تجميد مجالس المحافظات

سلام مكي
قدم مؤخرا 175 نائبا في البرلمان مقترحا يقضي بتجميد عمل مجالس المحافظات لحين اجراء الانتخابات في العام المقبل، على ان توكل صلاحيات ومسؤوليات تلك المجالس الى اعضاء البرلمان المنحدرين من تلك المناطق. هذا المقترح الذي واجه اعتراضات من قبل اعضاء مجالس المحافظات وترحيبا من قبل الشارع العراقي، يواجه تحديا مهما وهو مدى دستوريته، وهل يمكن وفق الدستور والقوانين تجميد مجالس المحافظات؟ ان مجالس المحافظات، وجدت تماشيا مع توجه الدستور القاضي بمنح المحافظات غير المنتظمة بإقليم صلاحيات ادارية ومالية واسعة، تماشيا مع مبدأ اللامركزية الادارية التي نص عليها الدستور.
وقبل هذه الدعوة، ثمة مطالبات شعبية بإلغاء تلك المجالس، بسبب فشلها في توفير الخدمات، وتحقيق تطلعات المواطنين، اضافة الى انشغالها بالصراعات والانقسامات السياسية فيما بينها، بسبب تقاسم المناصب والامتيازات، اضافة الى الميزانيات الهائلة التي ترهق خزينة الدولة، بسبب متطلبات تلك المجالس. اختصاصات مجالس المحافظات، وكما نصت عليها المادة 7 من القانون 21 لسنة 2008 المعدل هي 17 اختصاص تتعلق اغلبها بانتخاب المحافظ وكيفية اقالته واستجوابه ورسم السياسات العامة للمحافظة والمصادقة على الترشيح للمناصب العليا واعفاء اصحاب المناصب العليا في المحافظة واصدار الجريدة الرسمية واختيار شعار للمحافظة واقرار نظام داخلي للمجلس والتصويت على رفض التبرعات والهبات الى تحصل عليها المحافظة وغيرها.
هذه الاختصاصات، التي يمكن لأي سلطة اخرى ممارستها، وبتكلفة اقل، تستدعي من القائمين على التشريع، مراجعة وتقييم عمل تلك المجالس، وهل فعلا ادت ما عليها من مسؤوليات.
وهل ان تلك المسؤوليات المنصوص عليها في المادة المشار اليها في اعلاه، تستدعي الانفاق الهائل عليها؟ وهل يمكن ايجاد صيغة بديلة، اقل صعوبة من تشريع قانون جديد، يلغي عمل مجالس المحافظات؟ ان الدستور العراقي الدائم، اوجد طريقة يمكن من خلالها الاستغناء عن تلك المجالس، دون ان نسمع من يقول بخرق الدستور.
فالمادة 123 نصت: يجوز تفويض سلطات الحكومة الاتحادية للمحافظات وبالعكس، بموافقة الطرفين، وينظم ذلك بقانون. بمعنى يمكن للحكومة ان تمارس بنفسها الاختصاصات المنصوص عليها في المادة 7 من القانون 21، بشرط ان توافق تلك المجالس على التفويض، وان يشرع قانون خاص ينظم هذا الأمر. ولما ان عمر تلك المجالس، يوشك على الانتهاء، فوجودها القانوني انتهى، ولا يحق لتلك المجالس، ان تتولى اي مسؤولية، او تبدي رأيا، ذلك ان شخصيتها المعنوية انتهت. بالتالي، فيمكن للحكومة ان تتولى المسؤولية بنفسها، دون حاجة لموافقة الطرف الآخر. لكن تبقى مسألة تشريع القانون، فهو اقل صعوبة من الغاء القانون 21، على اعتبار ان اغلب الكتل السياسية، سترفض مثل هكذا قانون.