا من معهد المشروع الأميركي، وهو مركزٌ بحثي نافِذ ينحاز إلى الحزب الجمهوري وينتمي إلى تيار المحافظين الجُدُد.

وكان محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، من بين المسؤولين الذين كانوا من المُقرَّر أن يلتقوا المجموعة. ولم يكن هناك معارضون، أو نشطاء، أو محامو حقوق إنسان مدرجون ضمن لائحة المشاركين في تلك اللقاءات.

وطبقاً للمذكِّرة، كان تمويل الرحلة مدعوماً بوضوحٍ من الإمارات. فجاء في المُذكِّرة: “ستُغطي السفارة تذاكر درجة رجال الأعمال للمجموعة، والتي تُقدَّر بـ150 ألف دولار أميركي. وسنطلب أن يُغطي ديوان ولي العهد نفقات الفنادق، والوجبات، والانتقالات المحلية”.

وأكَّد أورويتز من مركز الأمن الأميركي الجديد، أنَّ الخبراء قد سافروا إلى الإمارات كجزءٍ من “رحلتين منفصلتين لخبراء مراكز الأبحاث”، ووصفهما بأنَّهما “بعثتان لتقصّي الحقائق”، حيث تُنظِّم العشرات من البلدان الأخرى بعثاتٍ مشابهة لخبراء أمنيين أميركيين إلى بلدانها.

بينما في رسائل بريد إلكتروني داخلية إلى العتيبة، كان المسؤولون الإماراتيون واضحين تماماً في أنَّ هدف تلك الرحلات هو التأثير على صانعي السياسات الأميركيين كي يكونوا متعاطفين مع الإمارات.

ففي بريدٍ إلكتروني مؤرَّخ بـ18 أبريل/نيسان 2017، تحدَّثت الدكتورة الصغيرة الأحبابي، رئيسة القسم السياسي بالسفارة الإماراتية في واشنطن، عن أهمية الرحلات التي جرى تنظيمها مع كاتوليس وغولدنبرغ بالإشارة إلى أنَّ “هدف تلك الرحلة هو إطلاع مُحلِّلي السياسة النافذين هؤلاء على سياسات الإمارات فيما يتعلَّق بالقضايا الإقليمية الرئيسة، وتأكيد التعاون العسكري الوثيق بين البلدين”.

ولم يستجب مركز التقدُّم الأميركي ولا السفارة الإماراتية في واشنطن لطلبات التعليق بشأن المعلومات التي كشفتها رسائل البريد الإلكتروني والوثائق.

وتشير رسالةُ بريدٍ إلكتروني منفصلة إلى أنَّ كاتوليس قد لعب دوراً في تنسيق رحلاتٍ إلى الإمارات مع مجموعة هاربر في الماضي أيضاً. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2015، نظَّم كاتوليس رحلة لمجموعة من الخبراء الجمهوريين والديمقراطيين، لافتاً إلى أنَّهم كانوا “جميعاً مرتبطين بحملاتٍ بطرق مختلفة”. وأشار إلى أنَّهم “بدرجةٍ كبيرة سيكونون الجيل المقبل كما قال السفير العتيبة”.