بين البرزاني وسليماني: أكثر من رسالة وأكبر من تعزية
محمد شفيق
بغداد | بدا لافتاً قيام رئيس إقليم كردستان السابق، مسعود البرزاني، بتعزية قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، بوفاة والده، عبر رسالة كُتبت بالفارسية، وأعلنتها القنصلية الإيرانية في أربيل. إلا أنها مرّت مرور الكرام إعلامياً، بل إن بعض وسائل الإعلام لم يأتِ على ذكرها نهائياً، لتنكشف لاحقاً معطيات جديدة بشأنها قد تبدل مسار الأزمة بين بغداد وطهران من جهة وأربيل من جهة أخرى برمته.
ما رشح خلال الساعات الماضية يفيد بأن رسالة التعزية كانت أكثر من واحدة وأكبر من تعزية؛ فالأولى كانت معلنة، أما الأخيرة فاعتمدت السرية، وتضمنت «تظلمات وندماً وشكوى وإقراراً بالخطأ»، وهو ما أجمع عليه أكثر من مصدر كردي، في حديثٍ إلى «الأخبار» عن الرسالة.
المصادر كشفت عن الخطوط العريضة لـ«الرسالة المطوّلة»، وقالت إن البرزاني طلب من سليماني بـ«أسلوب الرجاء» تشجيع بغداد على الحوار مع أربيل، وعدم المضي في إجراءاتها التصعيدية، وتجنّب المزيد من المواجهات العسكرية، إضافة إلى شكوى البرزاني من «خيانة الأميركان» له وللكرد، في تكرار لسيناريو اتفاقية الجزائر في عام 1975 (وقّعت هذه الاتفاقية بين العراق وإيران، بإشراف الجزائر، ومفادها تحديد الحدود بين البلدين).
البرزاني أبدى استعداده لفتح صفحة جديدة من التعاون مع طهران، والاعتذار عن جميع الأخطاء التي ارتكبها، وإصراره على إجراء الاستفتاء. وهو الأمر الذي أعلن عنه صراحة في مقابلة مع مجلة «نيوزويك» الأميركية، والتي نشر موقع «رووداو» الكردي المقرّب من البرزاني مقتطفات منها أمس، وجاء في المقابلة أن الاستفتاء تسبّب في بعض العقبات، وأن الكرد أخطأوا عندما لم يجروا الاستفتاء قبل هذا الوقت (25 أيلول الماضي).
في السياق، رأى القيادي في «الجماعة الإسلامية الكردستانية»، أحمد حمه، أن رسالة البرزاني «تعكس تخبّطاً سياسياً يعيشه وحزبه»، معتبراً أن «التقرّب لدول ومعاداة أخرى محاولة فاشلة ولن تحل الأزمة مع بغداد». ودعا حمه قادة الإقليم إلى التوجه لبغداد، وفتح حوار مباشر وشامل لإنهاء أزمة الاستفتاء وما نتج منها من تداعيات، محمّلاً البرزاني مسؤولية تردّي الأوضاع في الإقليم على مختلف المستويات.
وفي محاولة اختراق ثانية للأزمة، كشفت نائبة كردية، لـ«الأخبار»، عن اجتماع ضمّ مسؤولين إيرانيين (لم تفصح عن أسمائهم) بسداد البرزاني، شقيق مسعود ومستشاره في أربيل، بداية الأسبوع الحالي، من دون التطرق إلى نتائج الاجتماع. كذلك أشارت إلى أن حزب البرزاني بدا في اجتماعٍ له، أول من أمس، متفائلاً أكثر من أي وقتٍ مضى بحل الأزمة، مضيفة أن أحد المجتمعين أسرّ إلى الصحافيين بأن «القادم سيكون جيداً… والأمور ستكون على ما يرام».
وكان «الحزب الديمقراطي الكردستاني» قد عقد، أول من أمس، اجتماعاً برئاسة البرزاني، هو الأول من نوعه بعد قرار الأخير التنحّي (عن رئاسة الإقليم) أواخر الشهر الماضي، جرى خلاله «بحث آخر التطورات على الساحة الكردية والعراقية، وتحضيرات الحزب للمرحلة المقبلة».
إلى ذلك، وفي دعوة كردية هي الأولى من نوعها، وجّهت النائبة عن حزب البرزاني، نجيبة نجيب، دعوة إلى رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي لزيارة كردستان. ونقلت وسائل إعلام محلية عن نجيب قولها إنها «تدعو العبادي إلى زيارة الإقليم لمعاينة نسبة الفقر في محافظاته، قبل أن يقدم على قطع الموازنة أو تخفيضها»، مشيرة إلى أن دهوك (أقصى شمالي العراق) تُعتبر من أفقر محافظات البلاد لافتقادها الموارد.