خرق أمني آخر.. وسيل دم عراقي جديد

محمد السيد محسن*
قيل لنا قبل تحرير مدينة الفلوجة، ان تحريرها سيقطع الطريق عن وصول اي سيارة مفخخة للعاصمة بغداد
وكانوا قالوا قبلها ان تحرير ديالى يعني ان السيارات المفخخة لن تصل الى بغداد
وبعدها قيل لنا ان السيارات المفخخة مصدرها مدينة الحويجة
ورغم كل تصريحات “التخدير” الا ان السيارات المفخخة بقيت هي التي تختار الزمان والمكان لتنفجر وسط أبناء شعبنا الذي ما زال بعضه يصدق رواية المسؤولين الامنيين للأسف فيما انبرت مجموعة من أبناء شعبنا لتكذيب كل هذه التصريحات
البارحة سقط اكثر من عشرة عراقيين بين شرطة مرور ومدنيين قبالة قاطع شرطة الرصافة في منطقة تعد محمية امنياً بشكل كبير ، في إشارتين الاولى : ان كل تصريحات القادة الامنيين لم تعد تنفع لان الذي لا يصدق في تصريحاته مراراً عليه ان يرتدي ثوب الشجاعة ويعلن استقالته ولا يتشبث بمبدأ “بعد ما ننطيها” الذي شاع بين كل المسؤولين العراقيين خوفاً من تضييع مكاسب المنصب
والثاني ان الاٍرهاب لا يتواجد في المناطق التي يشير اليها القادة الأمنيون الذين يتشبثون بمناصبهم دون ان يتحلوا بالشجاعة حينما تخترق مدننا الآمنة
هل المبتغى من المنصب هو خدمة العراقيين ام الانتفاع منه؟
حسب المعطيات جميعها فان المنصب يجنح نحو اجابة : الانتفاع منه شخصياً وحزبياً
نحن العراقيون نبحث عن أمن لسكاننا واماناً مستديماً يتوافق مع حجم التضحيات التي يبذلها أبناؤنا في ساحات المواجهة مع الاٍرهاب
لكننا نريد ان نلفت الانتباه الى ما يعترف به المسؤولون الأمنيون والسياسيون على حدٍ سواء بان الفساد هو الاٍرهاب الأكبر في العراق
وإلا ما تفسير ان تخترق سيارة مفخخة تخرج من خارج حدود العاصمة للوصول الى قلب بغداد وتنفجر لتخلف شهداء وضحايا ابرياء وتسيل دماءٌ زكية من أبناء شعبنا!
ما هو دور القائد العام للقوات المسلحة من هذه الاختراقات ؟
ما هو دور وزير الداخلية وقياداته الأمنية؟
الى متى يبقى العراقيون ينتظرون تحقيقات لجان لم تفرز لحد الان نجاحاً ولا رأياً حاسما في كل ملفات الاختراقات الأمنية ؟
هذه التساؤلات باتت اليوم تُلِّح وتتفاعل بين السن وقلوب العراقيين لكنها لم تستطع ان تحرك هاجساً عند اصحاب القرار ، بل ان المسؤولين الأمنيين والسياسيين لم يتحرك لهم جفن بما يلحق أبناء الشعب في مناطقهم العارية بينما ينعم المسؤول بحمايته وأسواره التي تعزله عن شعبه وتحميه من اي تظاهر شعبي
لماذا تتحرك القوى الأمنية بكل قواها فقط حينما يقرر شباب العراق ان يتحركوا بمظاهرة رفضاً للفساد ومطالبةً بالإصلاح في اجهزة وبنية الدولة جميعها ؟
في الوقت الذي يجب فيه على اصحاب القرار ان يكونوا اكثر صدقاً وشجاعةً في التعامل مع احداث الموت بحق العراقيين ، فان على أبناء العراق ان يقطعوا الطريق على اصحاب القرار من ان يصلوا مرة اخرى الى سدّة القرار ، وهذه هي الطريقة الناجعة للتغيير الحقيقي الذي يضمن للعراقيين دولة كريمة آمنة باهلها دون ارهاب قد تحركه أصابع الاٍرهاب والفساد

*رئيس التحرير