ضمان الدولة خير من تأسيسها
رئيس التحرير*
بتسارع واضح تتغير التصريحات الكردية الداعمة للاستفتاء من قبل اصحاب المشروع وعلى راسهم رئيس اقليم كردستان العراقي المنتهية ولايته مسعود بارزاني. الان باتت نغمة الوعود مقابل النظر في الاستفتاء.
مطالب بارزاني هي: الوعد العراقي والاممي بتحديد سقف زمني للبقاء تحت خيمة الوطن “العراق” كشرط اساس للنظر في عدم اجراء الاستفتاء، ما يعني ان بارزاني بدأ يعمل وفق الخطة “ب” والقاضية بالحصول على وعود بضمان تأسيس الدولة في هذه المرحلة وليس بالضرورة أن تتأسس الدولة وفق الاستفتاء الآن. اطلاق هذا المشروع من قبل بارزاني جاء عشية تجمع قوات تركية قرب معبر فيشخابور عند الحدود مع تركيا وليس بعيداً على الحدود مع سوريا بذريعة تركية هي اجراء مناورات عسكرية تركية تحاكي الإستعداد لشن هجوم ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في مناطق محاذية للحدود العراقية الشمالية المنضوية تحت مسمى إقليم كردستان العراقي.
وتأتي كذلك بعد أن حسمت كل الاصوات العالمية رأيها بشأن اجراء الإستفتاء بما فيها المنظمة الأممية التي جاء تصريح عميدها غوتيرش صادما للاكراد؛ حيث قال بأن اجراء الاستفتاء يعد إلهاءً للعراق في حربه ضد الإرهاب ومرورًا بالموقف الفرنسي الذي كان الأكراد يعولون عليه كثيراً والذي انطلق من الإليزيه حين زار بارزاني باريس وقيل له إن فرنسا مع حق الشعوب في تقرير المصير.
وربما يستغرب البعض الموقف الإيراني ويصفه بالبارد والهادئ، لاشك أن الإيرانيين أفضل من يجيد التعامل مع العائلة البارزانية؛ حيث خبروا التعامل معهم طيلة سبعة عقود منذ انطلاق الحراك الكردي في شمال العراق، لذا فقد حسم الإيرانيون موقفهم وأوصلوه عبر صوتهم العابر للحدود “قاسم سليماني” الذي وصل أربيل ليلة البارحة فأرخى قليلاً من تصريحات مسعود وعاد الاستفتاء ورقة ضغط لا مشروع دولة.
ومن بغداد رشح خبر يزكم الأُنوف وهو أن التحالف الوطني اتفق على فريق للتفاوض مع وفد الإقليم الذي سيزور بغداد يوم غد. وكأن التحالف الوطني يمثل العراق حكومة وشعباً، علماً أن الوفد الكردي سيأتي بمفاوضين أكفاء ومتخصصين ويدعمهم فريق من المستشارين، أما فريق التفاوض “التحالفي” فلن يكون من المتخصصين، ولذا فإنه لن يجيد لعبة التفاوض وليس من المستبعد انه سيغدق الوعود وحين يجد نفسه في حرج يتنصل عنها.
ما أود قوله هنا: إن الحكومة العراقية باعتبارها حكومة المركز فعليها أن تكون جاهزة قدر المسؤولية لقيادة مفاوضات على مستوى عالٍ، واوأنعلم جيداً أن ليس لزامًا عليها أن تقدم أي تنازلات مقابل وقف اجراء الاستفتاء لأن المجتمع الدولي والإقليمي تكفل بوأده قبل ولادته، وعليه فإن الحكومة العراقية ليست ملزمة بإعطاء وفد الإقليم ما يودون أن يأخذوه من غنائم من بغداد ليعودوا يتعكزوا عليها مجدداً في قادم الأيام العراقية.
*محمد السيد محسن