العبادي يعلن الحداد الرسمي في البلاد لمدة ثلاثة أيام على وفاة الطالباني

بغداد – الاعمار
أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي، الاربعاء، عن الحداد الرسمي في عموم البلاد ولمدة ثلاثة ايام على وفاة رئيس الجمهورية السابق جلال الطالباني.
وقالت الامانة العامة ل‍مجلس الوزراء، في بيان، تلقى “الاعمار”، نسخة منه، إن “رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي يعزي الشعب العراقي بوفاة المغفور له رئيس جمهورية العراق السابق جلال طالباني ويعلن الحداد الرسمي لمدة ثلاثة ايام اعتبارا من اليوم الأربعاء”.

ويعتبر جلال طالباني الذي يطلق عليه الأكراد والعراقيون عموماً اسم “مام جلال” (العم جلال)، واحدا من السياسيين المخضرمين ذوي الباع الطويل في المجال السياسي في تاريخ العراق المعاصر.
ومنذ بدء نشاطه السياسي المبكر في كردستان العراق باعتباره أحد أبناء القومية الكردية، ثاني أكبر قومية في العراق بعد العرب، عاصر الرئيس العراقي الراحل أزمنة مختلفة في العراق، ملكية وجمهورية.
درس طالباني القانون في جامعة بغداد، وكان معروفا بدهائه وبراعته في العمل السياسي.
قاد جلال طالباني الاتحاد الوطني الكردستاني، أحد أكبر حزبين كرديين في العراق، الى جانب الحزب الديمقراطي الكردستاني. وكان للاتحاد نفوذ قوي منافس للحزب الديمقراطي، حتى الفترة الأخيرة حين تعرض لانشقاق تشكل على إثره تيار سياسي جديد باسم “التغيير”، مما أضعف هذا النفوذ.
وقد انعكس ذلك في نتائج الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان حيث احتل الاتحاد المرتبة الثالثة بعد الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني و”حركة التغيير” بزعامة نشيروان مصطفى الذي كان من زعماء الاتحاد الوطني.

السنوات الأولى
ولد طالباني في عام 1933 وبدأ العمل السياسي في بداية الخمسينيات كمشارك في تأسيس وقيادة الاتحاد الوطني لطلبة كردستان التابع للحزب الديمقراطي الكردستاني. وقد صعد نجمه سريعا في صفوف الحزب وتسنم مناصب قيادية فيه.
وكان طالباني جزءا من القيادة الكردية التي بدأت تمردا عسكريا في أيلول/ سبتمبر 1961 ضد حكومة رئيس الوزراء العراقي الراحل عبد الكريم قاسم، وبعد أن وقع انقلاب شباط/ فبراير 1963، قاد الوفد الكردي للتفاوض مع حكومة الانقلاب.
وأصبح في منتصف السبعينيات جزءا من مجموعة من أعضاء الحزب اختلفت مع القيادة وعلى رأسها الزعيم الكردي الراحل مصطفى البارزاني، وشكلت ما عرف بجماعة المكتب السياسي بقيادة السياسي الكردي البارز إبراهيم أحمد.
وانحلت الجماعة عام 1970 إثر توقيع الحزب الديمقراطي الكردستاني على ما عرف باتفاق آذار (مارس) مع الحكومة المركزية في بغداد بعد سنتين من انقلاب عام 1968 الذي جاء بحزب البعث الى السلطة.

منافسة سياسية
وفي عام 1975 أسس طالباني مع عدد آخر من رفاقه الاتحاد الوطني الكردستاني.
ودخل التنظيم الجديد في منافسة شديدة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي تسلم زعامته مسعود البارزاني بعد وفاة والده. وقد هيمنت تلك المنافسة على الحياة السياسية في إقليم كردستان على مدى عقود.
وشهدت العلاقة بين الحزبين فترات من التوتر والاحتراب الداخلي واستأثر كل منهما بالسيطرة على مناطق من كردستان العراق، قبل أن يسويا خلافاتهما ويتقاسمان حكم الإقليم بعد سقوط نظام حكم صدام حسين إثر غزو الولايات المتحدة وحلفائها العراق عام 2003.

انتكاسة
منيت الحركة الكردية بانتكاسة عسكرية وسياسية كبرى في منتصف السبعينيات بعد اتفاق الجزائر الذي وقعه صدام حسين حين كان نائبا للرئيس أحمد حسن البكر، مع شاه إيران.
لكن حرب الخليج، التي أعقبت غزو العراق، والانتفاضة التي اندلعت في جنوبه وشماله ضد حكومة بغداد عام 1991 قد غيرت الكثير على الأرض، بما في ذلك الحياة السياسية في كردستان.
فقد فرض التحالف الغربي منطقة يحظر فيها الطيران لتتحول كردستان العراق إلى ملاذ آمن. ولم يعد لقوات الحكومة المركزية أي وجود في المنطقة.
وإثر ذلك دخل الحزبان في شهر عسل لم يدم طويلا. لكن رغم إجراء انتخابات أسفرت عن إدارة مشتركة للحزبين، عاد التوتر من جديد ليتحول إلى مواجهة عسكرية عام 1994.
وبعد جهود غربية عقدت اجتماعات عديدة بين وفدي الحزبين ووقع الزعيمان الكرديان طالباني والبارزاني اتفاق سلام في واشنطن عام 1998. وتعزز الاتفاق في تشرين الأول/ أكتوبر عند انعقاد جلسة برلمان كردستان ودعوة طالباني فيه إلى تحريم أي اقتتال داخلي بين الأكراد.

حضور سياسي
لم يقتصر الحضور السياسي لطالباني على كردستان، بل أصبح لاعبا أساسيا على الساحة السياسية العراقية بمجملها، وعلى وجه الخصوص عقب الإطاحة بصدام حسين عقب غزو العراق.
ففي عام 2005 أصبح أول رئيس منتخب في العراق منذ أكثر من 50 عاما. وظل رئيسا حتى 2014، ثم خلفه في الرئاسة سياسي كردي آخر هو الدكتور فؤاد معصوم.
وجاء انتخاب طالباني رئيسا بعد عقود من الصراع بين الحكومة المركزية ومجموعات كردية مناوئة لحزبه.

لاجئون اكراد
فر الآلاف من الأكراد من الهجوم الذي شنه عليهم نظام صدام حسين عقب حرب الكويت.
وتم انتخابه لولاية ثانية كرئيس للبلاد في عام 2006.
وفي عام 2010 انتخبه أعضاء البرلمان رئيسا بموجب اتفاقية لتقاسم السلطة. وجاء ذلك بعد أشهر من المفاوضات التي أعقبت نتائج غير حاسمة للانتخابات التشريعية أجريت في مارس/ آذار من العام نفسه.
وينظر إلى منصب الرئيس، الذي شغله طالباني حتى اختيار خلفه فؤاد معصوم، على نطاق واسع باعتباره منصبا شرفيا إلى حد كبير، لكن شاغله يتمتع بصلاحيات بموجب الدستور.
واستخدم طالباني منصبه مرارا للوساطة في النزاعات بين الأطراف التي تتقاسم الحكم في العراق.
وكان يعمل في الفترة الأخيرة من رئاسته على حل الأزمة بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان.
عانى طالباني متاعب صحية في السنوات الأخيرة، وتلقى علاجا خارج العراق وأمضى آخر فترات علاجه في ألمانيا. ففي عام 2007، تلقى علاجا من الجفاف والإرهاق في الأردن. وفي عام 2008، خضع لعملية جراحية في القلب بالولايات المتحدة.