الصدر والحكيم وبيكاسو
نــــوزاد حـــســــن
ليس من الممكن ان يكون بين بيكاسو والسيد الصدر والسيد عمار الحكيم اية صلة تذكر..نعم نحن نفكر هكذا لكن الواقع السياسي، يقول شيئا آخر.اذن لنحاول معرفة ما يقوله واقعنا السياسي العجيب.
في الاسبوعين الاخيرين، شهدت الساحة السياسية اهم حدثين لم يتوقعهما احد.الأول هو :زيارة الصدر الى السعودية والثاني:خروج السيد عمار الحكيم من خيمة المجلس الاعلى الاسلامي ليؤسس تيارا جديدا هو:تيار الحكمة.
كانت زيارة السيد الصدر ،صدمة كبيرة للكثيرين ،اثارت عاصفة من الانتقادات وجهت لسماحته.ومن المؤسف ان المنتقدين يعرفون كيف يوجهون اللوم، دون ان يعرفوا كيف يفكرون بواقعية.
كذلك كانت خطوة السيد عمار الحكيم، صدمة من نوع اخر، دفعت البعض الى الشعور بان تطورا حقيقيا سيحصل على ارض الواقع، بعد هذا الانسحاب من اكبر تحالف قاد العملية السياسية منذ سقوط نظام صدام.ولا يخفى على احد ان المستقلين والمدنيين انتشوا بهذه الولادة الجديدة التي قد تكون لها انعكاسات مهمة على مستوى التحالفات المقبلة.
حدثان كانا بمثابة صدمتين للجميع ،بحيث ان نسبة غير كبيرة استوعبت ما حدث،لذا ظن البعض ان السيد الصدر اخطأ في زيارته للسعودية،كما اعتبر الآخرون ان خروج الحكيم لم يكن في مصلحة المجلس الاعلى. شخصيا افهم ما حصل ببساطة شديدة، لانني أؤمن بان العلاقات بين السياسيين ليست قوالب جامدة.سيفيدني بيكاسو الآن في ايضاح نقطة مهمة وهي ان السياسة ليست عملية تكرار سنوي للوجوه والتحالفات والعلاقات بين الكتل بعضها مع البعض الآخر. ان مفهوم سكة القطار لا وجود له في السياسة ابدا،لكن البعض يفضلون ان تنطلق العملية السياسية برتابة قطار،وعلى هذا الاساس لا بد ان يظل السيد عمار الحكيم رئيسا في المجلس الاعلى ولا يمكن للسيد الصدر ان يزور السعودية. بهذا المعنى يرى البعض ان اسلوب السياسة هو قطعة من شريط حديدي تصلح للقيادة الثابتة ، التي لا تعرف الملل.لذا كان بيكاسو يعتقد ان استمرارية الاسلوب نفسه امر جحيمي لا يطاق وهكذا هي السياسة ايضا. لا يمكن اذن ان تظل اية دولة من دول الجوار بعيدة عنا، دون اقامة اي حوار معها،ولا يمكن ان تبقى هذه الكتلة حبيسة جدران صلبة لا يسهل تهديمها.وعلى ضوء مصلحة الوطن فسيكون كل تحرك سياسي مرناً جدا مرونة الماء وهو يتغلغل في اعماق الارض.
من هنا ساوضح ان زيارة الصدر كانت دعما مباشرا للسيد حيدر العبادي ومحاولة من زعيم التيار الصدري في الاقتراب من المحيط العربي ولو ان السيد الصدر زار السعودية قبل رئيس الوزراء لكان لزيارته معنى آخر.
كذلك سيكون تيار الحكمة الذي انفصل عن المجلس الاعلى خطوة جيدة نترقب جميعا ما ستسفر عنه في الايام
المقبلة.