هل ان زيارة الصدر للسعودية بداية لعهد جديد؟
رفعت نافع الكناني
بدعوة من المملكة العربية السعودية زار السيد مقتدى الصدر المملكة بتاريخ 30 تموز واجتمع بولي العهد السعودي محمد بن سلمان وعدد من المسؤولين ، احدثت هذه الزيارة ضجة اعلامية كبرى على المستوى المحلي والاقليمي بسبب التوقيت التي تمت به هذه الزيارة . البعض يرى انها خطوة موفقة نحو رأب الصدع بين البلدين ومد جسور الثقة والاطمئنان وبدء صفحة جديدة في تاريخ العلاقات العراقية السعودية وترك صفحة الماضي وما شابها من علاقات قطيعة وصراع لكسب الساحة العراقية ووأد حلم العراقيين بحياة كريمة خالية من التعسف والظلم والتبعية وما رافق تلك الفترة من ظهور مؤثر للارهاب والجماعات التكفيرية التي عبثت بأمن الوطن والمواطن ودفع الشعب العراقي مئات الالوف من خيرة شبابه وتدمير مدنه وبناه التحتية نتيجة الشحن الطائفي والدعم الاعلامي والمادي السعودي والخليجي والعربي.
بينما الرأي الاخر يرى ان الزيارة للعربية السعودية تحصيل حاصل ، وهي في مأزق حقيقي نتيجة عوامل كثيرة ادت الى تقليص نفوذها وهزيمة طموحها الجامح في موقع الريادة للعرب والمسلمين . ونظرة سريعة للاخفاقات التي منيت بها السياسة السعودية يلاحظ ، الاخفاق في تحقيق نصر سريع في اليمن يحقق لها ترتيب البيت اليمني وفق مصالحها وغاياتها بحيث اصبحت الحرب المفروضة على اليمن عبئ كبير عليها ولها انعكاسات خطرة على الداخل السعودي ، تدخلها من خلال دعم التنظيمات الارهابية بقوة في سوريا والرهان على اسقاط الرئيس بشار الاسد باءت بالفشل الذريع ، عملية تنصيب الامير محمد بن سلمان وليا للعهد وتأثير ذلك على الوضع الداخلي للمملكة ، لم تستطيع اجادة الدور في الضغط على قطر وتحجيمها بحيث بدأت التنازلات عن الشروط المفروضة ، النصر الكبير واسقاط دولة الخلافة المزعومة في الموصل له تاثير كبير وفاعل في اعادة العراق كقوة يحسب لها .
وهناك من يرى ان دعوة السعودية للسيد الصدر لها غايات عديدة وبتوجيه وتخطيط امريكي يراد منها تحقيق اهداف تخدم سياستها في المنطقة من خلال احداث انقسام او شرخ بين الاحزاب والكتل والتيارات الشيعية من خلال استماله بعضها لصنع جبهة تساير اهدافها التي اعلنتها في مؤتمر الرياض لمحاصرة ايران وتحجيم نفوذها على الساحة العراقية . وما تهدف وتعمل عليه بكل قوة للطعن والاساءة لقوات الحشد الشعبي وتحجيم دورها والعمل على شيطنتها داخليا وعربيا ودوليا بعد ان اصبحت قوة مضافة للعراق في حماية كيانه وحدوده . اضافة لما يمثله السيد نوري المالكي من أرق دائم للسعوديين وسياستهم في العراق وما يملكه من تيار سياسي كبير يحسب له على الساحة العراقية ، وقد جاءت زيارته الاخيرة لروسيا وما حضيت به تلك الزيارة من استقبال وترحيب من قبل الرئيس بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف ورئيسة مجلس الاتحاد الروسي فالنتينا ماتفيينكو لتأكد شخصيته ومكانته وتأثيره .
اذن ، هل ان العربية السعودية قد بدأت بخطوات جديدة بعيدة عن سياستها القديمة التي اوصلت المنطقة العربية الى ما وصلت اليه من التشرذم والاقتتال والفرقة ، بانتهاجها سياسة الاعتدال والوسطية والانفتاح على الجميع من خلال التعايش السلمي وبسط الامن والاستقرار في المنطقة ونبذ سياسة التطرف والتكفير وسحق الاخر ؟ نحتاج الى خطاب مطمئن وسياسة واقعية تستخلص الدروس والنتائج لما اصاب المنطقة ، وعدم تجيير الصراع باعتباره صراع عربي ايراني باطار ديني طائفي مقيت لايمكن تصور نتائجة المستقبلية المدمرة لمستقبل الشعوب وهياكل وأسس الدول في الشرق الاوسط . نعتقد ان زيارة السيد مقتدى الصدر يمكن ان تلعب دورا ايجابيا لخلق اسس تفاهم وتقارب بين السعودية وايران بعيدا عن التخندق الطائفي والقومي ، وما يمكنه من تأسيس لمرحلة تفاهم وتسامح ووفاق بين المكونات العراقية ، اضافة لاطفاء بؤر الصراع في الداخل السعودي وتهدئته .