الاستفتاء والاعراف الكردستانية
نوزاد حسن
اعني “بالاعراف الكردستانية” وضع الاقليم الهاديء وهو الوسط الجميل بين الحرب التي خاضها الاكراد طويلا وبين جنة الانفصال الغامضة ،التي قد تنتهي نهاية ماساوية ،كما انتهت تجربة جنوب السودان.
ولأني انحدرت من دم قوميتي القلقة وشاهدت وسمعت قصص الواقع بكل غرابته وحزنه، لذا فانا اشعر بعدم راحة لاجراء هذا الاستفتاء، الذي يشبه اندفاعا وراء سراب في صحراء كبيرة. افضل ان ينتبه القادة الكرد الى واقع الاقليم وما فيه من تحديات.واذا نظرنا الى حياة الناس وكيف يفكرون، فسنجد ان الفرصة المثلى ليست في تحديد موعد نهائي لاستفتاء قد تقاطعه او ستقاطعه احزاب كردية معروفة بصراعها مع الحزب الديمقراطي.لكن ليست هذه المشكلة.المشكلة كما ارى هو خشيتي من ان يفقد الاقليم ما بيديه من مميزات لا توجد في امكنة اخرى من العالم. حين قلت ان امام الكرد حلا واحدا هو البقاء على “الاعراف الكردستانية”فانا كنت اقصد ابعاد قصة مواجهة بغداد وكذلك تأجيل – كي لا اكون متشائما – مسألة الاستفتاء الى وقت اخر. البقاء على “الاعراف” لا يعني الضعف وترك حق الكرد في تقرير مصيرهم،ابدا لا احد يعني ويريد هذا.لكن طبيعة الحياة والوضع السياسي للمنطقة لا يشجع كثيرا على الاقدام على مغامرة خطرة كالتي يدعو اليها السيد مسعود بارزاني.
الحل كما ارى هو شراء المزيد من الامان، لتطوير نوعية الحياة في الاقليم.فالامان وعدم وقوع نزاعات عشائرية وقلة التفجيرات قياسا بمناطق العراق الاخرى ..كل هذا يجعل من الاقليم ،منطقة محسودة.وقوة الانتصار والثقة تكمن في صهر هذا الخليط الكردستاني نحو خلق فرص جديدة على مستوى الزراعة او الصناعة مثلا.ولا يمكن ان يسير الاقليم في هذا الطريق الا اذا اختار المنطقة الوسطى وهي “الاعراف” التي تبعده عن مشاكل الانفصال وخسائر الحرب التي استبعد ان تقع الآن. ليس ضعفا ان يرسم الكرد ،صورة ذاتية لانفسهم بعيدا عن السياسة قليلا.واتمنى ان تكون ملامح هذه الصورة ثقافية وصناعية وزراعية وهذا بحد ذاته هو مشروع حياة اية دولة تستحق ان تسمى دولة.
لو ان الاقليم صهر كل المشاكل التي يعاني منها ولو انه قدم لنا نموذجا فيه لمسة واضحة تعكس اصرار القيادات الكردية ،على تغيير طريقة تفكير الناس،وجعلهم يفكرون بعيدا عن مواجهات سياسية مكلفة ،لربما كنا سنجد حالة من الرضا وهي ان الدولة متحققة حتى ولو لم يوافق عليها العالم.
حين نجعل من بعض خيرات كردستان بضاعة وحين نبدأ بتسويق منتجات محلية الى بغداد وغيرها وحين نزيد من انتاج العسل والاسماك والفواكه والخضار واشياء اخرى كثيرة هنا ،سيجد الكردي نفسه ذو قيمة.لذا فانا لا اظن ان الحصول على الدولة، يحقق السعادة للموطنين،كلا ان وجود الاهداف وروح الفعل والانتاج هي ما تخلق في قلوب الناس اهدافا حقيقية لا اصطناعية.